الرئيسيةشباب ومجتمع

أب يطرد ابنته من منزل أسرتها.. إلى أين يمكنها أن تذهب؟

"طرد الفتيات من منازلهنّ" كيف يمكن حماية الفتيات السوريات والمراهقين؟

تعرضت إحدى الفتيات مؤخراً للطرد من منزل عائلتها بسبب تواصلها مع حبيبها، ما استدعى نداءات المساعدة لها. الأمر الذي يطرح سؤالاً جوهرياً ماهي الخيارات المتاحة أمام الفتيات في حال تعرضهن لمواقف مشابه؟. وكيف يمكن حماية الفتيات السوريات والمراهقين؟.

سناك سوري- ميس الريم شحرور

تروي الطبيبة النفسية “زينب عاصي”، عبر صفحتها الشخصية في فيسبوك. عن قصة فتاة (لم تذكر عمرها). تعرضت للطرد من منزل أهلها، بعد أن سمعها والدها تتحدث مع شاب على التلفون. حيث فتح الباب لها وتركها وحيدة في الشارع. وتضيف في منشورها، أن الشابة لم تمتلك أي ملجأ لتهرب إليه فأقاربها يعيشون بمحافظة أخرى.

الحادثة تفتح الباب على سؤال جوهري أين يمكن للفتيات أن يذهبن في هكذا حالات؟. ماهي الخيارات المتاحة أمامهن؟. ماذا يقول القانون؟. كيف يمكن حماية الفتيات السوريات والمراهقين؟. هذه الأسئلة التي نحاول الإجابة عليها في سناك سوري.

ماذا يقول القانون حول طرد الفتيات والأبناء من المنزل؟

تقول الناشطة الحقوقية “اعتدال محسن“، إن القانون السوري لا يحمل نصاً صريحاً يمكن  الاستناد إليه بمثل هذه الحالات. دون معرفة سنّ الفتاة والتأكد من حالتها العقلية والصحية ما يعني أن البتّ متروك لاجتهادات القضاة.

 جاء في قانون العقوبات من المادة رقم 484 أن عقوبة من يترك ولداً دون السابعة من عمره أو أي شخص عاجز عن حماية نفسه بسبب مشكلة عقلية أو جسدية. هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة. دون التمييز بين كون المجنى عليه فتاة أو ذكراً.

المحامية قالت إن حالات طرد الأبناء من مختلف الأعمار تتزايد بشكل ملحوظ لأسباب مختلفة. ونسبة كبيرة من المطرودين حسب ما توضح هي من القاصرين وغير المميزين. وتضيف أن “القانون السوري يميّز بين نوعين من القُصّر، وهما: القصر تحت سنّ التمييز، والقصر المميِّزين”. والقصر غير المُمَيِّزين هم من لديه خلل عقلي أو أعمارهم تحت ١٢ سنة.

اللجوء إلى الشرطة لا يحمي من الارتدادات العنفية

تعتبر المحامية اعتدال محسن أن القانون في هذه الحالات يصل لمرحلة يقف حائراً أمام الاستثناءات والمخارج الكثيرة للقضايا المماثلة. «لكن بالعموم وما هو متعارف عليه أن نفقة الفتاة على أبيها حتى تتزوج وبعد الزواج تصبح نفقتها على الزوج».

كما تستطيع الشابة التي تعرضت لتجربة الطرد اللجوء إلى الشرطة العدلية لإرجاعها للمنزل بقوة القانون. وفق المحامية، مضيفة أنه وفي مثل هذه الحالة «يُخشى من العنف الذي قد يمارسه الأب في حال عودتها. والذي قد يدفعها للهروب من تلقاء نفسها هذه المرة».

وهنا لابد من الإشارة إلى حملات المناصرة المستمرة لاستصدار قوانين جديدة تنصف النساء. وتخفف من حوادث العنف التي يمكن أن يتعرضنَ لها داخل منازلهنّ. سواء من الزوج أو الأب وحتى الشقيق.

للنساء في دمشق خيارات للتوجه.. لكن ماذا تفعل من هن بعيدات عن العاصمة؟

تنصح “اعتدال محسن” الفتيات والنساء في حال تعرّضن للطرد القسري من منازلهن. بالذهاب لأقرب مركز شرطة بهدف ضمان وجود الإطار القانوني لتواجدهن خارج المنزل. أو اللجوء إلى مركز حماية الأسرة في ضاحية قدسيا بدمشق. والتواصل مع مديرة الحالة لاطلاعها على تفاصيل قصتها بهدف فتح ملف لحالتها والتأكد من تحقيقها شروط استقبال الإناث في المركز.

ومن بين تلك الشروط، خلوهنّ من الأمراض السارية والسلامة العقلية إضافة إلى عدم إصابتهنّ بأمراض تستوجب رعاية خاصة كالصرع أو غيره.

حيث يقدم المركز المنامة للسيدات بشكل مجاني تماماً. وبإمكانه تقديم الدعم وتمكينهنّ من خلال مساعدتهن على إكمال تعليمهنّ أو إيجاد عمل مناسب. باعتبار أن الشارع ليس مكاناً آمناً. والمركز أنشئ بهدف مساعدة النساء اللواتي لا يجدن مأوى.

يقوم المجتمع في الجمهورية العربية السورية على أساس التضامن والتكافل واحترام مبادئ العدالة الإجتماعية والحرية والمساواة وصيانة الكرامة الإنسانية لكل فرد. المادة 19 من الدستور السوري

لكن للأسف يقتصر وجود هذا المركز في العاصمة دمشق. دون أن يكون له أفرع في باقي المحافظات، وبالتالي فإن النساء اللواتي يتعرضن لـ العنف خارج العاصمة لا يمتلكنَ مثل هذه الفرصة بحال تعرضهن للطرد.

علماً أن المركز موجود في اللاذقية أيضاً وهو تابع لجمعية تنظيم الأسرة ولكنه لا يوفر السكن للنساء اللاتي تلجأن إليه. نظراً لاقتصار دوره على دعم وتمكين النساء من خلال التوعية والدورات التدريبية للنساء على الأعمال الحرة والمهن اليدوية بهدف دمجهن في المجتمع.

إرسال الحالات من المحافظات إلى دمشق معقد

تطالب الناشطة النسوية “مريانا علي” بإنشاء دار يؤمن المأوى والحماية للسيدات في حلب، على غرار المركز الموجود في دمشق. وتضيف لـ”سناك سوري”: «المشكلة الحقيقية تكمن في الإجراءات المعقدة لتحويل السيدة من حلب إلى مركز دمشق. فالإحالة إلى مركز دمشق تتم عبر تقديم طلب إلى جمعية مدعومة من UNFPA. على سبيل المثال: “جمعية الإحسان” أو “جمعية تنظيم الأسرة” في حلب».

والمشكلة في تلك الإجراءات تتخذ جانبين، الجانب الأول بحال كانت السيدة قد تعرضت للتعنيف وقررت ترك المنزل. فإنها ستتردد بسبب عدم قدرتها على البقاء في الشارع ريثما تنتهي الإجراءات.

والجانب الثاني، بحال كانت السيدة قد تعرضت للطرد من منزلها. فإنها لن تستطيع إيجاد مأوى تبقى فيه ريثما تنتهي الإجراءات وتأتي الموافقة بنقلها إلى المركز في دمشق.

ترعى الدولة النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم. المادة 20 من الدستور السوري

بناءً على ذلك، من المهم جداً وجود مراكز مشابهة في كل محافظة سوريّة. وهو أمر من شأنه مساعدة النساء. وتشجيعهنّ على مواجهة العنف من جهة ثانية.

من المهم جداً وجود مراكز مشابهة في كل محافظة سوريّة. وهو أمر من شأنه مساعدة النساء. وتشجيعهنّ على مواجهة العنف من جهة ثانية

    الناشطة مريانا علي

الحق بالرعاية – حقوق الأبناء في سوريا

حالات الطرد من المنزل تكاد تكون لا تعد ولا تحصى في سوريا وتشكل الفتيات النسبة الأقل. وفي معظم الأحيان يكون الضحايا من الذكور بحسب استطلاع رأي أجريناه على عيّنة بحث استهدف من هم دون سن 18. وغالباً ما يكون المتعرضون للطرد من هذه الشريحة العمرية التي لا خيارات أمامها للجوء لها بعضهم ينام بالحدائق أو عند الأقرباء أو الأقران. وأحياناً يخرج هؤلاء من منازلهم بسبب العنف أيضاً ولا يرغبون بالعودة إليها.

وكما هو واضح فإن حقوق الأبناء في سوريا بالسكن الآمن ضمن أسرهم غير مضمونة. والخيارات أمام هؤلاء معدومة الأمر الذي يفتح الباب نحو تعرضهم لمختلف المواقف وربما الانتهاكات. ويقربهم من خيارات ربما لا يرغبون بها ولا يجدون أنفسهم فيها كالسرقة على سبيل المثال.

لذلك فإن حماية هؤلاء المراهقين والمجتمع تستدعي وجود خيارات لهم للجوء إليها وتكون متاحة على مدار الساعة. ولا تقتصر على العاصمة فهذه قضايا لا يمكن التعامل معها بمركزية شديدة. بلا تحتاج لا مركزية وتواجد منشآت واضحة يلجؤون إليها في حال تعرضهم لهكذا حالات.

وحتى في مراكز الشرطة التي يضطرون للجوء لها يجب أن يكون هناك عناصر متخصصون للتعامل مع الأحداث. كجزء من حقوق الأبناء والأحداث في سوريا.

ويحتاج الأشخاص بهكذا ظروف لأماكن آمنة يلجؤون إليها ودعم نفسي اجتماعي لحمايتهم من آثار هذا الموقف. بالإضافة لإتاحة المجال أمامهم للاستقرار ومتابعة حياتهم.

ويذهب بعض من التقيناهم للمطالبة بعدم إعادة الأبناء إلى ذويهم في هكذا حالات بحال حاولوا ذلك. معتبرين أن طرد الأبناء من المنزل أو تعنيفهم هي جرائم ترتكب بحقهم ولا يجوز إعادتهم لمن يرتكب جريمة بحقهم.

وأنتم مارأيكم بهذه القضية وكيف يمكن التعامل معها وحماية الأبناء والقصّر في حال تعرضهم للطرد أو التعنيف في منازلهم؟.

زر الذهاب إلى الأعلى