الرئيسيةيوميات مواطن

شتيمة بحجم يلعن أبوكي.. نماذج من ازدراء صاحب القرار لعامة الناس

فوقية صاحب القرار بالتعامل مع الآخرين.. ما خفي أعظم!

سناك سوري-رحاب تامر

لم تكن حادثة المصعد الكهربائي للصحفية “نعمى علي” وطفلتها الرضيعة، اللتان حبستا بالمصعد الكهربائي بأحد بنايات مدينة “طرطوس” قبل أيام، دون أي استجابة من عمال طوارئ الكهرباء لإنقاذهما من لحظات الخوف، الوحيدة من نوعها التي تظهر ازدراء صاحب القرار (سواء كان مسؤولاً أم موظفاً) تجاه من يحتاج الخدمات العامة التي يكون مسؤولاً عنها.

“علي” كانت تحتاج الكهرباء لعدة دقائق قصيرة جداً، لتصل مع طفلتها الرضيعة بالمصعد الذي توقف بهما نتيجة قطع الكهرباء، لكن جواب عمال الطوارئ كان واضحاً: «مو حرزانة نجيب الكهربا نص دقيقة طلعوهم بشكل يدوي»، تصف الوالدة العبارة بأنها “تكسر الوجدان”، (وربما يكون حلّ هذه المشكلة بالتعليم الوجداني الذي أطلقته التربية هذا العام، والله أعلم).

قبل حادثة الأم وطفلتها الرضيعة بعدة أيام قليلة، جرى الكشف عن حادثة أخرى لا تقل ازدراء في التعامل مع عامة الناس، إذ قال وزير الكهرباء “غسان الزامل” خلال ندوة الأمن الصناعي والسلامة المهنية إن «”المدير الذي قال عن أحد العمال مات الله لا يرده” سيتم إعفاؤه ويحاسب، وموقفه غير مقبول أخلاقياً ومهنياً»، وذلك رداً على إحدى المداخلات.

حتى حرمة الموت لم تنجّ من ازدراء أصحاب القرار، وعوضا من تأمين تكريم لائق للعامل الذي خسر حياته خلال عمله، جرى التعامل مع الأمر بمنتهى قلة الإنسانية، قد يكون تصرفاً فردياً، لكن غالباً “صاحب القرار” في هذه البلاد يشعر بأنه لابدّ أن يطاع “عالعميانة”، ويرى غالباً أن من حقه قول ما يريد وقتما يشاء، رغم أن القوانين في ظاهرها لا تدعم هذه النظرية أبداً.

غالباً “صاحب القرار” في هذه البلاد يشعر بأنه لابدّ أن يطاع “عالعميانة”

الحديث عن ازدراء أصحاب القرار للمواطنين، لا يمكن أن يمرّ بدون التذكير بحكاية الصحفية “رحاب الإبراهيم” مراسلة صحيفة تشرين المحلية، التي قال لها مدير جمارك “دمشق” حينها بالحرف “يلعن أبوكي“، لأنها ألحت عليه تريد معلومة وتعاوناً من المديرية في التعاطي مع عملها.

موقف رابع يستحق الوقوف عنده، هو ما ذكره وزير التربية الأسبق “هزوان الوز” عام 2017، حين توجه للمعلمين قائلاً حينها: «من يعتبر أن راتبه غير كاف بإمكانه الاستقالة»، خصوصاً أنه موقف صادر عن مسؤول كبير وظيفياً ومن المفترض أنه “مثال يحتذى” لبقية المسؤولين الأقل شأناً.

اقرأ أيضاً: سوريا.. إقالة مدير عقب مطالبته بوقف الهدر في مؤسسة حكومية

ما خفي أعظم

كُتب لتلك الحوادث أن تبصر النور، وتساهم في تكوين رأي عام مُضاد لها عبر السوشال ميديا، لكن ماذا عن العديد من الحوادث الأخرى التي لم يكتب لها أن تبصر النور “فيسبوكياً”؟.

في العام 2011 إبان بدء الأزمة السورية، جلس أحد أقاربي من الدرجة الأولى وهو عامل بسيط، في جلسة “سمر” مع زملائه في العمل، وقال لهم: «بستغرب كيف مديرنا بالو فاضي وجاي ياكل عصافير مشوية عالغدا، بالوقت يلي مامنعرف شو مصير ولادنا وهالبلد»، سكت العامل البسيط الذي أفرغ هواجسه دون أي ضوابط، ليقوم أحدهم بنقل العبارة إلى المدير طمعاً ببعض المكاسب و”نيل الرضى”.

كانت ردة فعل المدير (لم يعد في منصبه) غير مفاجئة البتة، نقلّ العامل “المُتحدث بما لا يجب”، إلى أحد أخطر الأقسام في المنشأة النفطية التي كان يعمل بها، وكون صحة العامل “على قدها” طلب تقاعداً مبكراً وكان له ما أراد ليخرج من وظيفته قبل 4 سنوات من تقاعده الفعلي.

مدير (لم يعد في منصبه) ينقل عامل لقسم خطر، لأنه استغرب تناول المدير عصافير مشوية

حادثة أخرى جرّت في إحدى المؤسسات الإعلامية قبل عدّة أعوام، كان “صاحب القرار” في زيارة لها يستمع “لشجون الصحفيين والصحفيات”، لتبادر إحداهنّ بالقول له إن رواتبهم لا تكفي أكثر من أجرة طريق للوصول للعمل، مطالبة إياه بتخفيف الدوام قليلاً، ليرّد عليها بنظرة فوقية قائلاً: «يلي ما عمتوفي معو يترك ويعطي مجال لغيرو بيقبل بالراتب».

لم يكن وقتها الفيسبوك قد اكتشب شهرة كـ”حلال مشاكل” بعد، وبالتالي لم تأخذ تلك المواقف نصيبها بالظهور والانتشار عبر السوشيل ميديا، وربما مثلها الكثير من الحوادث المشابهة، التي تمرّ دون أي مساءلة فقط لأنها لم تظهر للعلن، فمن يحاسب صاحب القرار مهما علا أو قلّ شأنه حين يزدري عامة الناس؟.

اقرأ أيضاً: اعتذارات وتقبّل عتب ومناصرة صحفي.. تغيير بالنهج الحكومي أم حركات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى