الرئيسية

الأفران الحجرية.. حين ترث فرن والدك وجدك وتملأ المكان خبزاً

الأفران الحجرية.. تراث مستمر بدافع الحاجة والحب

سناك سوري – عبد العظيم العبد الله

يحافظ بعض أهالي مدينة “القامشلي” على الأفران الحجرية كنوع من التراث الذي يصنّعون فيه خبزهم اليومي بنكهة الماضي ومزيج العلاقات الاجتماعية التي جمعت الريف والمدينة معاً.

جورج شمعون

“جورج شمعون” صاحب أحد الأفران في حي “الكورنيش” بالمدينة ورث من والده الفرن الحجري الذي أسسه قبل عشرات السنين مع الكثير من الذكريات الجميلة وقصص الأجداد، موضحاً أن والده بناه في الستينيات من القرن الماضي وقد شاركه صنع الخبز فيه على مدار 40 عاماً.

يضيف لـ”سناك سوري”: «أسس والدي خلال عمله في الفرن مجموعة علاقات اجتماعية على مستوى الريف والمدينة، وقد تطوع أهالي الحي مراراً وتكراراً للعمل معنا ومساعدتنا كلما اقتضت الحاجة».

يؤكد “شمعون” أن خبز الفرن الحجري مرغوب لدى جميع فئات المجتمع من الريف والمدينة ولكن هناك مواطنون من الريف يشترون هذا النوع من الخبز بشكل حصري.

على امتداد شارع “الوحدة” يتوضع فرن “مانوك” الحجري أيضاً الذي يعود تاريخ إنشائه للعام 1957 حسب حديث صاحبه “ألبير وارطنيان”، مشيراً إلى أنه ورث الفرن عن والده الذي ورثه عن جده أيضاً وهو يحافظ على هذا الإرث الذي بدأ العمل فيه بصناعة الكعك واللحم بعجين حيث كان المزارعون يعتمدون عليه كثيراً عند ذهابهم لعملهم، إلى أن  طوّر والده الفكرة لصنع الخبز المنزلي.

يقول “وارطنيان”: «نستلم الطحين من المطحنة قبل يوم كامل، مع الفجر نضعه في العجّانة الكهربائية، يُعجن حتى يختمر العجين، ويقطع بشكل يدوي “طبب”، يرقق و”يدرنق” بالأصابع، ويوضع بعدها على خشبة بيت النار، بنفس الخشبة ويُخرج من بيت النار بعد خمس دقائق يكون رغيف الخبز جاهزاً، بيت النار يستوعب حوالي 50 رغيفاً، و يوزع الخبز للأهالي عند الخامسة صباحاً».

يضيف: «الفرن يحتاج إلى خمسة عمال، عجّان و خبّاز، و عامل رق، عامل درن، وبيّاع خبز، لكن العمل الأصعب للخبّاز الذي يبقى تحت لهيب النيران لوقت طويل جداً ووجهه باستمرار مواجه للنار، والبائع يتعذب لتنظيم دور بيع الخبز للمواطنين خاصة وقت ذروة البيع ما بين الساعة الـ7 والـ7 والنصف صباحا».

طاقة الفرن وخبزه

“الخبز السميك” أو “خبز الفرن” هي الأسماء المتداولة لخبز الأفران الحجرية، الذي تشتهر به “القامشلي” على وجه الخصوص، والتسمية تعود لكون بيت النار فيه مصنوع من الحجر الأحمر حسب “أندراوس شابو” صاحب فرن “دمشق” الحجري، مضيفاً أنه «سُمّي بالسميك لأنه أسمك من الخبز العادي، يتناوله الأهالي عند الصباح بنسبة كبيرة لأنه ساخن، يكون شهياً مع الشاي وتوابع الفطور، وكثير من العمال والموظفين والباعة يأخذون رغيفاً واحداً لتناوله في مكان العمل مع كأس الشاي، ويكون طيباً جداً».

فكرة إنشاء الأفران الحجرية القديمة تعود لحاجة الأهالي للخبز كمادة رئيسية حيث تم إنشاءها لقلة عدد الأفران في المدينة حسب حديث  “محمد اليوسف” رئيس دائرة حماية المستهلك “بالقامشلي”، مضيفاً: «تم منح الأفران الحجرية رخصاً نظامية نظراً للحاجة إليها وقد وصل عددها إلى 61 فرناً في منطقة “القامشلي”، موزعة على الأحياء، لكن مع مرور الوقت توقف بعضها، حالياً يوجد 33 فرناً، تقدم الخبز بشكل يومي، والدائرة تمنحها الخميرة والطحين والمازوت يومياً، بالسعر التمويني المدعوم، أما ميزة خبزها ونكهته الخاصة فتعود لكونه مصنوع من القرميد الأحمر».

اقرأ أيضاً:“دير الزور”.. رائحة خبز التنور تطغى على رائحة الذكريات السيئة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى