الرئيسيةفن

يخافون جود سعيد والثالثة ثابتة لكنها الأصعب!

السيناريست حسن سامي يوسف يعود للدراما بعمل مأخوذ عن روايته الأخيرة "على رصيف العمر"

ما إن أعلن الكاتب والسيناريست “حسن سامي يوسف”، عن مشروع مسلسل تلفزيوني جديد حتى تفاءل محبوه بالموسم الدرامي القادم، لكن المخاوف توالت عند كشف تفاصيل العمل المأخوذ عن روايته، “على رصيف العمر” التي ستعيد عدسة المخرج السينمائي “جود سعيد”، خلق شخصياتها بصريا في ثالث تجاربه التلفزيونية بعد مسلسلي “أحمر” و”خريف العشاق”.

سناك سوري – عمرو مجدح

تذكر محبو وقراء الكاتب آخر مسلسلاته “فوضى” 2018، وخيبة أملهم بالعمل الذي عاد فيه “يوسف” مع الكاتب “نجيب نصير” لتشكيل ثنائي قدما سابقا العديد من الأعمال الناجحة، لكن العمل لم يلقّ النجاح المتوقع بعدما واجه عدة أزمات منها انسحاب المخرج “الليث حجو”، وتولي “سمير حسين” الاخراج ورأى الكثيرون أن الاخراج لم يرقَّ، إلى مستوى السيناريو ويذكر أن العمل كان استعادة لمسلسل “الانتظار” 2006 ولكن ضمن الشرط الحياتي الذي فرضته الحرب السورية في السنوات الأخيرة.

وبالعودة إلى مشروع “على رصيف العمر”، من المؤكد أن تلك المخاوف مشروعة ونابعة من حرص ومحبة المتابع والقارئ للعمل الروائي، وتحمل المخرج مسؤولية أكبر وتحدي لكسب ثقة المشاهد بصناعة صورة بسيطة تقترب وتحاكي خيال القارئ.

وعن ذلك يقول الناقد الفني “عامر فؤاد عامر” لسناك سوري: «لطالما دبّ الخلاف بين خيال الكاتب عبر روايته وخيال المخرج عبر فيلمه أو مسلسله، فمن الصّعب جدّاً أن يكون هناك توافق بين الخيالين، لا سيّما وأن المبدع يبقى على اعتزازٍ بما يحلّقُ به من أفكار وعواطف وما بينهما، لدرجة أن البعض يصف ذلك بالأنانيّة المشروعة، من باب أحقيّة الدّفاع عن المُنتج الفنّي».

ويضيف: «عندما تولد لغة من الاتفاق والتفاهم بين الكاتب والمخرج سيكون هناك نتيجة مُرضية ولو بحدود، وهذا ما أوحت به تجربة الكاتب “حسن سامي يوسف” عبر روايتيه “فاطمة” و”عتبة الألم” مع المخرجين: المبدع الراحل “حاتم علي” والمجتهد “الليث حجو”، وكان الإيقاع مقبولاً لدى معظم من تابع العملين واهتمام الجمهور أخذ علامة قويّة تفيد بأن هناك تناغم في اللغة الفنيّة كشراكة بين روائي ومخرج».

لطالما دبّ الخلاف بين خيال الكاتب عبر روايته وخيال المخرج عبر فيلمه أو مسلسله، فمن الصّعب جدّاً أن يكون هناك توافق بين الخيالين- الناقد عامر فؤاد عامر
اقرأ أيضا فرصة الدراما لتغيير الواقع _ شاهر جوهر

يقول الكاتب والمدون “مجد حرب” عن رواية “على رصيف العمر”: «هي بنية سردية من جنس السيناريو، أكثر من كونها جنس الرواية، وأعتقد أن الأستاذ “حسن سامي يوسف” غلبه طابعه الدرامي، لذلك أرى أن تحويلها لعمل درامي سيكون ناجح جدًا».

يكشف “حرب” أن الكاتب اقتبس في روايته شخصيات قدمها سابقا في أعمال تلفزيونية، مثل “الانتظار” و”الندم” ويتابع قائلا: «الرواية برأيي لن تفقد قيمتها إذا تم تقديمها كعمل درامي بل قد تزيد قيمتها كون هذا مكانها الأفضل نسبة لبنية النص».

وعن عدم تقبل بعض القراء تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام ومسلسلات، يقول “حرب” لسناك سوري: «لأن الجنس الأدبي كُتب ليقرأ، والعمل الدرامي كُتب ليشاهد. رغم بساطة هذه الجملة ولكنها ركيزة عند كتابة العمل، لذلك غالبا صعب التوافق بين الاثنين».

رواية على رصيف العمر لحسن سامي يوسف
اقرأ أيضا جود سعيد: بالمواضيع الخطرة نلجأ للرقابة لتحمينا

يرى الكاتب والصحافي “يوسف شرقاوي” أن المخرج “جود سعيد”، يحتاج إلى بناء ثقة أكبر مع مشاهد التلفزيون وتابع قائلا: «لدى المشاهد فكرة خاطئة بعض الشيء حول تحويل الرواية إلى عمل تلفزيوني، في كثير من الأحيان كاتب الرواية نفسه، هو من يحولها لسيناريو تلفزيوني، والمخرج يقوم بتصوير السيناريو بالتالي النسخة النصية تبقى بيد الروائي والمخرج مسؤول فقط عن تحويلها لصورة واختياره لأبطال هذه الصورة، وطريقة معالجتها».

يتناول “شرقاوي” في حديثه لسناك سوري مسلسل “الغفران” 2011 لـ “حسن سامي يوسف” قائلا: «قدمه “حاتم علي” بإخراج بسيط جداً، وبطيء، وفيه شطط هائل لكن الناس أحبوه، لأن الدراما في ذاك الوقت، لم تكن بنفس الدرجة من الاستهلاك، ولم يكن العالم الاستهلاكي كما هو علية اليوم أما مسلسل “الندم” 2016، المأخوذ عن رواية “عتبة الألم” أخرجه” الليث حجو” بمرحلة مرعبة، وأرى أنه في ذلك الوقت حقق شيء من تطهير أرسطي، مثلما فعلت التراجيديا باليونان».

يؤكد الصحفي أن هذه المرحلة بالذات، شائكة ويقول: «تحويل رواية “على رصيف العمر” إلى عمل تلفزيوني تجعل “جود سعيد” أمام تحدي رهيب، لأن بيئة المُشاهد والذهنية اليوم مختلفة تماماً، والتلفزيون لم يعد مثلما يقول “أوكتافيو باث”: “موروث شفوي” بل أصبح  صناعة ترفيهية وأكثر ما هو سيء بهذه  الصناعة هو “الشللية”».

تحويل رواية “على رصيف العمر” إلى عمل تلفزيوني تجعل “جود سعيد” أمام تحدي رهيب، لأن بيئة المُشاهد والذهنية اليوم مختلفة تماماً – الصحفي يوسف شرقاوي

ويضيف: «بعد مسلسلين لم يحققا نجاحا جماهيريا تعد هذه تجربة “جود” الثالثة وكما يقال “الثالثة ثابتة”، لكنها الأصعب، لأنه يتعامل مع نص لكاتب مُجمَع على حبه، ويرى محبوه أنه لا يمكن أن يقدم نص سيء، وأي ملامة ستكون من نصيب المخرج الذي أتمنى أن يخرج من نطاق ما هو نخبوي، ليصّل لعملية تلقي مختلفة».

مسلسل الغفران

اقرأ أيضا سوريا.. حكاية البندق الأسترالي بقلب دمشق!

وعن المسلسل المنتظر 2023 يقول الناقد “عامر فؤاد عامر”: «علينا بداية التّفاؤل في مثل هذه الخطوة من باب أن الإنتاج التلفزيوني في سوريا، عزف عن استقدام رواية وتحويلها لنص وسيناريو تلفزيوني منذ العام 2018 ونقصد رواية “عندما تشيخ الذئاب” للأديب الراحل “جمال ناجي”».

ويضيف أن انتقاء رواية دسمة هو زاوية حادّة تدعم العمل في جانب، وترفع من شأن أحد أهم عناصر نجاح المسلسل وهو النص، لكنها تقع بعبء مسؤولية كبيرة، فالناس تنتظر لوحة جديدة عن اللوحة الأم أكثر نصاعةً، ولا ترغب بمشاهدة حكاية هزيلة، بمعنى أن إعادة الخلق يجب أن تراعي فكر ومشاعر المتلقي (كما أشار أرسطو) وترفع المستوى الذي نجحت به الرواية.

يكمل “الصحافي والناقد” حديثه لسناك سوري حول سيكولوجيّة المخرج واختيار الممثلين قائلا: «بوجهٍ عام نجد أنه يتمتع بواحد من جوانبه بالفكرة المفاجئة التي يعتمدها كفنان يخلق لوحة فنية جديدة، وهنا يحدو الواجب لديه باختيار الممثل الجديد الذي ربما يكون في أحيان غير معروف لدى الجمهور، فترتبط مفاجئة الفكرة بعنصر المغامرة، ولكن في زماننا يبقى للمنتج ورغبة التسويق كلمة لا يمكن التغافل عنها، فيمكن الاتجاه نحو المشهور أكثر بكثير من الوجه الجديد».

وعن تكرار الثنائيات ببن المخرج والممثل يقول “عامر”: «بعض المخرجين يقعون في فخ التكرار من حيث تلاصق خيالهم الإبداعي في عالم الإخراج باسم ممثل أو ممثلة وكفى، وهذا قد يفيد بصيغة أقرب للهشاشة في رغبة المخرج بأن يكون قائد مجدّد في عمله، فينتقي في كلّ مرّة ممثلاً يفاجئ به المتلقي، فيزيد من تاريخه تجربةً قد تكون علامةً فارقة في حال أقنع النّاس به، أمّا أن يكرّر نفس الوجوه فهنا يزداد العبء عليه أكثر لأنّه اختار الخطّ الأفقي المكشوف، وبالتالي لن يتمكن من مفاجأة الجمهور ولا تشجيعه على المتابعة».

اقرأ أيضا صفاء سلطان تطلب من جود سعيد الاعتراف بحبها

الممثل محمد الأحمد والمخرج جود سعيد شكلا ثنائية فنية في عدد من الأعمال

زر الذهاب إلى الأعلى