أخر الأخبارفن

المسلسلات التركية المعرّبة .. تقييد مساحة الممثل السوري الإبداعية بدوافع مادية

الناقد بديع صنيج: لا يجب أن نبقى أسرى دراما الثرثرة واللّعي

قلّل ظهور الممثل السوري في المسلسلات التركية المعرّبة من مساحته الإبداعية وقدرته على إظهار مواهبه التمثيلية. نظراً لطبيعة هذه الأعمال والميل إلى تقليد النسخة التركية منها رغم فوارق البيئات.

سناك سوري _ ناديا المير محمود

فبعد أن اكتسحت مسلسلات مثل “سنوات الضياع، نور، وادي الذئاب” وغيرها. الساحة الفنية العربية قبل سنوات وباتت جماهيريتها أوسع مما تخيّل كثيرون. فقد وصل الأمر إلى الاستحواذ على تلك الأعمال بشكل كامل وتقديمها بممثلين ولغة عربية. وذلك رغماً عن انتقادات سبق وطالتها حيال تناول بيئة لا تشبه المجتمعات العربية لكن ذلك لم يمنع شركات الإنتاج من متابعة الخوض فيها.

مؤخراً كان “ستيلتو” و”الثمن” أحدث الأعمال التركية المعرّبة. بمشاركة أسماء سورية منهم “سامر المصري، ديمة قندلفت، كاريس بشار، قيس الشيخ نجيب. صباح الجزائري وباسل خياط” وغيرهم.

آراء الشباب بالمسلسلات التركية

وقد أجرى سناك سوري استطلاع رأي لمجموعة من الشباب الذين تابعوا تلك الأعمال. حيث قالت “هلا 25 سنة” أنها تدمن متابعة المسلسلات التركية. وتعتبر أن أداء الممثلين السوريين في “ستيلتو” كان أقوى من الأتراك لا سيما وأنها تابعت نسختي المسلسل التركية والعربية.

وأضافت «ديمة قندلفت فنانة خارقة بهالمسلسل»، وتمكنت مع مواطنتها “نور علي” على إيصال الأفكار والمشاعر بشكل أقوى من الممثلات التركيات. لا سيما أن مستوى الاستفزاز والتوتر كان واضحاً بالنسخة العربية وهو المطلوب بالعمل.

أما “يارا” 26 عاماً. فقالت أن “كاريس بشار” في “ستيلتو” لم تكن الممثلة التي أحبتها. ورأت أن أداءها كان بارداً مشيرة إلى أن من يتابع “كاريس” في أعمال سورية مثل “ليس سراباً” و”كسر عضم” وغيرها لا يمكنه ألّا يقارن بفوارق أدائها عمّا ظهرت عليه في “ستيلتو”.

أما “عزام 29 عاماً”. فأعرب عن عدم رضاه من أداء الممثلين السوريين في “عروس بيروت” وهو نسخة معرّبة عن المسلسل التركي “عروس اسطنبول”. ورأى أنهم كانوا متصنعين في محاولتهم تقليد النسخة الأصلية. مشيراً إلى أن النسخة التركية أفضل من المعرّبة بكثير على حد قوله.

الاجتهاد بالحدود الدنيا

وحول أثر مشاركات الفنانين السوريين في تلك الأعمال، وأدائهم فيها أشار الصحفي والناقد “بديع صنيج” في حديثه لـ سناك سوري. إلى ضيق مساحة الاجتهاد بإعدادها وقال أنه اجتهاد بالحدود الدنيا.

وتابع “صنيح” « ما نراه ليس أكثر من ترجمة حرفية للسيناريو التركي بأحداثه وشخصياته وحواراته وبناء حبكته. بحيث لا تتم خيانة النَّص الرئيسي».

وأكّد “صنيج” على شرعية القيام بهذه الحركة في مثل هذه الحالات. وبالتالي تبقى الحكاية غريبة ولا تحقق التعاطف المرجو من قبل المتابع العربي.

وطرح “صنيج” مثالاً واضحاً تناول فيه غياب الاجتهاد بآلية عرض العمل الذي يفترض أن يُقدم برؤية مختلفة عن نسخته الأصلية. معتبراً أن إنتاج مثل تلك الأعمال بعدد حلقاتها الكبير مجازفة كبيرة.

فمثلاً “ستيلتو” المأخوذ عن العمل التركي “جرائم صغيرة”، كان مكشوفاً من قبل شريحة الجمهور الذي سبق وتابع المسلسل مدبلجاً للعربية. وأضاف «القصة على سذاجتها، والشخصيات الرئيسية والفرعية، ماضيها وحاضرها، غموضها ووضوحها. والخطوط الدرامية ومنعطفاتها وتوتراتها، والحبكة وتعقُّدها وانفلاتها، وكل ما له علاقة بالسيناريو كان مكشوفاً».

وبحسب “صنيج” فقد ساهم ذلك بفقدان عنصر التشويق بالمسلسل. وأشعَر المشاهد أنه يتابع العمل التركي مرة أخرى. ولكن عبر ممثلين سوريين لبنانيين دون أي إضافة.

نجاح الثمن بتوليفة ريم حنا

مؤخراً تم عرض مسلسل “الثمن” الذي تصدى لبطولته “صباح الجزائري وباسل خياط”. وحصد إشادات من الجمهور حول أداء الممثلين السوريين فيه وتمكنهم الخروج من إطار النسخة التركية “ويبقى الحب”.

ورأى “صنيج”  أن السيناريست السورية “ريم حنا” نجحت في خلق توليفة درامية مقنعة فيه. إذ أعادت صياغة الحوارات وعدَّلت العديد من الخيوط الدرامية ووضعت بصمتها الخاصة في رسم ملامح بعض الشخصيات وفق حديثه.

نجحت السيناريست السورية “ريم حنا”، من خلق توليفة درامية مقنعة فيه. « إذ أعادت صياغة الحوارات وعدَّلت العديد من الخيوط الدرامية ووضعت بصمتها الخاصة في رسم ملامح بعض الشخصيات».

بديع صنيج

ما يثمر عن تحدٍ جديد يقع على عاتق الممثل السوري لتجسيد تلك الشخصيات، واجتهاده بالأداء ليضفي خصوصيته بعيداً  «عن مرض الشَّبَه القاتل بالنسبة لفن الممثل».

ويساعد ذاك الجهد المبذول من قبل صنّاع  العمل بتجريد النص من بيئته الأصلية وعرضه بطريقة منطقية ملائمة للبيئة الجديدة. سيجعل منه أكثر إقناعاً للمشاهد العربي.

وعلى الصعيد الإخراجي يقول “صنيج”، أن هذه الأعمال لا يجب أن ترتهن إلى التشبه بالنسخة التركية. وألّا تنصرف إلى التركيز فقط على البذخ البصري من ناحية الديكور والأزياء وجماليات المشاهد والشخصيات.

الناقد الفني شدّد على ضرورة التركيز  على المعنى الدرامي وتصعيد توتُّراته بحيث تُخفِّف من الثرثرة وتحاول قدر الإمكان. خلق تشويق يمكِّن المشاهد من المتابعة دون ملل لا سيما مع عدد حلقات يصل إلى التسعين حلقة في بعض الأحيان.

وحول مدى مساهمة تلك الأعمال في الحد من مساحة الفنان السوري الإبداعية، أوضح “صنيج” أن البعض منهم نجح خاصةً بوجود الكاريزما والخبرات المكتسبة من اشتغالاتهم في الدراما السورية والعربية.

منوهاً إلى ضرورة وجود نص مضبوط ورؤية إخراجية احترافية، فإبداع الممثل لا يمكن أن ينمو بشكل طبيعي في بيئة غريبة كالتركية مثلاً. ومن الضرورة أن تنتمي الشخصيات للبيئات تلك التي تجسدها. ويتفاعل معها وينفعل بها، وهكذا يستطيع أن ينقل معاناتها وفرحها وعشقها وحزنها إلى الجمهور ويحقق ارتباطاً عاطفياً معه، أما أن يتحول الممثل إلى مجرد مُقلِّد فهذا مقتل كبير له وسقطة في مسيرته المهنية. على حد تعبيره.

دوافع مادية

أسماء فنية انضمت مؤخراً لقائمة المسافرين إلى “اسطنبول” للمشاركة بالأعمال التركية المعربة. وقد اعتبر “صنيج” أن السبب وراء ذلك يكمن في الارتهان لمتطلبات سوق الإنتاج الدرامي. خاصة مع الميزانيات الضخمة المرصودة لتلك الأعمال.

وقد سبق أن انتشرت معلومات عن أجور مضاعفة يتقاضاها الممثلون في تلك الأعمال.  ليؤكد “صنيج” على حق الممثل التفكير بالمردود المادي، شريطة ألا يتعارض مع ضرورة الإبداع التمثيلي، «وعدم البقاء أسرى “دراما الثرثرة واللَّعي” والتي تُميِّز الكثير من الإنتاجات المأخوذة عن المسلسلات التركية». حسب كلامه.

حق الممثل التفكير بالمردود المادي، شريطة ألا يتعارض مع ضرورة الإبداع التمثيلي، «وعدم البقاء أسرى “دراما الثرثرة واللَّعي”

بديع صنيج

ولفت “صنيج” إلى أن بعض الممثلين غلّب في عمله الجانب المادي على الإبداعي. وأضاعوا وقتهم على مضمون لا يقدّم شيئاً. معتبراً أن الفنان الذي يرتهن لحساباته البنكية بعيداً عن حساباته الإبداعية فإنه سيفقد رصيده الفني ومحبة الجمهور له.

 

زر الذهاب إلى الأعلى