الأفاعي السورية صديقة الإنسان.. إليكم مجموعة معلومات مغلوطة عنها
في سوريا غالباً يصح المثل: جنب الحية افرش ونام
قبل أيام نشر الفنان السوري “بشار اسماعيل” مقطع فيديو أثناء مواجهته مع أفعى سوداء اللون كانت قد علقت في المسبح الخاص بمنزله، وخلال الفيديو الذي انتهى بقتلها تحدث “اسماعيل” بعض المعلومات المغلوطة عما يعرف في الريف السوري بـ “الحنش الأسود” كأنه هجومي أو سام أو مؤذي..إلخ، ما أثار حفيظة هواة الحياة البرية السورية الذين ردوا على “اسماعيل” بأن الحيوان الذي قتله هو بالحقيقة صديقه وليس عدوه، مطالبين بالتوقف عن نشر المعلومات المغلوطة.
سناك سوري – ناديا المير محمود
هذه الحادثة دفعت سناك سوري، للبحث حول الأفاعي الموجود في سوريا وماهو السام منها وماهو غير السام أو الوسطي إلخ، حيث وجدنا العديد من الإجابات على الأسئلة لدى الناشط البيئي “يمان عمران” الذي يدير صفحة هواة الحياة البرية السورية.
بحسب “عمران” فإنه يوجد قرابة “38” نوع من الأفاعي في سوريا تم توثيقها مع احتمالية ارتفاع العدد، وجميعها سامة كانت أم غير سامة هي مفيدة ولها دورها المهم جداً في الطبيعة وهي دفاعية بالمطلق، كما أن أغلبها تصنف ضمن الثعابين الآمنة غير الخطيرة للإنسان والأكثر فائدة للمزارعين والقاطنين بمناطق تواجدها، وقد قسمها “عمران” إلى 3 مجموعات.
الثعابين غير السامة أو ماتعرف بصديقة الإنسان كونها لاتشكل أي خطر تضم حوالي 28 نوع، مختلفة الأحجام ، ويدافع بعض منها عن نفسه بالنفخ والعض وبعضها قد يمثل دور الميت أو لا يفعل شيئاً سوى محاولة الهرب، لا تمتلك غدد سمية ولا أنياب حاقنة له ، ومن أهم تلك الثعابين وأكبرها الحنش الأسود الشهير صديق الفلاح (black whipsnake) والمعروف بافتراسة للثعابين الاخرى والسام منها وبالتالي يحد من انتشارها .
اقرأ أيضاً: تولاي هارون تُلاعب أفعى ضخمة وتصدم جمهورها
الثانية “المعتدلة السمية” قرابة 6 أنواع، مميزاتها أن النابين ليسا بمقدمة الفك إنما في الداخل وهما قصيران، مثل أفعى “الفئران أو السجع أو ثعبان الحقل” (Eastern Montpellier snake)، أفعى “القطة السورية”(Syrian cat snake)، وهي سامة، ولكن ليس لها أهمية طبية فلا تشكل خطراً على البشر وتكون عضتها غالباً بمثابة نوع من تخدير الفريسة لشل حركتها وإخضاعها لتتمكن من الالتفاف عليه وخنقها.
أما المجموعة الأخيرة وهي “السامة الخطيرة” تمتلك غدد للسم ونابين حاقنين في مقدمة الفك العلوي وتبلغ 5أنواع، لها أهمية طبية ولدغتها تشكل خطرا فعلياً على الحياة وقد تكون قاتلة إن لم يتلقى المصاب عناية طبية فعلية مع مضاد السم، وأكثرها انتشاراً بمناطق تواجد البشر هما “الأفعى البيضاء السورية أو الشامية” (blunt-nosed viper), وهي الأكثر انتشاراً وتأقلماً فتتواجد في الساحل سهلاً وجبلاً ، وفي الداخل وحتى في أقصى شرق البلاد في البوكمال والحسكة، والنوع الثاني هي “افعى الرقطاء الفلسطينية” الشرسة (Palestine viper) تنتشر في المناطق قليلة الانحدار فهي ميالة للسهول أكثر، وأهم مناطق انتشارها سهول اللاذقية وجنوب طرطوس وغربي حمص وحماه حتى جنوب إدلب وهي متواجدة في محافظتي درعا والسويداء .
كما أنه من الأنواع السامة أيضاً ” أفعى الرقطاء الجبلية”(Mount Bulgar viper), تتواجد بشكل نادر نادرة في مناطق محدودة من جبال الساحل السوري وتفضل المناطق التي ترتفع فوق 600م عن سطح البحر، إضافة لأفعى “القرناء الكاذبة او قرناء فيلد”(Field’s horned viper)، شكلها مخيف، لها مايشبه القرون وحراشفها بارزة، أقل شراسة من غيرها وأكثرهم ابتعاداً عن أماكن البشر تعيش في البيئة الصحراوية وشبه الصحراوية وتفضل المناطق الوعرة و الجبلية في البادية وهوامشها وتم توثيق تواجدها في تدمر و معلولا.
اقرأ أيضاً: رحلة القنيص.. ربما تعود مع طائر يغيّر حياتك
وأخيراً الأفعى السامة التي نستطيع وصفها بالأكثر خطورة من حيث السمية في سوريا يسمى “الصل الأسود” (desert black snake) ومن أسمائه كوبرا الصحراء السوداء يشترك بالقرابة من ثعابين الكوبرا و المامبا السوداء وثعابين استراليا الشهيرة من نفس الفصيلة، وهو ثعبان صحراوي يعيش في البادية وهوامش البادية وأطرافها أو بالقرب من المناطق السكنية القريبة من البادية، وخطورته تأتي من سمه العصبي سريع التأثير والذي قد يؤدي الى شلل عضلة الحجاب الحاجز وهذا يعني الاختناق حتى الموت .
لا علاقة لطول الأفعى بسميتها
يقول “عمران” إن كثيرين يظنون أن جميع الثعابين سامة وقاتلة، وتتقصد استهدافك ولدغك أين ماصادفتها، وهذا عائد لعقود طويلة عندما كان العلاج من الأفاعي السامة غير متوفر طبياً والمعرفة بالثعابين وأنواعها شبه معدومة أو بعضها محصور بقلة قليلة من الناس فقط وهذا ماكان يشكل رعباً عند عامة الناس من أي أفعى، أما اليوم فحتى الأفاعي السامة فإن عضتها يمكن علاجها بالمشافي وهناك أمصال طبية لها بما فيها “الرقطاء الفلسطينية”.
وبالمناسبة اسم أفعى “عقدة الجوز”(Asian racer) هو لثعبان غير سام في الحقيقة ولكنه أرقط مبقع ويشابه في الشكل بعض الأنواع السامة كالرقطاء الفلسطينية والبيضاء الشامية وهذا ماجعل الناس تعتقد أنه سام وأصبح هذا الاسم يطلق على كل ثعبان أرقط.
لا علاقة لطول الأفعى و حجمها في تقييم خطورته أو درجة سميته يقول “عمران” ويضيف في حديثه مع سناك سوري «أكثر ما يجذب الأفاعي هي رائحة الفئران والقوارض والطيور كالعصافير، و غالباً ما يكون سبب تسللها إلى المنازل خاصة في درجات الحرارة المرتفعة صيفاً هو عطشها فنظراً لقوة حاسة الشم عندها فتتبع تواجد المياه وخاصة بعد عملية تنظيف المنزل بالماء، مضيفاً أن حدوث لدغة من أفعى سامة هو أمر غير محتوم وغالبا ما يكون نتيجة حظ سيء أو محاولة العبث معها وحالات اللدغ، وتكون شدة تأثير اللدغات السامة مرتبطاً بحسب عمر الملدوغ وحالته الصحية وسرعة حصوله على عناية طبية سليمة ويكون للتأخير في العلاج والإهمال أو تنفيذ اجراءات خاطئة في معالجته دوراً في تفاقم الحالة واشتداد خطورتها ».
نتداول بالمجمل العديد من الأمثال الشعبية والمعتقدات التي أطلقت جزافاً عن الأفاعي وخطرها، دون التمعن بمسببات هذه النظرة وما هو مقياس صحتها في حال الغوص بحقيقة عالم الأفاعي.
من بعض المقولات المتداولة شعبياً والتي تثبت أن الأغلبية لايعرفون حقيقة الأفاعي وأنها عبارة عن قيل وقال، مقولة “متل الحية بتلدغ لدغ” للشخص الذي يطلق كلامه القاسي على العجل فورا سماعه أي نقد، في ربط تصرفه بأن الأفعى تلدغ لمجرد الاقتراب منها وعلى العكس الأفعى تصنف بالكائن غير الاجتماعي وتهرب فور شعورها أن أحداً اقترب منها ولاتؤذي مالم تتعرض لأذى مباشر حقيقي، لتكون “حد العقرب لاتقرب جنب الحية افرش ونام” للدلالة على عدم اقترابها منك فلن تغدرك كالعقرب دون وجه حق.
كأي كائن حي وجدت الأفاعي لتأدية مهمة معينة في تحقيق نوع من التوازن البيئي، وليس فقط إثارة الرعب وإلحاق الضرر بكل ماتصادفه، من خلال مكافحة القوارض والفئران، فضلاً عن بعض المواد الموجودة في سمها المستخدمة في تصنيع الأدوية كبعض أدوية الضغط ، أمراض القلب، وأدوية السرطان.
اقرأ أيضاً: حازم سليمان…. الأدغال السورية تخسر فتاها الوفي