
سناك سوري-رحاب تامر
12000 بقرة مستوردة من ألمانيا وصل منها إلى مرفأ طرطوس على متن بواخر عملاقة “آمنة” 600 بقرة كدفعة أولى، عبروا البحار بكل أمان يمتلكون أوراقاً رسمية معززين مكرمين.
بالمقابل قرابة 600 ألف لاجئ وصلوا إلى أوروبا عبر “البلم” يتهددهم خطر الموت في كل لحظة والكثير منهم فقد حياته وحياة عائلته غرقاً في البحر، هنيئاً للأبقار الأجنبية وتباً لنا نحن العرب ما أرخص أرواحنا التي تذهب إما وقوداً لحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل “وبالمناسبة تبا للناقة والجمل”، أو وقوداً لمستقبل اعتقدنا أنه ينتظرنا خلف هذا البحر الذي أحضر لنا الأبقار آمنين وبصحة جيدة.
حسناً إذاً الأمر بسيط جداً، الحكومة الألمانية ترحب باللاجئين وتفتح لهم سبل الحياة من تعليم وعمل لاستثمار إمكانياتهم، خدمة لألمانيا لا للاجئ السوري وهذا حق لها، أما نحن في سوريا يبدو أن حكومتنا لا تعرف التعامل إلا مع “البقر” فهم أقل تطلباً وأقل “نقاً” منا نحن البشر، ولذلك فقد تناست اللاجئين إلا من خطبها، وركزت جل اهتمامها على “البقر” فكما يقال لدينا “الي عندو بقر ما انفقر”، وهي استراتيجية تمشي عليها حكومتنا الرشيدة.
الأبقار الألمانية القادمة من أجود السلالات ونحن العرب يهمنا جداً موضوع السلالات أولسنا نحن من أجود السلالات أيضاً!، الأبقار القادمة ستنتج سنوياً حوالي آلاف الأطنان من الحليب، وستوزع على المزارعين الذين بات بإمكانهم الحصول على إحداها بقرض ستقدمه الحكومة الخبيرة بالتعامل مع الأبقار، ولم نتذمر نحن بلد زراعي نعرف كيفية التعامل مع الأرض والحيوانات وفشلنا في معرفة كيفية التعامل مع البشر والكفاءات العلمية.
صديقي المزارع حاذر وأنت تتعامل مع بقرتك الألمانية، عاملها بكل لين ورقة، تذكر أنك حصلت عليها بقرض ستدفع دم قلبك لتوفيه، تذكر أيضاً أنه مقابل هذه البقرة هناك مخترع، مهندس، طبيب، حصلت عليهم ألمانيا بدون أي مقابل وخسرهم بلدك، تذكر أن الأبقار الألمانية ثمنها غال غال جداً.
ومن يدري لربما تقام حلقات الدبكة ابتهاجاً بقدوم الوافدين الجدد، وقد نجتمع مع أطفالنا نغني لهم، أهلا بيكم أهلا بيكم طلائعنا بتحييكم……الخ.