الرئيسيةيوميات مواطن

وحش الأسعار يقتل أحلام السوريين بشراء ملابس العيد لأبنائهم

أسعار خيالية لا تطالها الرواتب .. وأطفالٌ يكبرون قبل أوانهم تحت وطأة الوضع المعيشي

بلغ التدهور المعيشي في “سوريا” حدّاً بات معه شراء ملابس العيد للأولاد مهمة صعبة وربما مستحيلة لكثيرين مع الأسعار الخيالية للملابس مقابل المداخيل المتدنية.

سناك سوري- مراسلون

ولا تختلف الأحوال بين محافظةٍ سورية وأخرى. إذ تتقارب الأسعار إلى حد بعيد بل وتتنافس في ارتفاعها إلى مستويات لا يطالها دخل الموظف والعائلات متوسطة الحال. والتي وجدت نفسها عاجزة عن تحقيق أمنية أبنائها بشراء ملابس جديدة للعيد وهو أمر كان معتاداً وتقليدياً كل عام.

أطفال سوريا يكبرون قبل أوانهم

أجبرت الظروف المعيشية الأطفال السوريين على أن يكبروا بسرعة على ما يبدو. إذ باتوا يتفهّمون رغم صغر سنّهم أحوال أسرهم المادية.

في “اللاذقية” تقول “زينب 15 عاماً” إنها لا تكترث لشراء ملابس العيد. وتعتبر أنها رفاهية زائدة عن الحاجة في هذه الظروف التي تمرّ بها عائلتها المكونة من 4 أشخاص.

تقول “زينب” لـ سناك سوري  «العيد مناسبة روحية وأتفهم عدم مقدرة والديّ على شراء ملابس جديدة للعيد لي ولأختي»، وتضيف: «بعض زميلاتي اللواتي ينحدرن من أسر ميسورة الحال ينظرن بفوقية وتعالي لأبناء الأسر الفقيرة ويتباهين بملابسهن الجديدة». في إشارة واضحة إلى مدى الأثر النفسي الذي يتركه العجز عن شراء ملابس جديدة على المراهقين الذين يواجهون في بعض الحالات تنمّراً من أصدقائهم لهذا السبب.

في حين. لجأت “رنا 40 عاماً” إلى ابتداع حلول أخرى لتأمين بديل عن الملابس الجديدة لابنتيها. فالسيدة التي لا يتجاوز راتبها مع راتب زوجها كموظفَين حكوميين 300 ألف ليرة. إلى جانب دخل من عملها في الخياطة لا يتعدّى 100 ألف شهرياً. لا تستطيع تغطية تكاليف المعيشة من هذا الدخل إضافة لشراء ملابس جديدة للعيد.

اقرأ أيضاً:اللاذقية: من هي الفئة التي تشتري الملابس بهذه الأسعار؟

تقوم “رنا” بإعادة تدوير الملابس القديمة. وتقول لـ سناك سوري: «مهما حاولنا إقناع المراهقين بكون ملابس العيد من الكماليات، يبقى للملابس الجديدة أثرها المميز ونكهتها الخاصة عندهم». وتلفت “رنا” إلى أن كل شيء عندها قابل لإعادة الاستهلاك. مضيفةً «لا تنتهي صلاحية الملابس عند ابنتي الكبرى، بل تتبادل الملابس مع أختها الصغيرة حينما تصبح أكبر من مقاسها».

حمص .. أم الفقير لم تعد كذلك

في “حمص” التي لطالما حملت لقب “أم الفقير” كرمزٍ لقدرة أي شخص مهما كان فقيراً أن يعيش فيها. يبدو أن الغلاء نزع عنها اللقب وأصبحت الأم عاجزة عن شراء ملابس العيد لذاك الفقير.

تتحسّر “أم جعفر” على عجزها عن شراء ملابس جديدة للعيد لأبنائها الخمسة. لا سيما وأن ذلك يحتاج 800 ألف ليرة على الأقل، وهو رقم اعتبرت إنفاقه على الملابس جريمة في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة.

“أم جعفر” ربة منزل يعمل زوجها في الدهان والديكور. ورغم أن متوسط دخله الشهري يصل إلى مليون ليرة إلا أن تكاليف المعيشة تتجاوز ذلك الرقم.

اقرأ أيضاً:اللحام: إقبال كبير على الشراء رغم ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم

تقول “أم جعفر” أن أفراد العائلة تشاوروا واتفقوا على شراء ملابس جديدة للابن الأصغر فقط، فقامت بشراء بلوزة لطفلها بسعر 50 ألف ليرة. وحذاء بـ 40 ألف، وتراجعت عن شراء بنطال جديد له لعدم قدرتها على ذلك حالياً.

وتؤكد السيدة أن الأهل يعيشون ضغطاً كبيراً خلال فترة العيد. ويرون أن من حق أولادهم الفرح بملابس جديدة والشعور بأجواء العيد كغيرهم من الأولاد. لكن الوضع المعيشي يفرض على الأهل التقشف، مضيفة أن على الأبناء كذلك تقدير أحوال ذويهم.

أرخص الملابس خارج قدرة العائلات

ادخرت “مريم 42 عاماً” مع زوجها بعض المال من خلال الاشتراك بجمعيات. بهدف جمع ما يكفي لشراء ملابس لأطفالهم بحلول العيد.

“مريم” وهي موظفة حكومية بينما يعمل زوجها كموظف في القطاع الخاص. حاولت شراء ملابس لأبنائها وهم 3 فتيات وصبي تقل أعمارهم عن 19 عاماً. واكتشفت أن شراء ملابس كاملة للجميع سيحتاج نحو مليوني ليرة. بينما لا يكاد دخلها مع زوجها يكفي للطعام والشراب شهرياً.

وتشير إلى أنها لا تختار البضائع الرخيصة عند الشراء. لأنها سرعان ما تتلف بعد شهر أو اثنين ما يضطرها لشراء ملابس بديلة عنها. لذلك فإنها تعمل على شراء الأكثر جودة وإن كان ذلك على حساب مدخراتها.

في جولة على أسواق “ريف دمشق”. رصد سناك سوري أسعار أرخص الملابس التي تناسب الأعمار بين 15 إلى 18 عاماً. حيث يبدأ سعر الحذاء بـ 15 ألف ليرة. وبنطال الجينز 35 ألف ليرة، والقميص 35 ألف ليرة. ما يؤمّن أرخص بدل لمراهق بمبلغ يقارب 100 ألف ليرة.

اقرأ أيضاً:أسواق دمشق “جانة” وباللاذقية طالعة نازلة.. بورصة الأسعار بآخر أيام رمضان

أما ثياب الفتيات فيصل أقل سعر بلوزة إلى 50 ألف للقطعتين و35 ألف للقطعة الواحدة. ويبلغ سعر الفستان 150 ألف. والبنطال 35 ألف ليرة. في حين يبدأ سعر حقائب اليد من 15 ألف ليرة. والحذاء ابتداءً من 15 ألف ليرة، بالإضافة إلى 11 للحجاب في حال كانت الفتاة محجبة. ما يعني أن المجموع يتجاوز حاجز الـ 100 ويصل لنحو 150 ألف ليرة.

دير الزور .. البحث عن بديل في البالة

يأسف “أبو محمد” لتدهور الحال إلى درجة أن راتب الموظف الحكومي كاملاً لم يعد كافياً لشراء ملابس للعيد. ويقول أن دخله مع زوجته وهي موظفة كذلك لا يتجاوز 250 ألف ليرة لا تكفي للاحتياجات المعيشية لأسرته المكونة من 3 أبناء وفتاة في المرحلة الجامعية.

يقول “أبو محمد” لـ سناك سوري أنه يعتمد عموماً على الحوالات التي يرسلها ابنه من “دبي” حيث يعمل في أحد المطاعم. مضيفاً أنه يحتاج إلى ربع المصروف الشهري للعائلة. من أجل شراء ملابس العيد لابنه الأصغر فقط والبالغ من العمر 12 عاماً.

ويوضح رب الأسرة أن سعر بنطال الجينز بلغ نحو 100 ألف ليرة. بينما يصل متوسط سعر الكنزات إلى 50 ألف. ومتوسط سعر الحذاء في أسواق “دير الزور” إلى 70 ألف ليرة. مشيراً إلى أنه سيلجأ إلى البالة من أجل تقليص النفقات وإسعاد أولاده بدلاً من إنفاق أكثر من 200 ألف لشراء ملابس لطفل واحد.

شراء ملابس العيد للأبناء بهدف إدخال الفرح إلى قلوبهم لم يعد أمراً سهلاً للسوريين الذين بات الغلاء يلاحقهم في كافة تفاصيل حياتهم ويجعل البديهيات أحلاماً بالنسبة لهم. ويتركهم يبحثون عن حلول أمام هذا العجز.

اقرأ أيضاً:التذمر من غلاء الحلويات يثير امتعاضه .. مسؤول محلي: اشتروا على قدكن

المراسلون: صفاء صلال – ابراهيم قماز – حلا منصور – سدرة نجم – ميس الريم شحرور – ناديا سوقية 

زر الذهاب إلى الأعلى