وافق وزير الأشغال العامة والإسكان، “سهيل عبد اللطيف”، على قرار نقابة المهندسين، القاضي بتخفيض أتعاب الدراسات والتدقيق للمباني المتضررة جراء الزلزال. بحيث تخفض التعرفة إلى النصف، في أعمال الإشراف على التنفيذ، وأتعاب الدراسة والتدقيق. وكافة الإجراءات الأخرى مع إلغاء الأتعاب الهندسية لقاء إعداد وتصديق تقارير الخبرة الفنية لتقييم البناء.
سناك سوري-خاص
قرار “عبد اللطيف” يأتي ليحسم الجدل تجاه الأتعاب الواجب تقاضيها من المواطنين المتضررين نتيجة الزلزال. والتي يرى فيها غالبية المتضررين مجحفة ويجب إلغاؤها كلها، في المناطق المنكوبة كون الدراسات فرض من الحكومة وليست خياراً.
المهندس “أيهم محمود”، وفي تعليقه على القرار قال، إن الأمر يحتاج لعدة أيام حتى تصدر النقابة تفسيرها، لوجود بعض الأمور الإشكالية فيه. وأضاف لـ”سناك سوري” أن قيمة القرار الإعلامية أكبر بكثير من قيمته العملية.
وأوضح “محمود”، أنه في حالة البناء المرخص أصولاً، فإن كل المخططات مرخصة ومصدقة من نقابة المهندسين والوحدة الإدارية. وأضاف أن القرار يقول أنه “في حال البناء المرخص سابقاً أصولاً ويعاد البناء إلى ما كان عليه بدون استيفاء أتعاب الدراسات والتدقيق”. وهو يعني وفق “محمود” أنه يجب تنفيذ المخططات السابقة دون تعديل، دون أن يوضح موقف بقية إدارات الدولة من الموضوع المالي. وهل ستحذو الوحدات الإدارية “البلدية” حذو نقابة المهندسين وتُعفي ترخيص إعادة البناء وفق الرخصة القديمة. من الرسوم التي يمكن تقديرها بعشرات الملايين.
أما الأمر الآخر الإشكالي وهو الأهم من وجهة نظر المهندس، أنه وفي حال كان البناء وقت دراسته غير مؤهل على الزلازل. فهل نعيد المأساة نفسها ونبني بناء مصيره الدمار بسبب إعادة الترخيص وتوفير بعض الرسوم فقط على حساب النقابة!.
موقف البلديات غير واضح
يقول “محمود”، إنه في حال تعديل المخططات أو عدم وجودها سابقاً للبناء المرخص، يتم استيفاء نصف التعرفة الخاصة بالنقابة للدراسة والتدقيق والإشراف. وأضاف أنه ليس واضحاً هنا موقف البلديات، والتي تشكل رسومها الحالية كتلة مالية قد تصل إلى عشرات الملايين في حال المباني الكبيرة.
وأشار “محمود”، إلى أنه لا يوجد أي اعتراف من النقابة بالأبنية غير المرخصة، ولا دور لها بها. وأضاف أنه ليس للنقابة حق قانوني. في التدخل في أبنية لا تعترف بوجودها الوحدات الإدارية ولا تسمح القوانين الحالية بقبولها تنظيمياً حتى لو تم تخديمها وتزويدها بالكهرباء والمياه وغيرها. هذه المنازل غير معترف بها تنظيمياً، وهنا إشكالية كبيرة ومأساوية أيضاً، لا توجد أي حقوق لهؤلاء. وعملية إعادة بناء مخالف قد تعرضهم للسجن والملاحقة القضائية هم ومن يساعدهم على إعادة إنشائها. هؤلاء المشردين مصيرهم البقاء في الشارع دون أي حل إنساني لهم.
اقرأ أيضاً: 3 تصريحات متناقضة حول رسوم نقابة المهندسين لترميم المباني بعد الزلزال
من يغامر؟
وفيما يخص تقارير الخبرة الوصفية الخاصة بتقييم حالة البناء وهي معفية من كامل الأتعاب. يقول “أيهم محمود”، إنه لا يعلم من هو المهندس الذي سيغامر ويُصدرها ويتحمل المسؤولية القانونية عنها. والمشاكل الناتجة عنها وخاصة في حالة إقرار هدم بناء فيه مستأجرين، او إخلائه من سكانه إلى حين الترميم. من سيحتمل كل هذه المخاطرة بالتعرض للتشكيك والدعاوى في المحاكم وبلا أي مقابل مادي. وكيف سيعيش هذا المهندس ودخله من عمله الحر فقط، وكيف سيتم إجبار المهندسين على قبول عمل بلا أتعاب مع مسؤولية مرعبة. يمكن أن تؤدي ببعضهم إلى التوقيف في المحاكم. دون أي حصانة قانونية لهم.
واعتبر أنه يوجد مشكلة قانونية كبيرة في بند إعفاء أعمال الترميم والتدعيم من نصف قيمة الأتعاب. وأضاف أن الكود السوري الخاص بالتدعيم. يقول أن مسؤولية سلامة البناء بعد التدعيم تصبح كاملة على من قام بدراسة التدعيم وتنفيذه ويتم إعفاء الدارس الأساسي له. والمنفذ السابق من أي مسؤولية قانونية بعد إجراء التدعيم.
وتابع: «على المستوى الشخصي لن أجرؤ على قبول دراسة تدعيم حتى لو دفعوا لي عشرة أضعاف الأجور. فكيف إن قالوا نصف الأجر فقط، والسؤال السابق نفسه من سيجبر المهندسين على قبول هذه المخاطرة. والسؤال الأقسى ماذا عن حالة الأبنية غير المرخصة التي ينتظر أهلها الموت فيها وتدعيمها وفق القوانين الحالية جريمة لأنها مخالفة بناء!».
اقرأ أيضا: هل تحسم الحكومة جدل رسوم الترميم وتتكفل بدفعها؟
التفسير مطلوب
بند إعداد التقارير الفنية مثل تقارير السلامة الإنشائية وردت فيه عبارة “بموجب القرار رقم ٤٣ لعام ٢٠٢٢ حسب تعرفة الاتعاب اعلاه”. وهو أمر يراه “محمود” غير واضح إن كان المقصود بأعلاه مع التخفيض ٥٠% أو خضوعها للقرار ٤٣ لعام ٢٠٢٢ دون تخفيض. هذا يتطلب تفسير النقابة له.
وفي ختام حديثه، اعتبر المهندس “أيهم محمود”، أن هذا القرار محاولة إعلامية غير موفقة في أفضل الأحوال، لأن كل أجور النقابة مجتمعة. لا تتجاوز الواحد بالمائة من القيمة الحالية لأعمال البناء، ومشكلة الناس أكبر بكثير من إعفائهم من هذه القيمة الصغيرة. أو من نصفها فقط دون معرفة موقف الوحدات الإدارية من هذه المسألة وهل ستتخلى عن رسومها الكبيرة جداً. المفروضة على مثل هذه الأعمال أم سيتم إرضاء الناس بتقليص أجور المهندسين الأفراد فقط والإبقاء على حصة الوحدات الإدارية دون أي نقصان. أما الأبنية المخالفة فلا يوجد أي حق لهم للأسف الشديد.
اقرأ أيضاً: هل سيجرؤ المهندسون حقاً على تدعيم الأبنية المتضررة من الزلزال؟