ورشة الرمحين لصناعة العود.. حرفة الأشقاء الستة
أعواد احترافية من خشب الورد والجوز وسعر الواحد يبدأ من مليون ليرة

ينقل “ريمي الرمحين” 39 عاماً، أصغر صانعي الأعواد في عائلة “الرمحين” من “القريا” بالسويداء. قصة عشق والده للعود التي زرعها في الأبناء لتعلم العزف. ليختار الأشقاء الـ6 تعلم صناعته إلى جانب العزف عليه. فأفلحوا بتلك الصناعة وأسسوا لورشات أقدمها في بلدة “القريا” وورشة السويداء ودمشق أنتجت أعواد بحرفية عالية.
سناك سوري-رهان حبيب
في رحلة البحث كانت ورشة الخال “فوزي النهار” في دمشق بداية المشوار للابن الأكبر “بديع الرمحين”. الذي نهل من خبرته واختزن منها مهارة عاد بها إلى “القريا” بلدته ليؤسس ورشة لصناعة العود بعمل يدوي بالكامل. تشارك فيها مع أخوته الستة وتدوير العمل بينهم حتى وصلت اليوم للصانع الأصغر فيها “ريمي الرمحين”.
ويقول “ريمي الرمحين” لـ سناك سوري: «تحول شغفنا بالعود بين يدي والدي إلى مشروع عمل متكامل بعد أن عاد أخي بديع الرمحين من “دمشق”. وأسس لورشة في قريتنا جسد فيها مهارة الحرفي الذي أتقن العزف وفي روحه ميل للكهنوت وعمل بجد حتى تم اختياره ليتابع مشواره الديني. بعد أن صنع قطعاً بديعة عندما كان مرنماً بالكنيسة واختير ليصبح كاهنا وبقي ملازما لمهنة صناعة العود. ينتقي أفضل الأخشاب لأجمل الأعواد حتى قرر الانتقال إلى هولندا قبل عدة أعوام».
افتتح الأشقاء ورشة صناعة العود في السويداء عام 1987 وكان يقصدها عشاق الموسيقى والعود بشكل خاص. يقول “الرمحين”، ويضيف أنه اليوم الصانع الأصغر، وكان بعمر الأربع سنوات حين بدأ مشواره مع أشقائه مع هذه الآلة وهو العمر ذاته الذي يبلغه ابنه اليوم وهو يرافقه إلى الورشة.
عمل الأشقاء الـ6 بالورشة لسنوات طويلة، ثم قرر شقيقهم “ميلاد” افتتاح فرع لها في دمشق. وهناك وفق “الرمحين” أنتج أفضل الأعواد على مستوى العالم العربي. «وتعاملنا مع مطربين وعازفين كبار، وبقيت المهنة ضمن العائلة وحاليا أورثها لابني ليتعلم كما تعلمت في ذلك الزمن مراحل تربيط الريش قبل جمع الأضلاع كلها. بمرحلة السنفرة والدهن بالكامليكا اليدوي لرفع جودة القطعة».
اقرأ أيضا: علي معلا.. يبتدع أسلوباً فنياً جديداً باستخدام الجلد الطبيعي
اختيار المستلزمات
“الرمحين” يخبرنا أنهم يختارون أنواعاً بعينها للظهر منها خشب الورد والجوز الشامي. وخشب الجوز المغلي وأخشاب مستوردة مثل خشب “السيسم الهندي”.
وللصدر أخشاب مثل “الشوح” و”السيدار” و”الأرز” وعدة أنواع منها الكندي والأمريكي وكل منها له طبيعة وصوته الخاص. يقول ويضيف أن أفضل الأخشاب هو الجوز كون سعره منخفض يناسب أوضاع الزبون للحصول عليه بجودة عالية وشكل جميل.
ويقول: «تربيت في هذه الورشة مع أخوتي وتعودت على رائحة اللاصق والأبخرة ولم أمل يوماً من هذه المهنة التي لا يعرف صعوبتها. إلا من عمل بتشكيل العود الذي يبدأ من القص وتشكيل الريش ووضعها في القالب وعمليات تحتاج الكثير من الصبر والدقة. وإن لم يكن الحرفي عاشقاً لهذه الألة ولديه خبرة بالأخشاب والصوت وغاية كل مرحلة لن يفلح بإنتاج عود جميل».
معاناة مشتركة
“ريمي الرمحين” يعاني مثله مثل باقي الحرفيين من انقطاع الكهرباء ونقص الغاز وارتفاع أسعار الأخشاب. لكن العمل جيد وبرأيه أن حرفية العمل مثبتة والزبون القادم لشراء أي قطعة يمكنه اكتشاف جودة أعواد “الرمحين” التي سافرت مع عشاق العود. إلى مناطق بعيدة من العالم تعود للورشة للصيانة بعد أعوام طويلة من صناعتها.
يختتم “ريمي” حديثه ويقول أنهم في ورشة الأخوة في السويداء والقريا وورشة دمشق التي توقفت لسفر مؤسسها. حافظوا على خطوط العمل الأساسية لكن التطور طال المعدات فقط. وهذا ما أكده “كميل الغوطاني” عازف لمسَ جودة العمل ويقول: «فرق كبير بين ما تنتجه الورشة وما يتوافر بالأسواق من أعواد أقل جودة لا تحقق رغبة العازف ولا تلبي طموحه».
يذكر أن سعر العود الواحد يبدأ من مليون ليرة، لكون الورشة لا تنتج إلا الأعواد الاحترافية، يقول “الرمحين”.