مجلس الشعب السوري في عام… كيف كانت جلسات ممثلي الشعب!؟
سناك سوري-رحاب تامر
يقول الفيلسوف الإنكليزي “بيرتراند راسل”: «لا أخشى فراق أحد أبداً من يرحل اليوم يأتي أجمل منه غداً»، في الواقع السوري تبدو هذه المقولة حمالة أوجه، فمن جهة لا يخشى المواطن فراق أحد مسؤوليه إن رحل، ومن جهة ثانية فإن القادم لن يكون أجمل من الراحل، والتاريخ السوري يشهد على تلك الحالة، (وشو بدنا نعد لنعد، عدوا إنتوا بقلبكم طبعاً).
وبما أنه لا خشية على راحل ولا فرح بقادم، فهلموا بنا نستعرض مآثر وإنجازات وتصريحات البرلمانيين السوريين، خلال العام الذي نودعه بعد أيام قليلة، نحو عام قادم ومزيد من الإنجازات والتصريحات.
بدأ العام الحالي بتصريح ناري لرئيس البرلمان “حمودة الصباغ” إذ قال في الجلسة الأولى لمجلس الشعب شهر كانون الثاني الفائت للعام الجاري إن «الحملات الإلكترونية اشتدت علينا عبر الفيسبوك ومشتقات وسائل التواصل الاجتماعي والتي يدار أغلبها من الخارج ويقع في حبائل هذه الوسائل من هم في الداخل سواء عن قصد أم عن غير ذلك فيروجون لها ويعملون على انتشارها مع كل ما يحمل ذلك من بلبلة في صفوف الرأي العام».
كان ذلك بمناسبة أزمة الغاز التي فتكت بكرامة المواطنين السوريين، دون أن يدركوا أنهم كانوا مُدارين من الخارج بمشتقات التواصل الاجتماعي وهم الذين أمضوا أيامهم بحثاً عن مشتقات النفط.
في الشهر ذاته، رأى رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب “حسين حسون” أن الإجراءات النوعية التي أعلنت عنها الحكومة حينها ضمن ما سمته الخطة البديلة لمواجهة الحرب الاقتصادية ستصب في مصلحة الوطن والمواطن بلا شك، لاحقاً لم ينل المواطن من ذلك النجاح سوى الأزمات، وارتفاع سعر صرف الدولار، والمواد الغذائية، فما هو معيار النجاح في ذلك، (الجواب عند الذي رأى، مش عنا، نحن ما رأينا).
“الصباغ” الذي جامل رئيس الحكومة “عماد خميس” في الجلسة الأولى ورمى المسؤولية على الخارج في الأزمات التي كانت تعيشها البلاد، سرعان ما طالب الحكومة بعقد اجتماع عاجل مع كافة الأطراف المسؤولة عن توزيع الغاز لمعالجة الأزمة، لكن الحكومة خزلته ورفضت الاجتماع مبررة الأمر بأنها اجتمعت كثيراً حول الأمر مؤخراً، (وهيك صار).
في شهر شباط الفائت، كان أبرز ما حدث في مجلس الشعب هو وعد وزير التربية “عماد العزب” برفع تعويض طبيعة العمل للمدرسين، وحديث وزير التقانة والاتصالات “إياد الخطيب” عن نقلة نوعية في عالم الإنترنت السوري خلال 3 سنوات، الوعد الأول لم يثمر بعد رغم انقضاء حوالي العام عليه ولم يتابع النواب تفاصيله أو ما حدث به، في حين الوعد الثاني المتعلق بالانترنت مايزال ساري المفعول.
أما في شهر آذار فقد قرر البرلمان تحويل لجنة الشكاوى والعرائض في مجلس الشعب، إلى لجنة الشكاوى والرقابة، بما يضفي بعداً “رقابياُ” على الاسم، وقال النائب “محمد خير سريول” مقرر اللجنة، حينها إن إضافة صفة “الرقابة” بدلاً من “العرائض” سيدفع اللجنة لممارسة الرقابة على أعمال وأداء الوزارات، إضافة إلى مناقشتها الشكاوى لإثبات صحتها من عدمه، ما حدث لاحقاً أن المواطن لم يلمس أي تغيير سوى بالاسم فقط.
وإلى شهر نيسان، حيث خرج رئيس البرلمان “الصباغ” بقرار حاسم يقضي بنزع الفيميه عن سيارات النواب تماشياً مع الحملة ضد الفيميه آنذاك، وقال مصدر لـ”سناك سوري” حينها إن “الصباغ” بدأ من سيارته.
نيسان.. شهر الزعل
قال النائب “فراس سلوم” خلال الجلسة الأولى للمجلس بعد عطلة البرلمان بحضور الفريق الحكومي إن الحكومة والمجلس في خندق واحد ضد الشعب، فغضب “الصباغ” وحذف العبارة من محضر الجلسة وكأنها لم تكن، ليرد عليه “سلوم”: «بزعل»، لكن “الصباغ” قال له: «إزعل.. نحن مع الشعب»، في حين طالب “خميس” النائب بذكر موضوع واحد الحكومة تقف فيه ضد الشعب، (الأمثلة كتيرة وما بتساعها مقالتنا هذه).
في شهر حزيران، واجه النائب “نبيل صالح” هجوماً من زملائه البعثيين وطالبوه بحذف المنشورات التي تحدث فيها عن أسلمة الدولة والحزب عبر صفحته الشخصية في فيسبوك، وكان يبدو أن النواب متابعين جيدين لمشتقات التواصل الاجتماعي، لكنهم لا يرون فيها معاناة المواطن ويشنوا هجوماً على الحكومة، بل رأوا حرية تعبير زميلهم وقرروا أن يركزوا هجومهم عليه.
الشهر ذاته شهد انتخابات رئيس جديد للبرلمان، لم يتقدم أحد سوى “حمودة الصباغ” ففاز بالتزكية، كما درجت العادة، وهو الشهر الذي أقر فيه النائب “صفوان القربي” بالمشكلات التي تسبب بها قانون الجرائم الالكترونية، قائلاً «لو عاد الزمن إلى الوراء، فإن المجلس سيكون أكثر تدقيقاً وتشدداً بالموافقة على القانون»، ولكن الله يطعمنا الحج والناس راجعة.
شهر نيسان كان غنياً إلى حد ما بصخب النواب، فهو الشهر الذي اتهم فيه النائب “عارف الطويل” الحكومة بحجب خدمات الواتساب، واصفاً الأمر بالسلوك العدائي الذي تمارسه على الشعب، في حين دعا زميله “نبيل صالح” إلى تشكيل هيئة مستقلة، مهمتها التحقق من نظافة الأموال الخاصة بطبقة الأثرياء الجدد، وسؤالهم “من أين لكم هذا” قبل أن يستفحل فسادهم، وتزداد قوتهم على حساب قوة مؤسسات الدولة.
في الجلسة ذاتها أعلن رئيس مجلس الشعب انتهاء أعمال الدورة العادية العاشرة، وبدء عطلة النواب الصيفية التي استمرت حتى منتصف أيلول، مع تأكيده أنها عطلة بالمعنى المجازي فقط، لأن «ممثل الشعب ليس لديه عطلة بالمعنى المطلق».
وهكذا مرت الأشهر الثلاث بدون وجود النواب، هي أشهر شهدت تخفيف الدعم الحكومي لمادة البنزين، وإلغائه بشكل نهائي خارج مخصصات البطاقة الذكية، دون أن يتمكن المجلس من فعل شيء وأقله كان ينبغي عليه الدعوة لعقد جلسة طارئة، لكنها لم تحدث أبداً.
اقرأ أيضاً: أبرز محطات الرياضة السورية عام 2019.. إنجازات وخيبات
بدأ النواب بجلسة مع الحكومة بعد انقضاء العطلة، قطع فيها رئيس الحكومة “عماد خميس” الشك باليقين مؤكداً أنه يتم التدقيق بملفات فساد كبيرة جداً، لافتاً أن الأسابيع القليلة القادمة «ستكشف عن محاسبة أسماء ستفاجؤون فيها»، ومرت الأسابيع دون أن يكشف عن تلك الأسماء، والأشهر دون أن يسأله النواب عن وعده هذا.
الجلسة الافتتاحية بعد العطلة استمرت 8 ساعات، وبدأت بكلمة لرئيس المجلس “حمودة الصباغ”، تحدث فيها عن “الوطنية” و”الصمود” و”التضحيات”، في حين تساءل النائب “وليد درويش”: «نتحدث دائماً عن مضاربين فلماذا لم يتم ضربهم ويتم أخذ حق الدولة والمواطنين باعتبار أنه أولوية للجميع».
في شهر تشرين الأول انشغل النواب بانتقاد موازنة الحكومة لعام 2020، لكنهم سرعان ما أقروها في الشهر الذي يليه كما هي تماماً.
الهجوم الذي شنه النواب ضد وزير النفط “علي غانم” في إحدى الجلسات البرلمانية معه خلال تشرين الأول، أثارت غضبه خصوصاً حين قال النائب “حسين عباس” إن العرض الذي قدمه الوزير حول أداء وزارته لم يختلف عن عروضه السابقة، في حين اتهم نواب آخرون وزارة النفط بأنها تعلّق فشلها في إدارة ملف الغاز والمازوت والبنزين على الأزمة والحصار.
لم تثر أي نقاشات جدلية في مجلس الشعب خلال شهر تشرين الثاني باستثناء إقرار الموازنة التي اعترض عليها النواب في الشهر السابق، بينما أقر أعضاء مجلس الشعب بأغلبية الأصوات تعديلاً قانونياً يفرض زيادة الرسوم المالية على الطلاب المتقدمين لامتحان الشهادة الثانوية اعتباراً من العام الدراسي 2020- 2021، في شهر كانون الأول الجاري.
وكان ختامها مسك، مع هجوم شنه النواب على زميلهم “حسام قاطرجي” بسبب المقطع الذي انتشر له مؤخراً خلال مروره بين مجموعة مقاتلين يؤدون له التحية العسكرية، وطالبوه بالاعتذار عن المشهد، ليستجيب لهم ويقدم اعتذاره للشعب السوري عمّا ورد في المقطع المنشور، ومن ثم نشر اعتذاره على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهكذا انقضى العام 2019 على النواب، الذين قد لا يتواجد عدد منهم في البرلمان خلال العام القادم حيث من المقرر أن تجري انتخابات جديدة، وكما بدأنا مقالتنا هذه ننهيها بقول الفيلسوف الإنكليزي “بيرتراند راسل”: «لا أخشى فراق أحد أبداً من يرحل اليوم يأتي أجمل منه غدا»، والجدلية السورية التي تؤكد أن القادم ليس أجمل بالضرورة.
اقرأ أيضاً: كان عاماً مليئاً بـ ” شو الدولة أمك خيت بيك “..