الرئيسيةفن

سينما عبد اللطيف عبد الحميد.. قلب عبر كل المحطات

الحب في سينما عبد اللطيف عبد الحميد

علت أصوات “ابن آوى” منذ 33 عاماً ولكنها لم ترعب “اسماعيل” أو تمنعه من مراقبة جارته “سلمى” ليلاً نهاراً، ولم تثنِ من عزيمته في الوصول لقلبها، أرسل الكثير من الرسائل الشفهية و المواويل منها “ميجانا ويا ميجانا يا ميجانا عيونك وصدرك عيشوا أمواتنا”، بالاستعانة بالوسيط “غسان” الذي عاد بجواب يملأه استحالة قبول “سلمى” له، «روح قلو بتقلك سلمى الله لا يطيب عيشك والله يلعنك ويلعن هيك مواويل وقلو كمان الله يكبر عقلك قد ما هو منخارك كبير»، لاحقاً لتهديه الحياة ظروفاً أراحت قلبه و أرقصته فرحاً بانتصاره وزواجه منها.

سناك سوري – ناديا المير محمود

ظروف حياتية أخرى أوصلت ” ليلى” إلى دمشق ليبدأ طريقها المليء بالشغف وحب الحياة منذ ساعات وصولها الأولى بدقة قلب “لرمزي” ،لتتابع الطريق بدقة قلب ثانية “لسليم” ،ليعود “عادل” من دق قلبها أول مرة له، عشق ثلاثي فارضاً كل منهم نفسه بطريقته لإقناعها بشخصه وكسب حبها، فاختار قلبها “رمزي” الذي أهدتها إياه أيضاً الظروف ليشاركها السكن معها ومع أخيها.

بقي الحب حائماً في سماء العاصمة، ولكن لكل قاعدة استثناء قد يكسرها “فاختلاف الرأي أفسد ود القضية” في زمن الحرب السورية و كل محاولات العاشقين “طرفة وجولييت” باءت بالفشل لإثبات وجودهما فحكم الموت صدر بحقهما حباً وحياةً.

مقالات ذات صلة

في مشهد آخر يعيش حب الشيطان في تفاصيل لا تراها الأعين، مشاعر مكبوتة أعيد تدويرها لتناسب المشهد الحاضر، فها هما “عامر” و”ندى” زوجة صديقه السجين شاهدان أكدا أن المرء قد يكون سجيناً بدون قضبان، فقد بررا مالا يألفه المحيط بالحرمان النفسي و الجسدي لغياب زوجها وعدم انسجامه مع زوجته أيضاً، لنكون أمام خلل أصاب شبكة العلاقات الاجتماعية في اتصال لا رد عليه سوى أنه خارج تغطية المألوف.

اقرأ أيضاً: عبد اللطيف عبد الحميد : كتبت رسائل شفهية عارياً

– فمن صوّر حالات الحب تلك الطبيعية منها أو المليئة بإشارات الاستفهام؟

المؤكد أنها موجودة، ولكن الحقيقة الأجمل أنها منسوجة من مخيلة شخص واحد استطاع توصيفها بواقعية جعلتها دائمة الحضور معبرة عن أعماق كل واحد فينا لنكون جميعنا في ذهن وتحت مرمى نظر المخرج السوري “عبد اللطيف عبد الحميد”
بإيمانه المطلق أن البساطة كفيلة بتعرية حقيقة كل منا في جميع الحالات التي استخرجها للوصول بصدق، سواء أكان حباً كرهاً نصراً أو هزيمةً وباختلاف مناطقنا أكنا أبناء ريفٍ أو مدينة، لينجح في جعل حياتنا منهلاً استقى منه صور شخصياته و أحاديثهم المليئة بالعفوية.

كما لم يقتصر الحب الموجود في قلب المخرج “عبد الحميد” على حصره بعلاقات بين البشر، متوجهاً للحب بمعناه الأشمل أي محبة كل ما هو جميل يروي الروح، فنظرته الأعمق تجسدت في فيلم “نسيم الروح” فها هو يوصل عشقه للملحن الراحل “بليغ حمدي”، ليملأ أعماق الفيلم بألحانه مع تجسيد هذا الحب من خلال البطل الذى أدى دوره “الفنان بسام كوسا” كأحد عشاقه ليزور “القاهرة” لرؤيته فلم يجد نفسه إلا حاضراً على جنازته.

تابع المخرج مهمته في نشر العشق عبر فيلم “مطر أيلول” بالتعبير عن وفائه لموسيقى أمير البزق الراحل “محمد عبد الكريم“، ليبدأه بمشهد لأمير البزق وهو يدخل دار الإذاعة السورية حاملاً معه “البزق” لعزف شارة البداية بلحن أغنيته الشهيرة “رقة حسنك وسمارك”، كتحية لفنه حيث رافقت ألحانه الفيلم.

– ما حجم قلبه الذي اتسع لكل هذه المشاعر؟

«لاريسا رفيقة عمري ودربي يعز عليّ أن أبدأ تصوير فيلمنا الجديد “الطريق” ومقعدك لأول مرة إلى جانبي فارغ، لكن كوني على ثقة أنك حاضرة في دمي وإلى جانبي روحك تحوم حولي كفراشة جميلة صباح الخير يا حبيبتي».

كلمات عبّر فيها عن الفراغ الذي تركته زوجته “لاريسا عبد الحميد” بعد وفاتها فهي من شاركته حياته وأعماله خلال عملها كمصممة أزياء، لنكون أمام سبب جوهري للعشق الواضح في أعماله، فقلبه المليء بالحب أكسبه القدرة على توصيفه في أسلوب روحاني ووجداني نواجه به عبث الأيام. رحلت عنه “لاريسا” جسداً ليأخذنا في رحلة مع المرحلة المقبلة أي ما بعد الموت عبر فيلم “الإفطار الأخير” الذي جسّد فيه معاناة زوج بعد وفاة زوجته و تعايشه مع طيفها بذاكرة مليئة بالأحداث، حتى تم اللقاء بينهما مجدداً بعد وفاته كتأكيد على خلود الحب و إهداء هذا الفيلم لروحها.

ففي كل أفلامه نراه قد احترم إنسانيتنا وبقي كمسؤول أمين عن قضايا الحب التي عبرنا من خلالها إلى القصص التي تناولها ليكون كعلامة فارقة في تاريخ السينما السورية وصاحباً لمشروع فني أحببناه واعتدنا عليه.

اقرأ أيضاً: سمير كويفاتي وعبد اللطيف عبد الحميد وذكريات الشريكة الراحلة

زر الذهاب إلى الأعلى