الرئيسيةرأي وتحليل

عن يوميات الحزن العادي -ناجي سعيد

ويزهر وطنٌ يمزق أبناؤه يوميات الحزن العادي

“..نالوا عقابًا على جريمة غامضة”، هكذا وصف محمود درويش حالة الشعب الفلسطيني في كتابه “يوميّات الحزن العادي” الصادر عن دار العودة في العام 1988.

سناك سوري _ ناجي سعيد

هذا دون أن يعلم أنّ شابًّا من أجيال بعيدة لاحقة خرج كما ..”كانوا يخرجون من البؤس في الصباح الباكر ويعودون إلى البؤس في الغروب الباكر”. حيث “كانوا ينتظرون المطر، فجاءهم الموت غزارة المطر”، وقد كان يصف “درويش” الشعب المظلوم “ظلم القرن”، إلاّ أن الظلم لم يتسنّى له المبيت في أحضان براءة الأمّ الفلسطينية.

فخرج الابن المظلوم ليعلن بلسان محمود درويش: “من أجل ماذا ماتوا؟ لم يموتوا من أجلنا كثيرًا. هم ضحايا لا شهداء.. ماتوا من أجلِ أن نعمّق كراهيتنا للظلم والاغتصاب”.. نعم فحتّى لو سارع أمين عام الأمم المتّحدة ببيان يستنكر تصعيد لغة العنف بين الظالم والمظلوم.

ومن منظوري اللاعنفي الذي أؤمن به، لا أنفي أبدًا حقّ السكّين في مواجهة يد الجلاّد التي تضرب بالسوط على أجساد المظلومين. فالجلاّد كسر باب التاريخ عنوةً وتربّع على عرش قائمة أقبح الجرائم وأبشعها. وحق الفلسطينيين مواجهته على الأقل بمنعه من جلدهم.

اقرأ أيضاً:الشفقة على الذات في مواجهة الغضب – ناجي سعيد

اللاعنف فلسفة لا علاقة لها بالجبن والهروب أو الاستسلام، اللاعنف ليس وضع وردة في فوّهة بندقيّة، عنوان اللاعنف هو المواجهة، والمواجهة عكس الطاعة والخضوع للظلم، فمن يتّهم اللاعنف برماة الورود هو خاطئ.

فاللاعنف الذي يبدأ بالمواجهة، يمقت الرضوخ للظلم.

وفي عودة لمحمود درويش: ” في المحكمة- المسرحيّة، استجوب المحامي جنديًّا اسرائيليًّا من الذين اشتركوا في المذبحة (كفر قاسم):

_ هل صحيح أنّك تعمل في البلاد، وأنه طيلة حياتك أدخل إليكَ الشعور بأنّ العرب هم أعداؤنا؟

الجندي: نعم…

القاضي: ولو جرى معك في كفر قاسم ما يلي: بعد الساعة الخامسة نادتك إمرأة، وكنت متأكّد من أنها ليست خطرة ولا تُهدّد الأمن..تطلب منك السماح لها بالعبور إلى بيتها..هل تسمح لها؟.

الجندي: لا أسمح لها”..

لا يحتاج الفلسطينيون إذناً من أحد لكي يقاوموا، فانتفاضة العام 1987 مدرسة في المقاومة اللاعنفية. واللاعنفيون في العالم على مر التاريخ لو كانوا أحياء لقاموا جميعاً بتشجيع أبناء بلدٍ مزّقوا هويّته، ويجهدون لمحوه عن الخارطة، أن يرفعوا الغضب  بوجه كيان يحترف لغة القتل، فالغضب الساطع آتٍ..ليزهر وطنًا يمزّق أبناؤه “يوميّات الحزن العادي”!

اقرأ أيضاً:عن قضية ويليام نون… الاحتجاج على الظلم أمرٌ حتمي -ناجي سعيد

 

زر الذهاب إلى الأعلى