الرئيسيةرأي وتحليل

حافظوا على بيئة نظافتكم – ناجي سعيد

بلد تتوفّر فيه المياه والأشجار... تهرع إلى إبقاء الزعماء لا الأشجار

تفاجأ سائق التاكسي أبو محمّد لردّة فعل زوجتي، حين طلب منها رمي ورقة السندويش من نافذة السيارة، فقد سألته عن وجود كيس للمهملات، فهي ملتزمة بالحفاظ على نظافة البيئة. أمّا هو فمعتاد على رمي أعقاب سجائره والأوراق والقاذورات من نافذة سيارته أثناء عمله كسائق! حيث لا يعلم أبدًا أخطار هذا السلوك.

سناك سوري-ناجي سعيد

المسؤوليّة البيئيّة تقع على عاتق الشخص والفرد، حتّى لو كانت قضيّة عامّة. وقضيّة البيئة تختلف تمامًا عن القضايا الأخرى، فغالبيّة القضايا يعالجها القانون باستثناء البيئة. حيث يخشى الناس الوقوع في المخالفات، كي لا يخدشوا حياء “جيوبهم”!! فحرصهم المُبالغ به على تكديس الأموال وتجميع الثروة، جعلهم يتناسون أهميّة الحفاظ على البيئة.

هل يعلم السائق أبو محمّد أن استهتاره بموضوع رمي النفايات من النافذة يفضي إلى كوارث بيئيّة. لم يصدف أبدًا لهذا الإنسان البسيط الذي يسعى وراء لقمة عيشه، بأن التحق بورشة تُنظّم من قِبل جمعية أهليّة حول التوعية البيئيّة، فهذه التوعية محصورة بفئة معينة، تعتبر نفسها معنيّة بالحفاظ على البيئة، لذا نجد الناشطة البيئيّة أماني بعيني تبدأ مقالتها المنشورة في المفكّرة القانونيّة بتاريخ كانون الثاني 2020(في العدد | 62 |)، بجملة: “إنك لا تستطيع أن تحرّك زهرة دون أن تهتز إحدى النجوم” والمقال بعنوان: “قضية بسري ما بين سلطة الساحر وصرخة الصواب”! وهذه القضيّة تُشكّل فضيحة لسلطة فساد همّها ملْ الجيوب على حساب البيئة وجيب المواطن الفقير من خلال فرض الضرائب التي تذهب حصرًا إلى جيوب حيتان الفساد في السلطة الفاسدة.

اقرأ أيضاً: حق الحيوان بالعيش المحترم – ناجي سعيد

وهكذا تبقى البيئة رهينة الجشع دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة البيئة. وكأنّ الزعماء أخلصوا لنظريّة العبقري العنيف “مالتوس” الذي اهتمّ بالبيئة على حساب الناس. حيث تتنبأ نظريّة مالتوس بخطورة تكاثر الناس على البيئة. وقد اقترح مالتوس التخلّص من الناس، وهذه فكرة بيئيّة عنيفة تنبع من عبقريّة تضرب بعرض الحائط سلامة وبقاء الإنسان!.

وساهمت المؤسّسة اللبنانيّة للإرسال LBC برفع المسؤوليّة عن كاهل المواطن الفرد من خلال تسويقها لمقولة انتشرت عبر شاشتها في معظم البيوت: “شو وقفت عليّي”!! المشكلة أنّه: نعم!! وقفت على كلّ مواطن فرد. وبهذه المقولة التي انتشرت كما النار في الهشيم، كرّست لاوعي بيئي عند كلّ مواطن.

لقد ساهمتُ بشكلٍ فردي بالحفاظ على البيئة. فتربيتي لابنتي كانت بيئيّة بامتياز، فكانت حين تعود من المدرسة كانت زوجتي تُفرغ حقيبتها المدرسيّة من أوراق السندويش والشوكولا الفارغة، فابنتي لا ترمي الأوراق في الأرض! يقع بلدنا جغرافيًّا على فالق زلزال طبيعي مُعرّض لخطر التحرّك وتدمير البلد المُدمّر اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا! فكيف لا نساهم بإنقاذه ولو على مستوى فردي.

بلد تتوفّر فيه المياه والأشجار، تتصارع الفئات السياسية لجذب الأصوات الانتخابيّة في صناديق الاقتراع، لتعمي الأبصار عن البيئة وتهرع إلى إبقاء الزعماء لا الأشجار. الأشجار لو قُطعت (وهي تُقطع) لا تُهدّد بيئة لبنان وحسب، بل تساهم في زيادة فتحة الأوزون التي ترمي بالكرة الأرضيّة إلى الهلاك.

يرى السياسيون قضيّة مرج بسري ليس كما تراه الناشطة أماني بعيني، بل يراها إذا ما تساهم في زيادة نسبة الاقتراع في صناديق تُشرّع وجودهم في السلطة للمضيّ في الإساءة للوطن والبيئة. وتقول أماني في مقالتها المذكورة أعلاه: “..ولا أبالغ بالجزم أنّ تجاهل الإنسان لهذه المعادلة سيمضي أبداً – وإن تحت شعار الإنماء والإعمار – ملوّثاً ومدّمراً البيئة والوجود، إلى أن يطوي ليل الهلاك والدمار وجوده.”

هذا العنف، هو عنفٌ مغلّف بمصالح الأحزاب والطوائف، وقلّة وعي الناس البيئي، وقد واجهته المقولة الصينيّة بجملة مُهمّة: “أريجُ الزهرة يلتصق باليد التي تُقدّمها”، ولا تلتصق بيد قاطفها وقاطع الأشجار سوى رائحة الفساد والدمار الذي يُفضي بصناديق تُشرّع الفساد. الأرض لمن يُحرّرها، ولكن ليس بالفساد والسلاح، بل بالحفاظ على الدورة البيئيّة. وقد قال البيئيّون: أقطع شجرة تقتل عصفورًا.

اقرأ أيضاً: لا تبني ثقافتك على معتقدات خاطئة واتبع عقلك – ناجي سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى