إقرأ أيضاالرئيسيةتقارير

واقع قرى ريف “اللاذقية” يكذِّب وعود الحكومة

سناك سوري – ياسمين كرّوم

لبى المواطن “رائد جمل” نداء حكومته التي شجعته على العودة لقريته “خربة سولاس” الواقعة في منطقة مشقيتا بعد استتباب الأمن والطمأنينة فيها، وقدمت له كيلاً من الوعود حول توفير الخدمات والاحتياجات الأساسية في القرية، فلِمَ لا وهو المتضرر الأكبر من عملية البحث عن ملاذ آمن له ولأسرته هرباً من حرب استنزفته ماليا كحال كثير من أبناء قريته الذين ذاقوا من نفس كأسه، فاختاروا العودة لقريتهم المنسية كأهون الشرور.

لم يكن سكان قرية “سولاس وخربتها” والقرى المحيطة بها متحمسون لقرار العودة رغم تنفيذهم له، فقريتهم المطلة على بحيرة 16 تشرين وسدها العظيم في مشقيتا، تعاني أزمة مياه شديدة عمرها عشرات السنين، وهي تسبق “الأزمة” الحالية التي تمر بها البلاد عمراً وقدما على حد تعبير “جمل” الذي استطرد في حديثه قائلا: «تخيل أن مياه البحيرة تصل إلى “جبلة وبانياس” لكن القائمين على توزيع مياهها عجزوا عن إيصالها لنا نحن الذين نبعد مئات الأمتار عنها ونعيش على بعض الصهاريج التي تزور قريتنا لتوزع المياه علينا كل حسب حظه ونصيبه».

يبلغ عدد سكان قرى “سولاس” و”خربة سولاس” والقرى المحيطة بها كـ “بيت حليبية، الزهراء، الملك” قرابة ألفي نسمة، نزح معظمهم جراء الحرب التي شهدتها منطقتهم خلال الأعوام السابقة، وعاد أكثر من سبعين بالمئة منهم لمنازلهم في الفترة الماضية كما قال مختار القرية “غسان جمل”، لكنهم لم يحصلوا على تعويضات مجزية لإعادة إعمار بيوتهم المهدمة، فالمبالغ المقررة من اللجان المعنية لم تتجاوز 150 ألفا لترميم كل بيت، مبلغ عزف الكثير من سكان القرية عن أخذه كتعويض لا يمكن أن يشتري “نوافذ” لمنزل واحد بأسعار السوق هذه الايام.

عمل قسم كبير من سكان هذه القرى على ترميم منازلهم المهدمة بتمويل ذاتي منهم، حتى أن بعض المنازل هجرها أصحابها تماما ورفضوا العودة إليها لعدم تمكنهم من توفير المال اللازم للترميم، بالإضافة لاحتراق أشجار بساتينهم وقسم كبير من الغطاء النباتي المحيط بالقرية، فبقيت منازلهم وحيدة محافظة على حالها المزري دون تعديل.

“صحيح أن بعض الجمعيات والمنظمات جربت وضع لمساتها الترميمة في القرية ومحيطها” بحسب مختار القرية  لكن التمويل المحدود جعل التأثير لا يذكر حتى وإن كانت النية طيبة.

ولا تقف مشاكل أهالي “سولاس” وقراها عند هذا الحد فالكارثة الكبرى بالنسبة لهم تكمن في بدء العام الدراسي، فتدريس الأبناء يفتح بدوره بابا لانتقال  الأهالي المؤقت الى قرية مشقيتا والاستئجار فيها ليلتحق الطلاب في مدارسها، عبء جديد يضاف على أعباء سكان هذه القرى الذين يعانون الأمرين حتى للانتقال من وإلى قريتهم ذات الطرقات القاسية والوعرة، وعند سؤالنا عن سبب عدم ترميم مدرسة القرية من قبل المعنيين بالأمر أجابوا بالقول: هي ليست موجودة أصلا لترمم.

يبقى تين سولاس الشهير و أشجار التفاح والدخان البلدي الأصدقاء الأوفى لسكان هذه القرى، مواطنون صدقوا وعودا كثيرة بتحسين حالهم وتلبية مطالبهم بتوفير أدنى متطلبات الحياة بعد عودتهم لبيوتهم وحياتهم، حياة فضل عدد كبير من شباب هذه القرية التضحية بها دفاعا عن أرضهم وحقوق لم تتوفر لذويهم، حتى بعد رحيلهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى