2023 .. الانتهاكات بحق الصحفيين في سوريا لا تعرف حدوداً
وهن عزيمة الأمة وتغطية الاحتجاجات ... أبرز أسباب الاعتقال في 2023
لم يختلف العام 2023 عن سابقيه لناحية ازدياد التضييق على الصحفيين والناشطين في مواجهة التعبير عن آرائهم، ليجدوا أنفسهم تحت مقصلة رقابة قانون “جرائم المعلوماتية” الذي يراقب كلماتهم بشدّة.
سناك سوري – دمشق
لا تزال تهمة “وهن عزيمة الأمة” تمثّل عنواناً أساسياً لتوقيف الصحفيين والناشطين في سوريا لعام 2023. وذلك على الرغم من الانتقادات التي تطال هذا النوع من الاتهامات. والاستنسابية في تطبيقها مع غياب معايير واضحة للتنفيذ. علماً أن الانتهاكات وتوقيف الصحفيين لا يتقصر على مناطق سيطرة الحكومة السورية بل يتعدّاه لبقية المناطق بمسمّيات واتهامات مماثلة.
توقيفات في ظل الزلزال
في شهر شباط تم توقيف الشاب المعروف في الوسط الرياضي محمد غزال والمُلقّب “بالدوشكا” على خلفية حديثه عن وقوع سرقات أثناء توزيع المساعدات للمتضررين من الزلزال.
فيما أَخلتْ السلطات سبيل “غزال” كابو ألتراس نادي “أهلي حلب” بعد أيام قليلة على توقيفه. جراء ما أثاره من موجة سخط عارمة في ظل ظروف الكارثة التي كانت تمرّ بها البلاد حينها.
ولنفس السبب، أوقفَ الناشط عمر عبد الله المعروف بدير ماما، في شهر نيسان بسبب شكوى قدمها مسؤول بحقه على خلفية منشورات كتبها على صفحته الشخصية في فيسبوك، تتضمن الحديث عن توزيع المواد الإغاثية للمتضررين من الزلزال. ليُخلى سبيله بعد نحو 20 يوماً على توقيفه.
الناشط “رامي فيتالي“ اعتُقلَ في آذار من العام الجاري بسبب منشور كتبه قبل عام على حسابه الشخصي على فيسبوك. وانتقدَ فيه تعرّض طفل للتعنيف في أحد مخافر “اللاذقية”.
وطالب “فيتالي” حينها بمنع العنف ضد الأطفال الأحداث الموقوفين.ليبقى إثر ذلك قيد الاعتقال حيث واجه تهمة الإساءة لوزارة الداخلية والتعامل بالقطع الأجنبي بسبب مبلغ يعادل 400 ألف ليرة سورية. تلقّاه كمساعدة للأطفال. فيما أفرج عنه لاحقاً بعد ستة أشهر من التوقيف بكفالة مالية بلغت 100 ألف ليرة سورية.
في شهر أيار، اعُتقلَ الناشط وآدمن صفحة “اللاذقية عين على الحقيقة” مهند حسن بعد أقل من شهر على زفافه. وبحسب المعلومات المتداولة حينها فإن إيقاف “حسن” جاء على خلفية منشور له حول عدم عدالة التوزيع في عمل إحدى المؤسسات الخدمية في “اللاذقية”.
جرائم المعلوماتية مجدداً
وفي شهر حزيران أُوقفَ الناشط عبد اللطيف البني لـ 30 ساعة، في نظارة مديرية التل بريف دمشق، نتيجة شكوى ضدّه متعلّقة بالجريمة المعلوماتية.
وقال البني في منشور له على صفحته الشخصية بعد إخلاء سبيله، أنّه سألَ عن فحوى الشكوى المقدمة ضده ليأتيه الرد من دورية قسم الأمن الجنائي التي أوقفته بعبارة «بالقسم بتعرف».ووصفَ البني ما حصل معه قائلاً «مهزلة التوقيف غير القانونية على طريقة كل مين إيدو إلو».
وفي نهاية شهر تموز، اعُتقلَ الناشط فراس غانم لمدة خمسين يوماً .قضى نصفها بالحبس الإنفرادي بعدَ أن نشر على صفحته أنّه مطلوب للمثول أمام العدالة. بسبب منشوراته على فيسبوك التي تنتقد الوضع المعيشي الراهن، إضافةً لمنشورات تحمل مقاربات وأبعاد سياسية. يتناول فيها قضايا عامة وعالمية ويُجري عليها إسقاطات محلية غير مباشرة.
وبعد إطلاق سراحه أعلن “غانم” اعتزاله كتابة المنشورات السياسية على إثر تعهد كتبهُ لجهة أمنية خلال اعتقاله. بعدم نشر أي منشور سياسي على وسائل التواصل الاجتماعي.
في شهر آب، أُوقفَ مدير الإخبارية السورية سابقاً “مضر إبراهيم” الذي اشتهرَ بآرائه الجدلية، بقضيّة جرائم معلوماتية. وكانَ إبراهيم قد هاجمَ استضافة الكاتب المصري”يوسف زيدان” الذي اتهمه بالتطبيع مع الاحتلال. على شاشة الإخبارية السورية تموز الفائت. ليُخلى سبيله بعد يوم على توقيفه.
اعتقال لمى عباس بعد دعوتها للاحتجاج
تصاعدت شهرة الصحفية والناشطة “لمى عباس” مع مقاطع البث المباشر التي كانت تنشرها عبر فايسبوك. بالتزامن مع حالة الاحتقان الشعبي إثر قرار رفع سعر المحروقات. حيث كانت “عباس” تدعو للاحتجاج ضد الوضع الراهن. ومحاسبة الفاسدين.
كما أظهر مقطع بثّته من داخل منزلها محاولة اعتقالها لكنها رفضت تسليم نفسها للدورية الأمنية إلا بموجب “مذكرة إحضار” رسمية.
إلا أنها تعرّضت للتوقيف في أيلول الماضي أثناء عودتها من “جبلة” إلى “دمشق”. وتداولت مصادر إعلامية أنباءً غير مؤكدة عن أن “عباس”. تواجه تهمة وهن نفسية الأمة والخطف وطلب الفدية والتحريض على التظاهر والإساءة للحليف والعمل بالدعارة.
بينما كان توقيف الصحفي والعضو المتمرّن في اتحاد الصحفيين علي داؤود في تشرين الأول. بسبب منشور له عبر فيسبوك انتقد فيه ارتفاع أسعار المحروقات. ليؤكد مدى التضييق الذي يتعرض له الصحفيون وعدم قدرتهم على انتقاد أي تفصيل في الأداء الحكومي.
أُخلي سبيل “داؤود” بعد أكثر من أسبوع على توقيفه وقد أكّد مدير صفحة “شبكة أخبار جبلة الأولى” أن الجميع قد يتعرّض لموقف يؤذيه على الصعيد الشخصي والعملي. وأضاف: «الخط والنهج الذي سرت عليه منذ بداية الأزمة في سوريا سأبقى محافظاً عليه. ولن يثنيني عن ذلك شيء. ثقتي كانت وما زالت بعدالة القضاء السوري والذي أنصفني».
كما تعرّض الناشط ” بشار نجلا“ للتوقيف من مقر عمله في مصفاة بانياس على خلفية منشوراته على فيسبوك بتهمة “وهن عزيمة الأمة”.
“نجلا” الذي عمل سابقاً كمعد للبرامج في قناة الميادين اعتادَ كتابة آرائه السياسية عبر فيسبوك. لكنه عزفَ عن ذلك قبل توقيفه بسبب عدم امتلاكه الشغف أو الاهتمام بأي قضية، داعياً السلطة لإيقاف ملاحقته.
الانتهاكات في الشمال السوري
الانتهاكات بحق الصحفيين كانت حاضرة في مناطق سيطرة “جبهة النصرة” والفصائل المسلحة في ريفي “حلب” و”إدلب”.
حيث وثّق المركز السوري للحريات الصحفية عدّة انتهاكات بحق الصحفيين كان أبرزها إقدام عناصر فصيل “الشرطة المدنية” على اعتقال الصحفي “حامد العلي” من مدينة “جرابلس” شمال شرق “حلب”. على خلفية منشور له عبر فيسبوك أبدى فيه رأيه بالانتخابات الرئاسية التركية. إلى أن أفرجت عنه بعد عدّة ساعات لتعود وتحتجزه ثانية وتطلق سراحه في اليوم ذاته.
فيما احتجزت عناصر “النصرة” الناشط الإعلامي “علي علولو” في بلدة “كللي” بريف إدلب، وذلك على خلفية تصويره مظاهرات خرجت في البلدة. كما اعتَقلت الناشط الإعلامي “عمر نزهت” بعد تصويره لاحتجاج الأهالي بالقرب من دوار سرمدا بريف إدلب.
فيما اعتدت عناصر فصيل “الشرطة المدنية” على الناشطين الإعلاميين “أحمد الخطيب وأبو بكر السقا” بالضرب والمنع من التغطية الصحفية في مدينة “أعزاز” شمال “حلب” بتاريخ 23 حزيران حسبما وثّق المركز الصحفي للحريات الصحفية.
وفي شهر آب، أقدمَ أشخاص ملثمون عرّفوا أنفسهم بأنّهم أعضاء في قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية، على اقتحام مكتب الصحفي والمراسل السابق للتفزيون الإخباري ARK TV “برزان حسين لياني“، الواقع في شمال شرق سوريا. وقد اقتادوه إلى مكان سري ولم يُسمح له بتوكيل محامٍ للدفاع عنه.
وسبق أن تعرض “لياني” لمضايقات من “الإدارة الذاتية” (تسيطر على مناطق واسعة في الجزيرة السورية). حيث تم توقيفه عن العمل كمراسل تلفزيوني قبل 3 أشهر. وتوقيفه 45 يوماً في سجن “القامشلي” بتهمة العمل لصالح وسيلة إعلامية غير مرخّصة.
استمرار اعتقال محمد الصغير
فيما استمرّت قوات “الأسايش” التابعة لـ”قسد” باعتقال مراسل الإخبارية السورية الصحفي “محمد الصغير” منذ عام 2019، بتهمة إعطاء محاضرة في المركز الثقافي بمدينة الحسكة تُناقش فيه أوضاع مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “قسد”. في حين لم تجد بيانات الاتحاد الدولي للصحفيين التي طالبت بالإفراج الفوري عن “الصغير” بسبب حالته الصحية المتدهورة على خلفية إصابته بعدة جلطات، أيّ استجابة حتى الآن.
وفي شهر كانون الأول أقدمَ مسلحو فصيل “الشرطة المدنية” على اعتقال مراسل تلفزيون سوريا الذي يبث من تركيا “همام الزين” مع عدد من الإعلاميين. بالإضافة إلى تكسير معدات التصوير الخاصة بهم ومصادرة قسم آخر. وذلك أثناء تغطيتهم مظاهرة احتجاجية في مدينة “الراعي” بريف حلب الشمالي. فيما ذكر ناشطون أن الاعتقالات طالت أيضاً مصوّر “تلفزيون سوريا” “نزار أبو أيمن” ومراسل المركز الإعلامي السوري “ملاذ الحمصي”.
يُذكر أنّ “سوريا” من الدول التي تتذيّل الترتيب العالمي لمؤشر حرية الصحافة لعام 2023 الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، الذي يقيّم حرية الصحافة في 180 دولة ومنطقة سنوياً. محتّلة المرتبة 175، ومتفوّقةً على “اليمن” و”العراق” بضيق أفق العمل الصحفي. حيثُ عُدّت من المناطق الأسوأ في العالم في مجال الحريات الصحفية.
اعتقال صحفي سوري في تركيا
بينما صدر حكم بالسجن لمدة ست سنوات بحق مدير قناة “أورينت” علاء فرحات ومقدم برنامج “تفاصيل” أحمد الريحاوي. بتهمة الإساءة للجمهورية التركية. وذلك إثر قيام الريحاوي بطرد محلل سياسي تركي في شهر آذار الفائت، على الهواء مباشرة.
وكانت قناة “أورينت” قالت بأن الضيف تحدث بكلام استعلائي يعبر عن كراهية وعنصرية تجاه السوريين الموجودين في تركيا. ما استدعى طلب المذيع منه أن يتحدث بلباقة أو أن يغادر الاستديو.