الرئيسيةحرية التعتير

رقصة آخر الليل.. هزّي خصرك وأحيلي الحزن رماداً _ رحاب تامر

الراقصة في الغالب لا تتقن فن الخطوة في الحياة، تلجأ إلى عالمها الخاص، برقصة آخر الليل وتشعل الكون ضوضاءاً!

سناك سوري-رحاب تامر

إغواء رجل هو آخر ما يهم سيدة ترقص فوق جراحها، تذكرها جرحاً جرحاً، ثم تحيلها رماداً بهزة خصر، ذلك التمايل قد يسلب لبك عزيزي الرجل، لكنه ليس موجهاً لك، حتى لو اعتقدت، حتى لو قالت لك ذلك لا تصدقها أبداً، إنها تريد في تلك اللحظة أن ترسلك نحو الغيم ليس إلا.

هناك أنواع كثيرة للرقص، الشرقي ورغم كل حقدي على هذه الكلمة هو أبلغها تعبيرا عن سيدة محترمة تتعالى فوق سقطاتها وخيباتها، وترسلها نحو الهاوية بقدمين جسورتين تتقنان فن الخطوة جيداً، وأرداف تتحرك بخفة بالغة، وزراعان يكملان المشهد، بتمايل يضبط على إيقاع موسيقا خارجية، أما الشعر فليس دخيلا أبدا، هو سرب فراش يتحكم به رأس امرأة حالمة بالفرح.

الراقصة في الغالب لا تتقن فن الخطوة في الحياة، وفي الغالب هي فاشلة بطريقة أو بأخرى، تلجأ إلى عالمها الخاص، برقصة آخر الليل وتشعل الكون ضوضاءاً، تستذكر خيبات نهارها أو اعتياديته، وتهز جسدها بتناغم حر يمنحها بعضاً من الاستثنائية التي تبحث عنها.

اقرأ أيضاً: فلسفة الكعب العالي.. المازوشية اللذيذة! – رحاب تامر

للمرأة الراقصة فلسفتها الخاصة، هي لا تؤمن بمقولة الطير يرقص مذبوحاً من الألم، بل تنتهج فلسفة أخرى تقول إن الفراشة ترقص فوق الألم حتى تحرقه وكأنه لم يكن، لا أحد يستطيع هزيمة امرأة تلجأ للرقص آخر الليل ثم تستفيق صباحاً وكأنها تكتشف أنوثتها للمرة الأولى.

ربما لا أتشارك مع كثيرات في رؤيتي هذه، لكننا نحن الذين نمثل هذا النموذج موجودات حقاً، نؤمن بأن أجسادنا ملك لنا، تماما كما هي أرواحنا، ليست فنادق للايجار ولا منازل للسكنى الأبدية، هي لنا ولنا فقط، نشعلها رقصا مرة، وفي المرة الثانية نرتمي فوق فراش أصم لا حول لنا ولا قوة، نؤمن بأن الحياة لا تحمل الفرح كل لحظة، تماما كما لا تحمل الخيبة في كل لحظة أيضاً.

ولو تسألون ما خصنا لسماع رؤيتك هذه، أنا أيضا أسأل نفسي لماذا أتشاركها معكم، شيئ خاص كهذا ربما ينبغي أن يبقى طي الكتمان كملك شخصي، لكن الصورة المتداولة عن استجابة أحد محال بيع اللانجري وبدلات الرقص في دمشق لمبادرة وزارة الأوقاف “زكاتك خفض أسعارك”، قد أشعلت بداخلي رغبة الكتابة عن تجربتي مع الرقص والتي بدأت منذ مراهقتي البعيدة وحملتها معي إلى سنواتي المتقدمة هذه.

الصورة ذكرتني ببدلة الرقص التي ابتعتها يوماً، ولم أرقص بها سوى أمام المرآة، إنها حالة خاصة جداً، تتفوق في خصوصيتها على العلاقة بين رجل وامرأة.

اقرأ أيضاً: ليلة حمراء ! – رحاب تامر

يقول “محمود درويش”:

الفراشة تنسج من إبرة الضوء
زينة ملهاتها
الفراشة تولدُ من ذاتها
والفراشة ترقص في نار مأساتها نصفُ عنقاء
ما مسّها مسنّا
شبهُ داكنٌ بين ضوءٍ ونار
وبين طريقين!
لا .. ليس طيشًا ولا حكمةً حُبنّا
هكذا دائمًا, هكذا .. هكذا!
من سماءٍ إلى أُختها يعبرُ الحالمون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى