“رضا سعيد” مؤسس “الجامعة السورية” وقائد تعريب التعليم

من هو “رضا سعيد” الذي سُمّيت قاعة المؤتمرات باسمه؟
سناك سوري _ محمد العمر
تحمل القاعة المخصصة للمؤتمرات الهامة والندوات الواسعة في جامعة “دمشق” اسم واحد من أبرز الأسماء التي مرّت في تاريخ الجامعة الدكتور “رضا سعيد”.
إنه “رضا سعيد الإيتوني” طبيب العيون السوري الذي خاض عام 1911 رحلة العودة من “فرنسا” إلى مسقط رأسه في العاصمة “دمشق” بعد أن أتم تخصصه في أمراض العين في جامعة “باريس”، فيما عيّنته الحكومة العثمانية التي كانت تحكم “سوريا” طبيباً في المشفى العسكري المركزي بـ”دمشق”.
وتمّ نقله لاحقاً ليترأس فريق أطباء الخط الحديدي الحجازي ثمّ تولّى منصب رئاسة الخطوط الحديدية السورية، وبحلول العام 1914 كانت الأوضاع المعيشية تتفاقم في البلاد متأثرة بأجواء الحرب العالمية الأولى.
فبينما كانت قوات الحلفاء تحاصر السواحل السورية للضغط على العثمانيين، كانت سلطات الدولة العثمانية تصادر المؤن ومحاصيل الفلاحين ما أدى إلى نقص واسع في السلع الغذائية وعموم المجاعة في البلاد.
وفي هذه الظروف العصيبة تم تعيين “سعيد” رئيساً لبلدية “دمشق” حيث عمِل جاهداً على مواجهة أزمة الجوع التي بدأت تحصد أرواح أبناء العاصمة، إلى أن انتهت الحرب العالمية بعد 4 سنوات من المعاناة.موقع سناك سوري
يروي الكاتب السوري “صباح قباني” في كتابه “رضا سعيد مؤسس الجامعة السورية رجل لكل الأقدار” أن “سعيد” التقى مع الأمير “فيصل بن الحسين” في “حلب” بعد أن سُمّيَ ملكاً لـ”سوريا”، حينها بادر “سعيد” للطلب من الملك أن يفتتح “المعهد الطبي العربي” في “دمشق” ليعيد إحياء دراسة الطب في العاصمة فتمّ له ذلك وسمّيَ عميداً للمعهد.
وكان المعهد الطبي العربي إلى جانب معهد الحقوق النواة الأولى التي ستتشكل منها “الجامعة السورية”، وفي تلك الأثناء كان الانتداب الفرنسي قد سيطر على “سوريا” خلفاً للعثمانيين وكانت المساعي الفرنسية تجهد لإغلاق المعهد الطبي في “دمشق” بذريعة وجود معهدين مماثلين في “بيروت”.موقع سناك سوري
اقرأ أيضاً:حارس الأسرار التدمرية الذي أعدمه “داعش” ولم تعترف الحكومة بشهادته!
حيث يذكر “قباني” أن “سعيد” نجح بعد جهود حثيثة في إقناع الكولونيل “كاترو” مندوب المفوضية الفرنسية في “دمشق” بالإبقاء على المعهد، ثم تكلّلت مبادرة “سعيد” بالنجاح الأهم في حياته حين صدر قرار تأسيس “الجامعة السورية” وتعيينه رئيساً لها عام 1923 ما جعله المؤسس الأول للجامعة.موقع سناك سوري
يقول الكاتب “عقبة زيدان” في كتاب “رواية اسمها سوريا” أن فترة ترؤس “سعيد” للجامعة تميزت بالعمل الدؤوب على تنظيم قوانينها والعمل على الاعتراف رسمياً بشهاداتها، وعلى الرغم من أن “سعيد” ترك منصب رئاسة الجامعة أواخر العام 1924حين تولّى وزارة المعارف إلا أنه سرعان ما عاد إلى موقعه الأكاديمي بعد استقالة الحكومة عام 1925.
اهتمّ “سعيد” برفقة مجموعة من مدرّسي الجامعة بتعريب التعليم الطبي فيها، فبذلوا جهوداً مضنية في ترجمة المؤلفات الطبية من اللغات الأخرى كالفرنسية وساهم “سعيد” في ذلك المشروع عبر ترجمة كتاب “مبحث في أمراض العيون للمتمرنين” لمؤلفه الفرنسي “آ. كانتونه” وبفضل تلك الجهود أصبحت “الجامعة السورية” هي الجامعة الوحيدة في العالم التي تدرّس الطب باللغة العربية.موقع سناك سوري.
يضاف إلى إنجازات “سعيد” مساهماته في إنشاء مطبعة “جامعة دمشق” ومجلة “المعهد الطبي العربي” و “الجمعية الطبية الجراحية في دمشق” وحصد خلال حياته عدة جوائز وأوسمة كوسام الاستحقاق العثماني، ووسام التاج الحديدي النمساوي، ووسام باريس، ووسام المعارف المصري، ووسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة.
تزوج “سعيد” حين كان في “فرنسا” من ابنة صيدلاني فرنسي تُدعى “مارسيل” ويقول الكاتب “أحمد بوبس” في كتابه “رضا سعيد” أن “مارسيل” توفيت بـ”التيفوئيد” عام 1918 في “حلب” حيث كان “سعيد” يحاول نقلها للعلاج في “باريس” قبل أن يدركها الموت.
كما تزوّج ثانية عام 1925 من فتاة سورية تنحدر من “اللاذقية” تدعى “خيرية ماميش” وأنجب من زواجَيه 6 أولاد سيفتخرون بحمل اسمه الذي مازال حاضراً في جامعة “دمشق” وفي أحد شوارع العاصمة في منطقة “الحجاز”.
فارق “سعيد” الحياة في 28 تشرين الأول 1945 ويذكر “بوبس” أن الأعلام السورية تم تنكيسها حزناً على رحيل مؤسس الجامعة السورية التي ظلّت وفية لذكراه.
اقرأ أيضاً:“تعب المشوار” فغادر “فؤاد غازي” صامتاً!