الرئيسيةشباب ومجتمع

توزيع الحلوى وغرس الرايات الخضر حول مقام الخضر جنوب سوريا

بني المقام إثر منام لسيدة تعيل أطفالها.. ومازال بعض السكان يقرؤون الفاتحة عند حجارته المدمرة

سناك سوري – شاهر جوهر

اعتاد أهالي من قرية “صيدا الجولان” في ريف القنيطرة أن يوزعوا الحلوى في مثل هذا اليوم من كل عام منذ خمسينات القرن الماضي، بينما تصنع النسوة رايات صغيرة من القماش بلون أخضر وتغرسها حول مقام “الخضر” أحد الأماكن الدينية في القرية.

“أم قاسم” واحدة من هؤلاء النسوة اللواتي لطالما مارسن هذا الطقس، تقول إنهم كانوا يمضون ساعات من الصلاة والتضرع يومي 5 و 6 أيار حول المقام الذي يتمتع بقدسية لدى عدد من السكان.

تعود الحكاية وفق الرواية الشعبية إلى العقد السادس من القرن الماضي، حيث يقال أن سيدة تدعى “أم مربد”، وهي أم معيلة لعدة أطفال أيتام، كانت تسكن في خيمة قديمة على أطراف القرية، أنها وفي إحدى الليالي رأت في المنام أن الإمام الخضر ”عليه السلام” قد زارها، وأوكل لها مهمة أن تصنع له قبراً وسط القرية، ثم أخبرها أنه سيترك لها عود لوز في المكان المنشود، عندها أخبرت السيدة الإمام الخضر أن السكان لن يصدقوا رؤيتها، فقال لها أن آيتها هو ما سيتركه في خيمتها.

في الصباح استفاقت العجوز، حسب الرواية، وقد وجدت خيمتها قد صُبغت بالجير الأبيض “الجص”، فكان ذلك دليلها أمام السكان، صلّت لله ثم توجّست مذعورة تبحث مع سكان القرية عن عود اللوز، وفي وسط القرية حيث لم يكن هناك منازل سوى بضعة خيم متفرقة ومتباعدة، قامت مع بعض السكان “ممن صدّقوا روايتها” بإحاطة عود اللوز بسلسلة من الحجارة، ومنذ ذاك الحين عُرف هذا المكان بـ”المقام”.

بقايا حجارة المقام الذي تم تدميره

طقوس لمساعدة ذوي المحن

مع مرور الوقت أصبح المقام كملجأ للمحتاجين والمظلومين، يزورونه ويدعون الله أمامه لفك كربهم وما يعانوه من ضائقة وعسر، حيث تقول “أم قاسم” (80 عاماً): « من يصيب ماشيته مرض كان يقوم بالطواف بماشيته حول المقام والدعاء أن تشفى نعاجه، ومن تيأس من حملها تزور المقام وتلطّخ حجارة المقام بالحناء وتدعو الله أن يرزقها بطفل، ومن يريد أن ينفذّ نذراً يقوم بذبحه على حجارة المقام، أو يذبح خاروفه في منزله من ثم ينقل دمه ويسكبه على حجارة المقام، كما لم يكن ليجد المظلومين لنصرهم ممن ظلمهم سوى التضرع أمام المقام لينصرهم الله عليهم».

تغيرات الزمن والحرب

حافظ كبار السن على علاقتهم في المقام حتى السنوات الأخيرة ماقبل الحرب وخلال سنينها الأولى أيضاً حيث ظلوا مواظبين على تقاليدهم السنوية والدينية نحوه، خصوصاً عندما تضيق بهم الأحوال أو يريدون الدعاء .. إلخ، بينما لم يعطِ جيل الشباب للمقام الخصوية والرمزية والمكانة الدينية ذاتها التي يمنحها كبار السن.

حافظ المقام على شكله وهو عبارة عن حجارة صغيرة تحيط المكان بمساحة لا تزيد عن 3× 3م، حتى العام 2014 عندما تم تدميره بعد فتاوى تكفيرية انتشرت في المنطقة التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل تكفيرية هدمت معظم المقامات في الجنوب مثل مقام الإمام “النووي” في مدينة “نوى” غرب “درعا”، ومقام النبي “أيوب” في بلدة “الشيخ سعد” بـ”درعا”، وغيرها من المقامات والمزارات الدينية.

ماتزال بعض حجارة المقام في المكان على حالها ولم تتم إعادة بنائه لكن البعض من أهالي المنطقة يتوقفون لقراءة الفاتحة أثناء مرورهم بجانبه.

من هو الخضر

“الخضر”  هو ذاك الإمام الصالح الذي رافقه النبي “موسى”، في عهد “مصر” الفرعونية، ليأخذ منه العلم كما ورد في القرآن، و يروي عنه بعض المواطنين اليوم في “مصر وبلاد الشام والجزيرة العربية”  الكثير من القصص والأساطير، كرسول و عالم وولي وصالح يُساعدهم في أوقات المحن.

اقرأ أيضاً:تركيا ترمم مساجد الشمال السوري… وتتغاضى عن نبش المزارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى