الدبكة الحورانية.. إرث ثقافي محلي متوارث
تعرفوا على ميزات الدبكة الحورانية وطرائفها
ليست الدبكة مجرد حركات يؤديها الراقص من تحريك الجسد في إطار فردي أو جماعي ضمن حركات متسقة، مثل تشبيك الأيادي والدوران في مساحة معينة مع ضرب الأرجل على الأرض وهز الأكتاف، الدبكة لدى أبناء “حوران”، و “وحوران” هنا تشمل البقعة الجغرافية الممتدة من “القنيطرة” إلى “درعا” إلى “السويداء”، هي إرث ثقافي محلي متوارث يمتاز بخصوصية ثقافية مميزة جنوب البلاد.
سناك سوري – شاهر جوهر
تتشابه الدبكة في “حوران” بين المناطق الثلاثة “القنيطرة” و”درعا” و”السويداء”، من حيث الموسيقى واللحن والحركات لكنها في درعا تأخذ بعداً ثقافياً مميزاً ولهذا انتزعت اسم “الدبكة الحورانية” لهذا الشأن.
في درعا لا يبخل السكان في الإغداق على الأعراس والحفلات وخصوصاً فيما يتعلق بتجهيز مكان ومستلزمات الدبكة، من تجهيز ساحة العرس والتي في غالبها تأخذ شكلاً دائرياً مستوي السطح، وقد بات يتم فرشه مؤخراً بالسجاد وفي وسطه برج منار بالمصابيح الكهربائية. كما يتم بناء خيم كبيرة حول الساحة وتجهيزها بالشاي والقهوة المرّة.
تمتاز الدبكة الحورانية بأسلوبها المحلي في تأدية الرقصات. وهذه الحركات الراقصة ثابتة وأساسية منذ عقود طويلة بأن يقوم “الدبيّكة” (الراقصون) بشبك أيديهم ببعضها البعض مشكلين نصف دائرة، بحيث تلتصق الأكتاف بالأكتاف، ثم يسيرون بشكل جانبي ودائري وينتقون حركات معينة متسقة وموحّدة.
تبدأ الدبكة بالسير خطوة قصيرة وموحدة تبدأ بالرجل اليسرى و بخطوتين قصيرتين باتجاه اليمين ثم الضرب في الثالثة بالرجل اليسار على الأرض ضربتين متتاليتين.
ومع مرور الوقت بات الشبان ينتقون حركات جديدة كالتقدم للأمام بخطوتين والتراجع للخلف باثنتين، مع الحفاظ على عدد الخطوات وأسلوب الدبكة، أو حتى القفز في الهواء بشكل جماعي أو ربط الأيدي ببعضها والمرجحة بالهواء في قفزات طويلة ومتقنة.
أيضاً في الدبكة الحورانية هناك “الروّيس” وهو قائد الدبكة، يحمل عصاه في يده ويقود الدبكة، وغالبا ما يكون الروّيس شخص يحترف الرقص والدبكة، أي هو بمثابة قائد الفرقة.
اقرأ أيضاً: “شاباش”.. كلمة تسخين العرس في الجزيرة السورية!
أما عن مواعيد الدبكة الحورانية فغالباً ما تكثر في أمسيات فصل الربيع، وهي في عمومها تأخذ شكل الدعوة العامة، ولا ضير هنا من مشاركة النساء في الدبكة والغناء، لكن هذا الأمر يختلف من مكان لآخر ومن قرية لأخرى وحتى من حي ومن عائلة لأخرى، فمشاركة النساء في الدبكة هو أمر متعلق بطبيعة مدى محافظة العائلة أو المنطقة. فالبعض لا يمانع الأمر في حين يخصص آخرون مكان آخر للنسوة للاحتفال والدبكة والرقص بعيداً عن مكان الرجال.
تبدلت أمور كثيرة خلال العقود الماضية فيما يتعلق بطريقة و أسلوب الدبكة وكذلك التكاليف المادية للحفلة وتجهيزاتها، ففي الثمانينيات كانت الدبكة تتم بغناء نسوة الحي ممن يمتلكن صوتاً جميلاً وسط الدبيكة، ويقوم شخص بالعزف على آلة “المجوز” والتي تعد أحد أشهر الفنون الشعبية في الموروث الثقافي والشعبي في حوران، والمجوز آلة موسيقية قديمة ينفخ فيها، تتكون من جهتين ومن خيزران القصب ومن أنبوبين متساويين الطول، كل أنبوب لديه حوالي أربعة أو ستة ثقوب صغيرة للإصبع. ولا يمكن أن يكون هناك دبكة بدون مجوز فهو أساس العمل في هكذا مكان. أما اليوم فقد تطورت أمور كثيرة فقد تم اعتماد مكبرات الصوت وآلة الأورغ مع الاحتفاظ بعازف المجوز.
كما يعتمد المطرب أو ما يطلق عليه محليّاً اسم “الشاعر” وكذلك عازف المجوز على دمج الأغاني والألحان، إذ بالإمكان دمج جميع الأغاني بأغنية واحدة وبلحن واحد، ومن طرائف الموسيقى في الدبكة الحورانية أنه يتم غناء الأغاني الوطنية والقومية وكذلك أغاني الدي جي والرومنسية وكذلك أغاني شارات المسلسلات السورية مع موسيقى المجوز وبلحن واحد. وأمام هذا لمعت في الموروث الشعبي اليوم عدة أسماء لمطربين شعبيين ولعازفين محليين مثل “بندق” و”فرج قداح” و آخرون.
اقرأ أيضاً: الزواج بالربيع.. سر حذاء العريس.. ماذا تعلم عن طقوس الأعراس بسوريا؟