تعديلات غامضة على هيئات مجلس الشعب ونسبة النساء 17%

أظهر نشر القوائم الأولية للهيئات الناخبة في المحافظات السورية تخبّطاً واضحاً في اعتماد أعضاء الهيئات حيث تم تغيير بعض الأسماء حتى قبل صدور نتائج الطعن، فيما ضمّت قوائم أخرى أسماءً مكررة أكثر من مرة، ولم تتعدَّ نسبة مشاركة النساء 17%.

سناك سوري_ هبة الكل

بعد أن أصدرت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة للدوائر الانتخابية صباح الخميس الفائت، رصد سناك سوري تعديلات لاحقة على قوائم محافظة إدلب، حمص ودير الزور وذلك قبل صدور نتائج الطعن.

خلل في عدد أعضاء الهيئات الناخبة

أوضح قرار اللجنة العليا رقم 28 عدد الأسماء في الهيئات الناخبة بأنه يساوي: “عدد المقاعد المخصص للدائرة مضروباً بالرقم 50، وفي حال عدم توافر هذا العدد، يجب ألا يقل عدد الأسماء عن عدد المقاعد المخصص للدائرة مضروباً بالرقم 30 وفي كل الأحوال يضاف ربع الأسماء على العدد المطلوب”.

تبين بالرصد أن القوائم الأولية للهيئات الناخبة في كل من دمشق وريف دمشق وحماة واللاذقية وطرطوس ودرعا التزمت بمعيار القرار السابق، في حين غاب هذا الالتزام عن قوائم محافظات إدلب، حمص، دير الزور، القنيطرة وحلب.

حيث بلغ عدد أسماء قوائم محافظة حلب 1502 عضواً، بينما كان من المفترض أن يصل العدد إلى 1600 إذا ما حسبنا عدد مقاعد المحافظة الـ 32 مضروباً بالرقم 50، ما يثير تساؤلات حول عجز اللجان عن تأمين 98 اسماً إضافياً للقائمة التي ستنتخب نواب محافظة تعداد سكانها بالملايين؟.

من جانب آخر، فإن الأعضاء الـ 1502 ما زالوا عرضة للنقص في حال تم قبول الطعن بعدد منهم، أي أن النقص مرشح للازدياد، وكان الأجدى اختيار قوائم أولية تراعي إمكانية النقص جراء الطعون.

أما قائمة دائرة خان شيخون في محافظة إدلب فشهدت بعد التعديل إضافة اسمين وهما: ” محمد مفضي الهزاع، علي محمد الأيوب” ليرتفع عدد أعضاء الهيئة الناخبة في الدائرة إلى 52 بدلاً من 50 بعد نشر القائمة المعدلة.

وبالتالي استطاعت اللجنة تأمين اسمين إضافيين لدى محافظة إدلب ليرتفع عدد ناخبيها من 600 قبل التعديل إلى 602 بعد التعديل، علماً أن حصة “إدلب” 12 مقعداً يتم ضربها بـ 50 ليصبح المجموع 600 ناخباً.

وعن قوائم محافظة حمص الناخبة فقد بلغت 597 عضواً ناخباً، أي ينقصها 3 أعضاء عن الحد المفترض، علماً أن قائمة دائرة مدينة حمص شهدت حذف اسمين من أعضائها بعد التعديل وهما “أحمد عبد الجواد عودة، أندريه كليم ديب”، ليصبح مجموع الناخبين في دائرة مدينة “حمص” 398 ناخباً بدلاً من 400 ناخب.

كما سجل نقص 4 أعضاء عن قوائم محافظة القنيطرة (146 ناخباً من أصل 150 ناخباً)، والتي شهدت بدورها تكرار اسم “أيمن محمد عبد الله” مرتين متتاليتين.

يبدو جلياً أن قائمة محافظة دير الزور تعاني الكثير من التخبط، فمن جملة التعديلات التي طالت قوائمها تبين أنه تمّ حذف 5 تكرارات لأسماء وردت مرتين في قوائمها.

مع حذف نهائي لـ 11 اسماً، بينهم امرأتان، وإضافة 11 اسماً جديداً بدلاً عنهم من ضمنهم 4 نساء في القائمة الجديدة بعد التعديل.

ولوحظ في دائرة دير الزور أن الاسم “محمود حسين” ثنائي ويليه مباشرة اسم “محمود حسين المخلف” ثلاثي.

وبلغ عدد أعضاء الهيئات الناخبة في عموم دوائرها الانتخابية 492 ناخباً، بنقص 8 أعضاء عن الحد الأدنى المفترض.

في النهاية نصل إلى أن الفقد للأعضاء الناخبة من القوائم المذكورة يصل إلى ما مجموعه 111 اسماً، وبإضافة الاسم المكرر من القنيطرة مع رقم خانة التعداد (97) المحذوف من قائمة الميادين الناخبة يرتفع المجموع إلى 113 ناخباً مفقوداً.

وبناءً عليه فإن النقص الحاصل في عدد أعضاء الهيئات الناخبة في دوائر “حلب، دير الزور، القنيطرة، حمص” يعكس عجزاً من قبل اللجنة عن تأمين ما عدده 113 اسماً ناخباً، بالمقابل تمّ تأمين أسماء إضافية بعد تعديل بعض القوائم كما في قوائم محافظة إدلب لتصبح 602 عضواً ناخباً بدلاً من 600 ناخب.

ينصّ القرار التنفيذي (28): “تصدر اللجنة الفرعية قراراً يتضمن القائمة الأولية لأعضاء الهيئة الناخبة عن دائرتها، الواردة إليها من اللجنة العليا، ودون أي تعديل على الأسماء الواردة إليها”.

هذه المعطيات تظهر ضعفاً في تأمين عدد كافٍ للهيئات الناخبة من جهة، وإجراء تعديلات غامضة على القوائم قبل البت في الطعون دون نشر أي توضيح أو اعتذار عن الخطأ من قبل اللجنة العليا أو اللجان الفرعية.

تمثيل نسائي دون الـ 20% .. وحضور شبابي متواضع

وتجدر الإشارة إلى أن قائمتي الميادين ودير الزور من محافظة “دير الزور” كانتا تضمان أسماء ناخبتين هما” هدى الحسين” و “لينا محمد غالب ال فخري” قبل أن يتم حذفهما في القائمة المعدلة لأسباب غامضة.

وبالرغم من أن أغلب القوائم في الدوائر الانتخابية قد احتوت على نساء في هيئاتها

من جانب آخر فإن النظام الانتخابي لم يتحدث عن نسبة واضحة لتمثيل فئة الشباب بين 18 و30 عاماً، وبحسب ما رصد سناك سوري في الهيئات الناخبة:

أخطاء بالجملة في إعلان الهيئات الناخبة

نص القرار التنفيذي على أنه “يجب أن تتضمن الهيئة “الناخبة” بجانب كل اسم المواليد، القيد المدني، مكان الإقامة، الشهادة، العمل الحالي، وخانة خاصة للملاحظات تملأ حسب الحاجة”، كما نص المرسوم 143 والقرار المعني بنسب قائمتي الأعيان والكفاءات، على أن يكون ترتيب الأسماء الواردة وفقاً “للأحرف الهجائية.

بالعودة إلى القوائم الناخبة الأولية المنشورة نلحظ عدم الالتزام بتلك المعايير المؤقتة من جانب تقسيمها لفئتي الأعيان والكفاءات ولا من جانب التفاصيل الشخصية لأعضاء الهيئة الناخبة.

بموازاة ذلك، شهدت قائمة “جبل سمعان” في حلب ورود اسم ناخب ” خالد عارف جغل” دون مواليد ولا قيد، ومثلها قائمة دائرة حارم التي ضمت اسم “بتول عبدو سيد بكور” بمواليد “36717”، بالإضافة إلى 3 أسماء بلا قيد ومواليد عن دوائر محافظة دير الزور.

وبالرغم من التزام أكثر القوائم بالترتيب الهجائي للأسماء إلا أن قائمتي دائرة “معرة النعمان” عن محافظة إدلب، ودائرة “قطنا” عن ريف دمشق لم تلتزما بالترتيب الهجائي.

على صعيد آخر، وبالرغم من إصدار اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة صباح الخميس، إلا أنه لم تصدر القوائم الناخبة لمحافظتي الحسكة والرقة، علماً أنها نشرت قبل 5 أيام من الخميس القائمة النهائية للجان الفرعية لدائرة رأس العين في الحسكة ودائرتي معدان وتل أبيض في الرقة.

مجلس الشعب القادم .. التعيين يقرر الانتخابات

إنّ تشكيل مجلس الشعب المؤقت يرتبط بالإعلان الدستوري وبمرسومين تشريعين، الأول رقم /66/ القاضي بتشكيل لجنة عليا للانتخابات وتحديد عدد مقاعد المحافظات في المجلس، والآخر المرسوم /143/ الذي فصل النظام الانتخابي بالإضافة إلى القرار التنفيذي رقم /28/.

ومنذ صدور الإعلان الدستوري في آذار الجاري، لم تتحرك عجلة تشكيل المجلس حتى أول حزيران.

نصّ الإعلان الدستوري على أن رئيس الجمهورية يعيّن ثلث أعضاء مجلس الشعب “70 عضواً” مكتفياً بعبارة “لضمان التمثيل العادل والكفاءة”، فيما أثار ذلك أسئلة عن مدى استقلالية هؤلاء الأعضاء وإمكانية تمتعهم بالحرية للاعتراض على القرارات القادمة من الرئيس الذي عيّنهم.

بالمقابل، فإن الثلثين الباقيين “140 عضواً” لن يكونوا منتخبين بشكل مباشر من المواطنين، بل تم ابتداع طريقة أخرى لاختيارهم بشكل “شبه انتخابي”، حيث يقوم رئيس الجمهورية أيضاً بتعيين لجنة عليا للانتخابات من 11 عضواً، تعيّن بدورها لجاناً فرعية، وهذه اللجان تختار “هيئات ناخبة” تقوم بترشيح وانتخاب أعضاء الثلثين متوزعين على المحافظات بحصص حدّدها قرار اللجنة العليا رقم 24 بعد رفع العدد الكلي لأعضاء المجلس من 150 إلى 210 أعضاء.

الشعب.. خارج المجلس ونطاق الطعن

من جهة أخرى، اللجنة العليا فتحت باب الطعن في القائمة الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة “لكل ذي مصلحة” كما وصفه قرارها (28) ضمن الفقرة 8، لتقوم لاحقا بتحديد حق الطعن لنتائج الانتخابات ضمن فئة المرشحين وفقا للفقرة 18.

أي بعد صدور القوائم النهائية للهيئات الناخبة واختيار المرشحين للمجلس لا يمكن الطعن بهم إلا من قبل المرشحين فقط، كما أن خيار الطعن لا يشمل بطبيعة الحال الثلث الذي يعيّنه رئيس الجمهورية بحسب الآلية المتبعة حالياً.

حجم التخبطات وفوضى الأسماء والأرقام في عملية تشكيل المجلس يثير تساؤلات جديدة تضاف إلى الجدل حول جودة العملية الانتخابية والمنهجية المعتمدة وطريقة اختيار أعضائه، حيث اختير 6050 شخصاً دون قوائم ناخبي الرقة، الحسكة والسويداء، ليكونوا مرشّحين وناخبين في آنٍ معاً، وبقي لرئيس الدولة اختيار ثلث أعضاء المجلس.

بينما غابت الإرادة المباشرة للمواطنين في اختيار ممثليهم في ظل أزمة تمثيل سياسي طالما عانت منها سوريا منذ الاستقلال وحتى اليوم.