الرئيسيةيوميات مواطن

مخاتير بالأحياء المنكوبة.. التوقيع من ذهب والوقت من فضة

من لا يستطيع أن يكون خادماً ناجحاً للناس المتضررين فليستقل

البارحة أنهيت عملي، وتوجهت بكل ثقة عند الساعة الـ3 ظهراً، إلى منزل مختار القرية التي أعيش بها في محافظة اللاذقية. بوصفي متضررة من الزلزال والحصول على ورقة ربما أستطيع من خلالها تحصيل حقوقي أو جزء منها. فأنا من تلك الطبقة التي تأكل وتشرب ولا تملك أكثر من ثمن طعام يومها، وهذا عزٌّ لا يضاهيه عزّ اليوم.

سناك سوري-خاص

كنا كُثر نحو 50 مواطناً اجتمعنا لذات الغاية، ليباغتنا المختار “البيسة” ويقول لنا إن وقت الدوام الرسمي ينتهي عند الساعة الـ2 ظهراً. مضيفاً لنا نحن الجموع البائسة بأن للمنزل حرمته التي لا يجوز انتهاكها بمطالبنا “التافهة”.

علَت الأصوات قليلاً، إلا أنها سرعان ما خمدت عند إصرار المختار “البيسة” بأنه لن يوقع ورقة واحدة، متذرعاً بالضغط الكبير ويده التي “اخضرّت”. بمعنى أنها لم تعد تطاوعه ليستمر بالتوقيع والعمل.

اقرأ أيضاً: ناشطون: شخص يطلق النار على السيارات تحت جسر جبلة المنكوبة بالزلزال

عدنا أدراجنا خائبين، كأي سوري آخر يعيش على متن هذه البلاد، انتصر المختار “المُتعب”، وهزمنا نحن المتعبون المتهالكون، ذلك الذي خسر منزله. وآخر بعضاً من أفراد أسرته، وآخرين وأنا معهم خسرنا القليل الوحيد الذي كنا نمتلكه كضمانة نحمي بها قليل أموالنا. لحاجة في المستقبل ربما تكون عبارة عن “طعام وشراب” فقط.

انتهت القصة هنا، أقلّه هذه القصة انتهت لصالح “اليد العليا” التي تتحكم بمصائر الآخرين ومصائبهم، دون أي قدرة على احتوائها.

نحن لم نكن مواطنون عاديون، نحن أهل وأقارب وجيران هذا المختار، ومع ذلك تعامل معنا بنظرة فوقية دونية وكأننا درجة عاشرة بعد المليون. ربما هو متعب، ربما أنهكه أنه مختار قرية منكوبة، لكن الظرف كبير ومؤلم وقاهر، يتطلب وجود أشخاص قادرين على الاحتواء. ومن لا يجد في نفسه تلك الصفة فليتنحى، أو فليُنحى، لأن لا أحد منا يمتلك القدرة على الصبر أكثر.

في هذا الظرف يبرز الدور المهم لمعاون المختار، فلماذا لا يتم تسمية معاونين يتقاسمون جزءاً من المسؤولية، دون أن يحملها شخص واحد. فتشكل ضغطاً كبيراً عليه للدرجة التي قد تعيق العمل كما في هذه القصة.

اقرأ أيضاً: مليون ليرة رسوم نقابة المهندسين لترميم المنازل المتضررة بالزلزال!

زر الذهاب إلى الأعلى