الرئيسيةشباب ومجتمع

الدفاع المدني.. قصص مؤلمة لحكايا دُفنت تحت الأنقاض مع أصحابها

ما هي المشاهد التي أثرت في عناصر الدفاع المدني حين محاولة إنقاذ العالقين تحت الأنقاض؟

عاش رجال الدفاع المدني المشاركين بعمليات إنقاذ الناجين من زلزال 6 شباط، الكثير من اللحظات الإنسانية والمواقف الصعبة. التي ورغم تأثيرها المؤلم إلا أنها منحتهم دافع الاستمرار للعمل.

سناك سوري-نورس علي

يقول “غدير معلا” وهو من عناصر الدفاع المدني في “طرطوس”، لـ”سناك سوري”، إن الزمن كان يتوقف في تلك اللحظات، ورغم أن أطرافهم كادت تتجمد. إلا أنهم لم يشعروا بها أو بوهن أجسادهم نتيجة العمل المستمر لساعات طويلة، فالمهم كان إنقاذ أكبر عدد من الناس تحت الركام مهما كلّف الأمر.

المسعف غدير معلا-سناك سوري

اللحظات الأولى لم تكن عادية، الموقف كان جديداً تماماً بالنسبة لهم، ولم يعتادوا هذا النوع من الكوارث، وعمليات الإنقاذ هذه لا تشبه أي عملية سابقة قاموا بها. يقول “معلا” ويضيف، أن اختصاصه كمسعف مكّنه من إنقاذ كثير من الناجين من تحت الأنقاض.

المنقذون في رجال الدفاع المدني ومنهم “معين رمضان” أحد عناصر دفاع طرطوس لم يكونوا بمنأى عن التعرض للإصابة ولو كان الحذر كبير. حيث وبعد عدة أيام من عمليات الإنقاذ سقطت على “رمضان” كتلة بيتونية من ارتفاع حوالي /10/ أمتار أُسعف جراءها للمستشفى، ورغم تطبيقه لمعلومات وبروتوكولات دورات التدريب والتأهيل النظرية التي خاضها سابقاً، إلا أن الحادث وقع والجميع كان معرض له.

يضيف “رمضان” لـ”سناك سوري”: «فور وصولي وفريق الإنقاذ المرافق إلى مدينة “جبلة” شارع “الغزالات” ذُهلنا من حجم الدمار الهائل وتوقفنا لعشرة دقائق لا نعلم من أين نبدأ العمل، فالمشهد العام مرعب بكل معنى الكلمة».

لكن صراخ الناس ونداءات الاستغاثة من تحت الأنقاض أنست الفريق كل فكرة أخرى، يقول “رمضان”، ويتابع، أنهم بدأوا العمل وبدأت نتائج الإنقاذ بانتشال العالقين من تحت الأنقاض، ناجين كانوا أم جثث هامدة، «وكانت المشاهد مرعبة جداً، فالأم تحتضن أبناءها تحت الأنقاض وقد فارقوا الحياة، والأطفال متشبثين ببعضهم البعض تحت السرير، والبعض كان يحاول النجاة وتظهر آثار يديه في المكان وكأنه يحفر بها للخلاص».

عنصر الدفاع المدني معين رمضان

فالعمر المديد وقوة الحياة ساعد الكثيرين على الصمود والصبر، فكان لإنقاذ أشخاص بعد عدة أيام من الكارثة وهم من عائلة “زكريا” الأثر الكبير في نفوس الجميع. بحسب “رمضان” مما دفعهم لمواصلة عمليات البحث والإنقاذ مهما صعبت، فالناجين لهم الحق بالحصول على جثامين ذويهم أيضاً.

ونوه “رمضان” إلى تعدد واختلاف صعوبة وسهولة عمليات الإنقاذ التي قاموا بها، وكان أقلها صعوبة التي تتم لأبنية جزء منها فقط مهدم كما في حي “الرميلة” بمدينة “جبلة”. حيث توجب عليهم البحث عن سراديب فيها تصلهم بالناجين، وهنا كان الزمن بالنسبة لهم متوقف تماماً لحين العثور على أحد.

عنصر الدفاع المدني، “منيع معلا”، قال إن كل تجارب الإنقاذ السابقة من الحرائق أو الغرق والحوادث، لا تشبه عمليات الإنقاذ التي خاضوها خلال كارثة الزلزال. ويضيف أن «رؤية أبنية مؤلفة من عدة طبقات منهارة أمامنا كعلب كرتونية شيء لا يمكن وصفه أو تقدير مخاطره. حتى لا يمكن لأحاسيس أن تقدّر شدة أنين العالقين، فالأعداد كبيرة وأصوات الأطفال أكثر ما يهز المشاعر، ناهيك عن الجثث التي تستغرق ساعات لانتشالها».

“معلا” وصف المواقف الصعبة التي تعرض لها بالإنسانية، وذلك نتيجة الحشود الكثيرة التي تنتظر رؤية ناجين دون النظر لصلة قربة أو معرفة. فالمهم بالنسبة لهم ظهور ناجين، وهذه المشاعر من الحشود كانت تخلق طاقة كبيرة لدى جميع المنقذين للمزيد من العمل رغم الإرهاق الكبيرة والبرد القارس.

ويضيف “معلا”: «في موقع الفيض في مدينة “جبلة” واجهت موقف صعب لا يغيب عن ذاكرتي وهو وجود سيدة يظهر جزء من جسدها سليم. بينما الجزء الثاني عالق تحت كمية كبيرة من الأنقاض وبين قضبان معدنية، مما يعني أن أي عملية انتشال قد تحدث خلخلة في الكتل المتراصة فوق بعضها البعض فيزداد الضغط على السيدة وقد تنهار قطع أسمنتية عليّ كمنقذين، وهنا لا يمكن استخدام مقصات الحديد العادية بكونها تصدر شرارة يمكن أن تحرق السيدة. فأحضرنا مقصات هيدروليكية من الفريق الإماراتي في موقع مجاور، وتم انقاذ السيدة التي أخبرتنا بوجود ثمانية أطفال عالقين تحت الأنقاض أيضاً وقد فارقوا الحياة للأسف».

اقرأ أيضاً: معجزة ابراهيم زكريا ووالدته.. أحياء بعد 5 أيام تحت الأنقاض
تحرك سريع

يقول العميد “منذر الابراهيم” مدير الدفاع المدني في محافظة طرطوس، إنهم وبعد أن ابلغوا بالتحرك إلى محافظة اللاذقية، فجر يوم الاثنين 6 شباط، تحركوا بسرعة. وأضاف أن الفرق انتشرت بأكثر من موقع، في قرية سطامو وضمن عدة أحياء في مدينة جبلة.

مدير الدفاع المدني منذر الإبراهيم

وخلال زمن قياسي بعد الوصول، تم إنقاذ 14 ناجٍ وناجية، وانتشال نحو 50 جثة، وفق “الابراهيم”، مضيفاً أنه وبعد توافد فرق انقاذ عربية. تم تقسيم المواقع المنكوبة لقطعات، وقد تمكن رجال الدفاع المدني من القيام بعمليات إنقاذ في محافظة “حماة” أيضاً.

بالعموم ما تعرضت له المناطق التي ضربها زلزال 6 شباط وفق “الإبراهيم” كارثة كبيرة جداً لم يعتد الدفاع المدني على عمليات الإنقاذ خلالها. وخاصة من ناحية الحشود البشرية التي توافدت للمواقع المنكوبة ومنها “برج الريحاوي” لمتابعة ما حصل، مما شكل ضغطا نفسيا على فرق الإنقاذ.

لا ينسى “الابراهيم”، أن يذكر بأن عدد كبير من متعهدي القطاع الخاص، أرسلوا معداتهم الثقيلة ووضعوها تحت تصرف الدفاع المدني وبإشرافه لمتابعة عمليات الإنقاذ.

ويضيف: «من اللحظات المؤثرة التي لا يمكن أن تفارق ذاكرتي انتشال جثث عائلة مؤلفة من حوالي /6/ أفراد لم يبق منها سوى شابة واحدة كانت في حالة تجهيز لإقامة عرس لها».

وشهدت البلاد فجر السادس من شباط الجاري، زلزالاً مدمراً أودى بحياة آلاف السوريين في إدلب وحماة واللاذقية وحلب، وأدى لإصابة الآلاف وتشريد مئات العائلات التي تهدمت منازلها.

اقرأ أيضاً: بين التطمينات والتحذيرات.. الجميع يبحث عن إجابات حول الزلزال

زر الذهاب إلى الأعلى