إقرأ أيضاالرئيسيةحرية التعتير

هل هؤلاء حقاً من محبي حلب؟

عذراً حضرات السادة “المسائيل” فمحبة حلب لاتكون بارتداء “بلوز” كتب عليها أنكم تحبون هذه المدينة التي دفعت في الحرب أبهظ الأثمان. عذراً حضرات المسائيل فإذا مشيتم بضعة أمتار فيها والتقطت عدسات الإعلام لكم عشرات الصور فهذا لايعني أنكم من محبي حلب ولا يتحسن حالها بذلك.

سناك سوري – بلال سليطين

كما لا يتحسن إذا وضعتم مجسماً كتب عليه أنكم تحبون حلب. كما أن ألوان قوس القزح لا تعيد اللوحة الفسيفسائية كلاً موحداً.

عذراً سيدي القارئ فأنا لا أدعو لكي يتسيد الموت والقبح والظلام في مواجهة الحياة ورسالة الحياة. إلا أن هذا الذي حدث في عيد السياحة العالمي بحلب ليس رسالة حياة.

ماحصل جزء لا يتجزأ من سياسية قديمة متجددة تعتمد على إرسال الرسائل للخارج “شوفونا نحنا عايشين. ومستمرين بالحياة” بينما رسائل الداخل الموجهة للمواطن الصابر الصامد. إما “مت أو دبر راسك بالموجود”.

حب حلب يا سادة يكون عندما يعالج هؤلاء المسؤولين عن عاصمة الاقتصاد السوري مشكلاتها ويعيدون الحياة إلى مفاصلها المختلفة. وهذا لا يحتاج إلا للعمل والفعل. أما الكلام عن حبها فالناس هي من تقول إن هذا المسؤول من محبي حلب فعمل من أجلها. وبمناسبة قول المسائيل “أنا أحب حلب” تقول جدتي رحمة الله عليها “مداح نفسه كذاب”.

اقرأ أيضاً: بعيداً عن كورونا … فعالية رسمية بيوم السياحة العالمي

لن نطيل كثيراً وإنما سنستعرض بعضاً من واقع حلب. هذا الواقع الذي لا يتركها عليه من أحبها.

هل دقتم طعم الخبز في حلب؟. نعم الخبز. الذي يقال إنه خط أحمر. شعب حلب يأكله مع هدايا قد تكون أحياناً قطعاً من المعدن. مخبز الحمدانية والحاضر والاتحاد والوحدة … إلخ تقدم شيئاً يشبه الخبز لكن لايمكن أن يكون خبزاً وذلك أمام أعين كل المسؤولين. (طبعاً الخبز بيتحس يوم وبيسوء عشرة. حتى صار الأهالي بيقولوا موسم الخبز الكويس بأي فرن هلا؟ في إشارة إلى تبدل نوعية الخبز بين الأفران).

هل وقفتم في طوابير على دور الخبز؟. هل ناوب أبناؤكم على فرن الخبز للحصول على ربطة بعد سبع أو ثماني ساعات. بينما يأتي شاب أزعر أو فتاة بهزة خصر فيحصلون عليها بدقيقتين من باب خلفي؟.

هل سألتم أهالي ريف “السفيرة” الذين ألزمتموهم العودة إلى منازلهم كيف يعيشون فيها؟.. عن واقعهم وماذا يحتاجون؟. هل علمتم أنه ليس لديهم وسائل نقل تنقلهم إلى المدينة؟.

اقرأ أيضاً: شحود: ازدحام برنامج احتفالية السياحة دليل على تعافي مدينة حلب

من يحب “حلب” لا يسمح لسائقي التكاسي بأن يأخذوا من مواطن أنهكته الحرب أضعاف أجرتهم لكي يقلّونه إلى الأحياء الشرقية. (الشرقية. التي أشبعتمونا خطابات عنها “لا شرقية ولا غربية”).

من يحب حلب يمنع سرافيس الشعار والميسر والجزماتي والقاطرجي أن يأخذوا 60 ليرة زيادة عن التسعيرة من مواطن بالنسبة له دفع 60 ليرة يسبب أزمة في نظام حساباته للمأكل والمشرب يومياً. ناهيك عن مناطق المشهد والزبدية والعامرية التي لا يوجد مواصلات إليها. علماً أن كل السرافيس للأحياء الأخرى تسعيرتها 40 ليرة.

في حلب يا أعزائي يمضي الأهالي في بعض الأجزاء من أحياء الميسر وحلب الجديدة وطريق الباب وقرية بنيامين وميسلون وضهرة عواد …. إلخ أياماً وليالي وشهور بلا ماء أو كهرباء. هل تمضون أنتم معهم يوماً واحداً؟.

وكذلك “مسكنة” التي حرمت أيضاً من مياه الري لتعود الزراعة إليها وتغذي الاقتصاد الوطني. هذا الاقتصاد الذي أنهكته الحرب ألا تريدون له أن يتعافى.

اقرأ أيضاً: في حلب تستطيع شراء الطعام بدون مال!

كما أن محب حلب الحقيقي هو ذلك المواطن البسيط الذي عاد إلى منزله في وقت تركتم الأنقاض في الشوارع تقطع طريقه إليه. أنقاض وأوساخ في “باب الأحمر. وكرم الطحان والميسر والمقامات. وصلاح الدين .. إلخ وما نتج عنها من طوفان الصرف الصحي وانتشار القمامة والقوارض والحشرات التي أشبعت سكان حلب لسعاً خلال فصل الصيف قبل أن يوجه محافظ حلب بضرورة رش المبيدات قبل أيام. أي بعد انقضاء الصيف.

كما أن محبي حلب هم أطفالها الذين يجلسون على الأرض في مدرسة سيف الدولة لأن المقاعد لم تعد تتسع لهم. بينما تجلسون أنتم في قصور وتقولون إنكم تعملون من أجل الأجيال القادمة. عن أي أجيال تتحدثون. عن آلاف الأطفال المتسربين الذين لا تفعلون شيئاً لإعادتهم إلى مقاعد الدراسة أم عن مئات الأطفال المتسولين الذين ينامون في الشوارع أمام أعينكم وكلما جاء مسؤول في منظمة إغاثية دولية تأخذونه لكي يراهم؟!.

أطفال “حلب” الذين يدرسون بين الأنقاض ومع الجرذان في مدرسة “نهاد صابرين” منذ عامين دون أن تكلفوا خاطركم عناء تحسين مدرستهم في العطلة الصيفية.

اقرأ أيضاً: “صفة” ترفع أسعارها بشكلٍ مفاجئ في حلب

ولا بد أن محبي حلب لا يتركون أهلها في العام الماضي دون أن يؤمنوا لهم مخصصاتهم من المحروقات للتدفئة في ظل بردها القارس. هل تعلم عزيزي القارئ بماذا طالب أهالي حلب المسؤولين عن مدينتهم؟ لقد طالبوهم بأن تكون الأولوية في توزيع المحروقات هذا العام للمواطنين الذين لم يصل إليهم الدور في العام الماضي” تخيل يرعاك الله” دور المحروقات للعام الماضي لم ينتهي إلى اليوم. (يعني ممكن كل 3 سنين يعطوك محروقات تدفي عن سنة والسنتين التانيات تدفى بالشعارات).

من يحب حلب عاصمة الاقتصاد السوري يسارع لإعادة العمل إلى المناطق الصناعية فيها ويوازن بينها فلا يفضل واحدة على أخرى. ويهتم بأحيائها كل أحيائها فلا يدفع الكاميرا لتصوير مناطق القلعة والأموي من الوسط لأنها تحظى بالإهتمام بينما يترك الأحياء الأخرى بدون اهتمام تغرق بآثار الحرب والدمار والفساد والترهل وسوء الإدارة وغياب الخدمات … إلخ.

كل هذا الذي قلناه ولم نتحدث عن التشبيح والفلتان الأمني. وواقع الصناعة والزراعة والمستشفيات بما فيها مستشفى الجامعة والسكن الجامعي … إلخ.

بربكم في ظل هذا الواقع ألا تخجلون من القول إنكم تحبون حلب؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى