الرئيسيةرأي وتحليل

لماذا لا نرى ناطحات السحاب في سوريا؟ – حسين خليل

هل خطر في بالكم هذا السؤال وهل حصلتم على الجواب؟

لماذا لا نرى ناطحات السحاب في “سوريا”، هل خطر في بالكم هذا السؤال يوما من الأيام؟، يعود ذلك السؤال الموغل في الطفولة، ليحفر من جديد في رأسي ألا وهو. لماذا يمنع بناء ناطحات السحاب في البلاد، و هل الأسباب علمية بحتة أم أن هناك شيئا متعلقا بالروتين و البيروقراطية المنسوبة لحكوماتنا المتعاقبة؟.

سناك سوري-حسين خليل

كطفل صغير يقيس الأمور بمقياس المظاهر المادية، لم يلفت انتباهي تقدم الغرب تكنولوجياً ولاصناعياً ولاحتى رياضياً، ولم أكن أولي انتباها لكل هذا وإنما كانت تنهش لحمي تلك الدول الغنية بناطحات السحاب، كنت أحسدها حقا وأشعر بأن ذلك الارتفاع العمودي هو مقياس تقدمها، وأعد غيابها مقياسا لتخلف البلدان التي لا تملكها ونحن منها ليس لشيئ، هكذا جاء هذا الشعور من الفراغ.

كان السؤال طفوليا بريئا وكان الجواب طفوليا أكثر، لقد وجدت تفسيرا وتبريرا لذلك الموضوع، إنهم بكل بساطة لايريدون لأحد أن يرتفع، كان عقلي وقتها مسطحا ومؤلفاً من بعدين (طول وعرض) وليس فيه بعد ثالث يسمى الارتفاع، كانت هذه هي الطريقة التي يفكر فيها طفل زرعوا في رأسه بذور الاشتراكية، نعم ليس هناك في هذا الوطن سوى “بعدين” طول وعرض ثمة من جاء و اشترى الفراغ و منع النمو العمودي لهذه الأوطان.

في مرحلة لاحقة تغير التفكير وطردت من عقلي تلك الأوهام القديمة لتحل محلها مجموعة من التبريرات التي تقول بأن طبيعة التربة، فربما وقوعنا على خط نار الزلازل والبراكين. هو المانع وراء ذلك مع أن دولا أخرى بنت ترسانة من الناطحات على رمال الشواطئ والصحاري و هي واقعة على خط نار حالها كحالنا، من جديد..طار ذلك المبرر أدراج الرياح و عادت رحلة البحث عن مبررات.

اقرأ أيضاً: عن الدراهم التي يبصقها الصراف في وجهي وملذاتي الشخصية

في مرحلة جديدة لاحقة اقتنعت (أو ربما أقنعوني) بأن حالة الحرب مع إسرائيل لابد وأنها المسوغ لذلك، وأن ناطحات السحاب لو وجدت لكانت الهدف الأول والرئيس لضربات العدو في حال حصول حرب بيننا وبينهم فالحكومة عندنا والله أعلم قد اتبعت طريقة درهم الوقاية لتوفر على نفسها قنطارا من العلاج.

فيما بعد اكتشفت أن دولا كثيرة أمورها مع جيرانها على المحك، وأن حربا ضروسا قد تندلع في أية لحظة زمنية ومع ذلك فبناء الناطحات جارٍ على قدم وساق، وخاصة في مناطق النزاع والمستثمرون لا يعيرون انتباها للذين يهللون للنار والفولاذ فكان ملاذي وتبريري الأخير بأن هناك معاهدة دولية أو ربما اتفاقية ما تحظر بناءها، ها هنا .

(فتشت ونبشت كثيرا) كما قالها الكبير نزار قباني في التاريخ، فلم أجد ذكرا ولا حتى التفاتة لمثل هذه المواضيع فعاد السؤال نفسه ينهش في خاطري وعاد الجواب نفسه يتردد مكررا نفسه بطريقة الصدى: “انهم لا يريدون لأحد أن يرتفع ها هنا”، فيما عدا هذا ليس هناك من تسويغات وليس هنالك أصدق ولا أنقى من الجواب الطفولي النابع من عقلية عذراء لم تتلوث بغبار الطلع الذي ينفثونه في كل مكان.

اقرأ أيضاً: الحياة الهادئة نعمة – شاهر جوهر

زر الذهاب إلى الأعلى