الرئيسيةرأي وتحليل

روسيا حزام النار – أيهم محمود

الأسلحة المتطورة لا تنفع.. فلا يمكن طهي الصواريخ البالستية

نعود مرةً أخرى إلى تداعيات الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان وإلى تقليص الإهتمام بمنطقة الشرق بعد التوجه نحو طاقات بديلة عن طاقة النفط، مما يجعل الاستثمارات السياسية السابقة في المنطقة غير مجدية إقتصادياً، ما يحكم العالم اليوم هو معيار الكفاءة الاقتصادية وسط صراع البقاء.

سناك سوري-أيهم محمود

لم يعد اتخاذ قرار البدء بالحروب سهلاً لأن الحروب نفسها استثمار إقتصادي بالنسبة لمن سيبدأها، فإن لم يستطع تغطية كلفتها لاحقاً عبر الاستثمار في نتائج انتصاره فيها ستصبح الحروب بلا معنى، وتؤدي إلى إنقاص فرص البقاء في هذا العالم الذي يعيش فيه عدد من البشر يفوق قدرة النظام البيئي الأرضي على إعالته.

نشوة الإنسحاب الأمريكي التي صعدت كنشوة المخدرات في عقول مدمني الحروب والانتصارات انتهت سريعاً إلى الألم الذي يعقب الجرعات الزائدة من المخدرات، لا مكان لانتصار إضافي لأي فريق فوق سطح سفينة واحدة تغرق في بحر الأزمات البيئية وأزمات الطاقة، وأزمات الغذاء، يمكن أن تنجح العملية لكن المريض بل وحتى الطبيب في حالتنا هذه سيموتان معاً.

أرمينيا، الطموحات التوسعية التركية، التحالف المرحلي المرتبك الهش مع إيران -تحالف الأخوة الأعداء-، التدخل الروسي في مستنقع الشرق الأوسط، التمرد المتزايد في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة وجنوحها نحو النموذج الغربي بعد جنوح الأم نفسها إليه، حزام أوكرانيا المتفجر، يوجد احتمال عالي الخطورة لانتقال العدوى الأفغانية إلى الحزام الروسي وبعض مناطق الداخل أيضاً، سيساهم الإنسحاب الأمريكي الجزئي في إعادة توجيه فائض طاقة العنف تجاه روسيا، نعم هو عالم متفجر حقاً فلماذا يجب على الأمريكي لعب دور الشرطي العالمي ليحظى العالم بأمان نسبي من أجل تطوير قدراته العسكرية والاقتصادية لهزيمة الشرطي نفسه، فليحترق العالم كله وليتحمل كل أفراده نصيبهم من ناره.

اقرأ أيضاً: تشابك الإدارات العالمية – أيهم محمود

لقد انهار الاتحاد السوفييتي لأسباب اقتصادية، لم تنفعه أسلحته المتقدمة المتفوقة، لا يمكن طهي الصورايخ البالستية، ما يجري حالياً حول روسيا حرب استنزاف اقتصادي، يحتاج الإنسان إلى حكمة عالية لكي لا يتورط في مثل هذا الاستنزاف، مهما كانت الخسائر الآنية كبيرة تبقى أقل بكثير من التورط في حروب لا يبدو لها نهاية.

لن تنقذ الاتفاقات الصينية – الروسية روسيا الغارقة في حزامها الناري، فالثقافتين مختلفتين وكذلك الأهداف، تحتاج الصين إلى عالم شبه مستقر لتصريف بضائعها وهذا الأمر لا يتوافق كثيراً مع آليات العمل الروسية، لذلك يبدو لي أن تحالفهما الثنائي يحمل في أعماقه مفاجآت قد لا تكون كما تمناها عشاق الأخيلة والأحلام في عودة الاعالم متعدد الأقطاب.

لقد هيمنت أمريكا على العام حين استطاعات نقل صناعات عالية التقنية من المجال العسكري إلى الاستخدامات المدنية، الانترنت مثالاً، ربما لو استطاعت روسيا تحويل جزء من تقنيتها العسكرية إلى الاستخدامات المدنية لتغيرت حالتها من الدفاع إلى الهجوم، من يكسب معركة القلوب والعقول عبر ربط الأفراد حول العالم بحركته العلمية والثقافية هو الذي سيستطيع رسم ملامح العالم الجديد القادم.

اقرأ أيضاً: قريباً السيارات الثمينة في العالم إلى الصهر – أيهم محمود

زر الذهاب إلى الأعلى