الرئيسيةرأي وتحليل

تسويق الأداء الحكومي في سوريا – بشار مبارك

سناك سوري – بشار مبارك

تصدرت أزمة المناهج الدراسية الجديدة اهتمامات الناس ومحور أحاديثهم في الواقع كما على صفحات التواصل الاجتماعي، أزمة يرى المتابع لها أنها غطت حتى على أخبار الحرب، وباقي الأزمات من غلاء وأزمات المياه والكهرباء وسواها.

كثيرة هي الأزمات التي يعاني منها المواطن السوري في ظل سنوات الحرب هذه، من أزمة المشتقات النفطية إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وسواها من الأزمات التي يمكن اختصارها بحالة الفساد الذي انتشر كالسرطان في مفاصل حياتنا اليومية، فساد أخلاقي وفساد مالي والأهم فساد إداري غطى على كل ما عداه.

دائماً كان يرافق كل أزمة من تلك الأزمات حملات تعبوية، تأخذ مداها الأرحب على مواقع التواصل الاجتماعي للإشارة إلى مواطن الخلل والمطالبة بتصحيحها، ودائماً كان هنالك مستفيدون من مواطن الخلل هذه يحاولون تقزيم المشكلة أو تغييبها، أو يمارسون الحياد على اعتبار أنهم غير معنيين طالما أنّ الأزمة لم تطلهم.

مقالات ذات صلة

كل ما سبق عكس رأياً عاماً في سوريا بدأ يأخذ دوره في تصحيح الأداء الحكومي، رأي قادر على تطويع وسائل التواصل والاتصال لصالحه، في سبيل حشد الدعم وتبني الآراء وتبادل المعلومات.

إذاً هي ليست أزمة عارضة.. هي أزمة تشير في أحد جوانبها إلى خلل الأداء الحكومي الحاصل، وإلى حالة (عدم الرضى) من سلوك الحكومة بشكل عام في إدارتها للكثير من الملفات لن يكون آخرها الملف التعليمي، حيث لم تنجح الحكومة حتى الآن بإقناع جمهورها بأي من قراراتها أو توجهاتها.

كثير من دول العالم لاسيما تلك التي تخوض مشاريع تحول إنمائية واقتصادية واجتماعية بنيوية، تعمد في محاولة توجيه وعقلنة الرأي العام تجاه سياساتها وما ينتج عنها من قرارات وإجراءات إلى اعتماد مفهوم (تسويق الأداء الحكومي) بهدف خلق بيئة حاضنة مساعدة اجتماعياً تدعم هذه التحولات وإجراءاتها، وصولاً إلى تحقيق أكبر عائد وأثر ممكن من هذه المشاريع والإجراءات.

حيث تساهم عملية ” تسويق الأداء الحكومي”  في تسهيل عملية إدارة المجتمع والتواصل مع شرائحه المختلفة بهدف تمرير القرارات الحكومية والإجراءات المتخذة، انطلاقاً من عدم إمكانية بقاء حكومات هذه الدول خارج إطار قوى المجتمع الحية ومؤسساته بما فيها الحكومية أيضاً، لذلك يصبح من الضروري بمكان التوجه لخلق حوار دائم بين الحكومة وقوى المجتمع المختلفة يساعد على تفهم سياسات الحكومة وإجراءاتها، ويساعد على مساهمة المجتمع عبر مؤسساته المختلفة في إبداء الرأي تجاه هذه السياسات، بما يشكل دالة على حساسية وتوجه الرأي العام في المجتمع تجاه أي قضية من القضايا، ويؤدي إلى تعزيز دور المواطن في عملية التنمية في إطار من التشاركية بين الدولة والمواطن.

فالمواطن هو الهدف في نهاية المطاف من أي سياسة تتبناها الحكومة، لذلك تتم مقاربة قرارات الحكومة وسياساتها كشكل من أشكال المنتجات والسلع التي يسعى منتجوها إلى تسويقها للمستهلك، اعتماداً على المبدأ الأساسي الذي يقوم عليها مفهوم التسويق بشكل عام، القائل بأنّ “الانطباع الأولي يشكل أساساً في تقييم الأشياء والحكم عليها، فهو يولّد ما يعرف بأفق التوقع عند المتلقي، والذي يتحكم بمنظور المتلقي في رؤية الأشياء، إذ من الصعوبة بمكان تغيير الانطباع الأولي المأخوذ عن أي شيء مهما كان”، على بساطة هذا المبدأ وسهولته، يبدو بعيداً عن عقلية حكومتنا وممارساتها، فهي تحافظ على إرث من سبقها من حكومات في اعتباره “ترفاً إدارياً” أو مفهوماً مجرداً غير قابل للتطبيق رغم كل التجارب الناجحة في العالم المتمدن.

يقول رائد علم التسويق د. فيليب كوتلر: «ليس فن تمرير القرارات أو الأفكار بقدر ما هو فن خلق القيمة الحاصلة والمستفادة من هذا القرار بالنسبة للمتلقي، فالعمل الرئيسي يبدأ وينتهي عند المتلقي لا عند المرسِل ونوع المرسَل».

هذا المتلقي الذي هو في مثالنا الحاضر كل مواطن سوري عبر عن رأيه في انتقاده لسياسة التدجين والتهجين التي أتحفنا بها السيد مدير مركز تطوير المناهج (وهو الأمر الذي يتقنه أكثر من سواه ربما)، لتأتي قرارات (تبويس الشوارب) التاريخية للسيد وزير التربية لتعلن دون أي شك حالة الانفصال عن الواقع الذي تعيشه هذه الوزارة والقائمين عليها.

أحد المتابعين في تعليقه على قرارات السيد الوزير قال لي: «لسه كم قرار متل هي القرارات، ويمكن يعملوا مقرر جديد لكل الصفوف اسمه (المنير في توضيح قرارات الوزير)».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى