الرئيسيةحرية التعتير

في اليوم العالمي للأسرة.. عائلات سورية كسرتهم الحرب وقلبت حياتهم

أسر فقدت معيلها وأحبتها.. أب بقي وحيداً.. وأم تشكو الحرب التي لم تترك عزيزاً إلا وأخذته 

سناك سوري – دمشق- حلب – القنيطرة

كثيرة هي التحديات التي واجهت الأسر السورية خلال سنوات الحرب ومازالت حتى اليوم تظهر نتائجها فمن آلام الفقدان والحرمان والفقر والتشرد والجوع إلى مظاهر التفكك الأسري والطلاق.. الخشية اليوم من آثار العنف الذي تعرضت له هذه الأسر والذي من المتوقع أن تمتد آثاره لسنوات طويلة.

وفي اليوم العالمي للأسرة الذي يصادف في الخامس عشر من شهر أيار نستعرض بعضاً من قصص التحديات التي واجهتها الأسر السورية ففي “القنيطرة”، ليست ”وداد“ الأولى ولا الأخيرة من بين النسوة اللواتي تعايشن مع واقع جعلهن يتحولنّ لأم وأب في نفس الوقت، إنها الحرب التي ثكلت أمهات كثر في هذه المحافظة، الحرب التي “لا تعرف” – كما تقول وداد – “عزيزاً إلا وأخذته”.

بجبين مغضن بالتجاعيد ووجه سفعته الشمس تروي ”وداد“ (49 عاماً) المقيمة في قرية “نبع الصخر” في ريف “القنيطرة” الأوسط  لـ”سناك سوري” قصتها فتقول :« بدأت معاناتي حين خرج ابني ”سعيد“ (31 عاماً) من المنزل (منتصف عام 2015) ليشتري الخبز، استوقفته سيارة نوع تايغر وهي تشبه السيارات التي كان يركبها مقاتلي الفصائل الإسلامية، تحدثوا معه قليلاً ثم صعد معهم بكل هدوء ولم يعد منذ ذاك اليوم، هذا ما أخبرني به شهود في الحي رأوا الحادثة، حاول زوجي معرفة مصيره، لذا ذهب إلى قادة جميع الفصائل التي كانت في البلدة يستسمحهم معرفة مصيره لكن لا أحد منهم قال أن ”سعيد“ موجود لديهم».

العمل بالزراعة لإعالة الأسرة في القنيطرة
العمل بالزراعة لإعالة الأسرة في القنيطرة

لم تتوقف معاناة “وداد” عند هذا الحد، فقد خسرت أيضاً ابنها “عبد الرزاق” (22 عاماً) بعد عام من فقدان “سعيد” حيث تقول:« كان “عبد الرزاق” يزور أحد رفاقه في قرية “رويحينة” في “القنيطرة” حين وقعت اشتباكات عنيفة بين عدة فصائل تتبع للمعارضة في البلدة، في ذلك اليوم أخبره صديقه أن يبقى في منزله لحين انتهاء الإشتباكات لكنه خشي أن يطاله القصف في المنزل فقرر المغادرة، وفي الطريق أصابته رصاصة طائشة وقتلته».

تغيرت حياة ”وداد“ بشكل كبير، فالسيدة التي كانت تحيا في سعادة وبحبوحة من العيش، كسرتها الحياة بفقد أولادها ومرض زوجها، وهي تعيش اليوم في ظل واقع معيشي غاية في الصعوبة لتعيل أولادها الصغار، فزوجها مريض بالسكر والضغط ولا قدرة له على العمل، مايضطرها للعمل في الأرض بشكل قاسي لتطعم أسرتها.

اقرأ أيضاً:قروض الصناعي طلعت لغايات أخرى.. ارتفاع عدد السيدات المعنفات والفروج انخفض بعد معركة.. أخبار الصباح

وفي “حلب” لم يبقِ للمسن “أحمد السلطان” أحد في مدينته، وحدها صورة زوجته التي فقدها منذ تسع سنوات وبناته  “فاطمة ومريم” اللواتي هاجرن إلى “ألمانيا” موجودة في محفظته الصغيرة.

يروي الرجل العجوز في حديثة مع سناك سوري أنه يتواصل مع بناته عبر رسائل صوتية يرسلها لهن من جوال جاره كل عشرة أيام.

أحمد السلطان

يشتكي “السلطان” من حاله الذي أوصلته إليها الحرب ويقول:«لم يعد لي أهمية في حياة بناتي أصبحت وحيداً وإذا لم أرسل لهم مقطعاً صوتياً لايفكرون بالاتصال بي وعندما أطلب منهم العودة يقولون لا نترك أزواجنا ونعود»، يضيف:«لم يعد لوجودي أهمية في حياتهم».

يستذكر الرجل الوحيد أنه في إحدى المرات فقد وعيه في منزله وبقي يومين بدون طعام أو دواء، لكنه يشكر الله على نعمة الجيران الذين استفقدوه ودخلوا المنزل وأحضروا له الطبيب، لافتاً إلى أنه يحاول التخفيف من وحدته بالعمل حيث يقف أمام تجمع سرافيس “الميدان” في حي “المنشية القديمة” ينادي على الركاب.

اقرأ أيضاً:عذراوات ضحايا جرائم شرف… والأعداد في إزدياد خلال الحرب

ومن “دمشق”  تقول “هدى حمادة” :«الحرب أثرت على الجميع لكن بالنسبة لي خسرت سيارتي لأنني اضطررت لبيعها بهدف إنشاء مشروع صغير يؤمن عيشنا أنا وولدي، خسرت المال بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مفاجئ وسريع، ، أما زوجي فقد سافر للعمل بالسعودية وانقطع عنا بالتدريج بسبب خوفه من الحرب فوقع الطلاق بيني وبينه منذ خمس سنوات».

هدى حمادة
هدى حمادة

الحرب أثرت على تعليم الأولاد أيضاً حسب “حماد” فتقول:« ابني خسر جامعته بعد أن التحق بالخدمة العسكرية، لأنه استنفذ سنوات الدراسة المحددة في الجامعة، واضطررت لبيع بيتي لاحقاً والسفر مع ابني الثاني إلى “لوكسمبورغ” حتى لايتكرر معه ماحدث مع أخوه فلا أريد أن يضيع مستقبله، طبعاً ابني البكر لم يستطع السفر معنا لأنه عسكري وزوجته فلسطينية لا تستطيع السفر لأي دولة إلا بشكل نظامي، فاضطررت لتركهم في سوريا على أمل أن أستقر هنا في “لوكسمبورغ” أنا وأخوه وأستطيع أن أؤمن له سفر بشكل نظامي».

المراسلون: شاهر جوهر – لينا ديوب- بريوان محمد

اقرأ أيضاً:مدير شؤون الأسرة: نعمل على حماية النساء المُعنفات والمُبِلغين عن التعنيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى