الرئيسيةشخصيات سورية

“أدونيس” من طفل أدهش الرئيس إلى الثورة على القصيدة!

في ذكرى ميلاد “الضوء المشرقي” لماذا سجن “أدونيس”؟

سناك سوري _ محمد العمر

كان يوم رأس السنة عام 1930 مختلفاً لدى “أحمد سعيد إسبر” في قرية “قصابين” بريف “جبلة” حين أبصر ابنه النور فأطلق عليه اسم “علي”.

نشأ “علي إسبر” في “قصابين” قضاء “جبلة” على الساحل السوري وحفظ القرآن على يد أبيه دون أن يدخل المدرسة، فيما كان الشعر يتسرب إلى مخيلته الطفولية دون أن يعرف أن تلك الخواطر التي تجول في ذهنه ستكون بوابته إلى العالم لاسيما حين بلغ الرابعة عشر من عمره وألقى قصيدة أمام الرئيس السوري آنذاك “شكري القوتلي”.

منحه ذلك اللقاء فرصة التعلم على نفقة الدولة في المدرسة العلمانية السورية في “طرطوس” حيث أظهر تفوقاً دراسياً وميلاً واضحاً للأدب والكتب الأدبية، إلى أن دخل جامعة “دمشق” ودرس الفلسفة في كلياتها ليتخرّج منها لاحقاً عام 1954، وخلال تلك الحقبة انقلب “علي إسبر” على اسمه وأطلق على نفسه اسم “أدونيس” الذي سيشتهر به والذي استمده من اسم أحد الآلهة في الثقافة الفينيقية.

انخرط “أدونيس” في صفوف الحزب “السوري القومي الاجتماعي” مطلع الخمسينيات، وسبّب له هذا الانتماء السياسي التعرّض للسجن عاماً كاملاً أثناء تأديته الخدمة العسكرية عام 1954، الأمر الذي لعب دوراً رئيسياً في دفعه لمغادرة “سوريا” بعد إنهاء خدمته في الجيش متوجهاً إلى “لبنان”.

في “بيروت” أسس مع “يوسف الخال” مجلة “شعر” التي ضمّت في صفوفها جيلاً من الشعراء الحداثيين الثائرين على تقاليد القصيدة العربية بطريقتها الكلاسيكية، ما أدى إلى انقسام في الشارع الثقافي بين أنصار “شعر” الذين قادهم “أدونيس” وبين منتقدي تياره المتمسكين بالطريقة التقليدية للشعر والذي كان في مقدمتهم الشاعر العراقي “بدر شاكر السياب”.

كما أصدر “أدونيس” في “بيروت” مجلة “مواقف” عام 1969 ودرس الدكتوراه في الأدب مطلع السبعينيات في جامعة “القديس يوسف” اللبنانية عام 1973 بعد أن قدّم أطروحته المثيرة للجدل والتي حملت عنوان “الثابت والمتحول”، حيث طرح خلالها رأيه في التيارات الثقافية التقليدية الثابتة والتجديدية المتحولة.

اقرأ أيضاً:ذكرى رحيل السخرية.. الكوميديا السوداء في حياة “الماغوط”

وكان في تلك الأثناء قد تزوج من الناقدة السورية “خالدة سعيد” التي رافقت رحلته الطويلة في كافة مراحلها، حيث غادرا معاً “لبنان” بحلول العام 1985 بسبب احتدام معارك الحرب الأهلية، ليستقرا في “باريس” حتى اليوم.

شكّل “أدونيس” حالة إشكالية بين الشعراء العرب، فقد أثارت قصائده وطريقته الشعرية الكثير من الجدل بين ممتدحٍ لها ومنتقد لصاحبها، لكن ما لا شك فيه أن “أدونيس” يمتلك موهبة شعرية وإبداعية خوّلته من حصد عدة جوائز عالمية أبرزها جائزة “غوته” في “ألمانيا” عام 2011 حيث سمّته لجنة تحكيم الجائزة “أهم شاعر عربي في العصر الحالي” وكان “أدونيس” أول أديب عربي ينال تلك الجائزة ليضمها إلى رصيد واسع من الجوائز مثل جائزة “الإكليل الذهبي للشعر” في “مقدونيا” و جائزة “جان مارليو للآداب الأجنبية” من “فرنسا” وعدة جوائز عالمية أخرى.

اقرأ أيضاً:“ممدوح عدوان”.. الذي قال “لا” ومضى يدافع عن الجنون

طال الغياب عن “سوريا” لصاحب “أغاني مهيار الدمشقي” حتى العام 2003 حين أقام أمسية شعرية في قصر “العظم” بـ”دمشق” لكنه نوّه خلال لقاء صحفي مع صحيفة “الشرق” القطرية عام 2015 إلى أن الدعوة إلى تلك الأمسية تمت من ممثلية الاتحاد الأوروبي في “دمشق” وليس من جهة حكومية وهو الشيء الذي ترك أثراً سلبية في نفسيته على حد قوله.

لعلّ أجمل لقب حمله “أدونيس” هو ما وصفه به الكاتب الفلسطيني الراحل “إدوارد سعيد” في عنوان كتابه عن “أدونيس”، “الضوء المشرقي”، تعبيراً عن الأثر الذي تركه “أدونيس” في انطباع المجتمعات عن الأدباء العرب، كما يعتبر “أدونيس” مرشحاً دائماً لنيل جائزة “نوبل” للآداب عن مسيرته الشعرية الحافلة.
خلال الأزمة السورية أثار “أدونيس” جدلاً واسعاً لدى الموالين للسلطة من جهة والمعارضين لها من جهة أخرى، فهو الذي رأى ضرورة التغيير والحاجة له رفض أن يكون هذا التغيير منطلقاً من الجوامع، هذه المواقف جعتله غير مرحب به في سوريا أيضاً حيث لم يزرها منذ سنوات، وقد توقف مهرجان جبلة الثقافي الذي كان أحد القائمين عليه مع جمعية العاديات في “جبلة” عام 2011 رغم أنه كان واحداً من أهم المهرجانات الثقافية في سوريا.
يقول زميل صحفي سوري التقى به خلال العام 2019 في بيروت لقاءً غير صحفي، أن “أدونيس” سأله كثيراً عن قريته “قصابين” وعن أحوال الناس وجمهور مهرجان جبلة، وكان كثير الحزن على أوضاع السوريين والظروف التي يعيشون فيها.

اقرأ أيضاً: أدونيس.. هل أضعنا الفرصة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى