هل توصلت البشرية حقاً لحل لمشكلة كوفيد 19؟ – أيهم محمود

كورونا والثقة الزائفة لدى البعض..
سناك سوري- أيهم محمود
في تاريخ العلوم وتاريخ الإنسان بشكلٍ عام لم تكن الأجوبة محرك تقدم العلم والإنسانية بل طرح الأسئلة المناسبة التي تحطم النظريات الكبرى والأوهام التي استمرت مئات السنين، الأسئلة الدقيقة تكشف ثغرات الأجوبة المعلبة الجاهزة وتدفع العقل للتفكير بعيداً عن عبادة الحرف وعبادة النص وجعله حقيقة مطلقة صحيحة لا يجب المساس بها.
أقرأ عن كوفيد ١٩ بعقل إنسان تخصص في علوم أساسها الرياضيات وأعترف أني لست من المختصين في العلوم الحيوية لكن أبحث مثل غيري من الناس عن أجوبة دقيقة علمياً من المختصين بعيدة عن الحديث المتعجل الذي غايته الظهور والشهرة، وبعيدة أيضاً عن المصالح المالية لبعض الشركات العاملة في هذا الشأن.
لقد تضررت بشدة في أزمة كوفيد ١٩ المصداقية العلمية لكثير من المختصين نتيجة تسرعهم في تقديم إجابات جاهزة لإرضاء الجمهور أو لإرضاء الشركات بينما كان المطلوب الهدوء والبحث الرصين للمحافظة على ثقة الناس بهم، انتشار المعلومات الخاطئة عن المرض والرفض المتزايد للآراء العلمية هو نتيجة انصياع النخب العلمية للحاجات السياسية في بداية الأمر ثم للحاجات الاقتصادية والشخصية وهذا أمر خطر لأن كثيراً من البشر فقدوا نقاط ارتكازهم العلمية التي يثقون بها وأصبحوا في هذا الأمر تحديداً في ضياع تام.
اقرأ أيضاً: شيوخ الدين الجدد_ أيهم محمود
نبدأ أسئلتنا بالخبر الهام من الدنمارك مع إعدام ١٧ مليون من حيوانات المنك بسبب اكتشاف نسخة متحورة من فيروس كورونا فيها، هذا الإجراء الوحشي واللاأخلاقي يعيد طرح السؤال حول وجود حيوانات أخرى تستضيف هذا الفيروس في أجسادها وتنقله إلى الإنسان وفي حالة وجودها هل نقوم بإعدام كل الحياة في الأرض من أجل خوفنا على نوعنا فقط، ماذا لو اكتشفنا نسخاً أخرى من كورونا في القطط والكلاب والعصافير، هل نعدمها كلها من أجل أن يحيا بعض البشر؟.
السؤال الثاني: إن كانت الإصابة بالفيروس والنجاة منه لا تمنح الجسم سوى مناعة مؤقتة لمدة محددة وفقاً للأخبار العلمية المتداولة فعلى المختصين المتعصبين لحل اللقاحات محاولة شرح سبب قناعتهم المؤكدة أن أثر هذه اللقاحات يختلف عن الإصابة الحقيقية بالمرض وأن استخدام اللقاح سيؤدي إلى تشكل ذاكرة دائمة تقي من المرض وأن مصير هذه اللقاحات لن يكون مثل مصير لقاح الانفلونزا الموسمية.
إن لم يستطع الجهاز المناعي تشكيل الذاكرة لمدة طويلة في الإصابات الطبيعية فهذا يقودنا إلى التفكير في القضايا التالية:
١- هل سيتعايش الفيروس معنا لزمن طويل كما صرح بذلك بعض العاملين بمنظمة الصحة العالمية، وهل ستكون المناعة المتشكلة من الإصابة به هي كالمناعة المتولدة من الانفلونزا الموسمية مع أمر سلبي وخطير: الفيروس وفقاً لبعض الدراسات يترك آثار مخربة دائمة في الجسد البشري ونحن نسأل: هل هذه الآثار ستكون تراكمية؟ وهل الناجين من إصابة أولى سينجحون في النجاة من الثانية.
٢- اللقاحات إن لم تستطع منح مناعة دائمة كما هو الأمر في الإصابة الحقيقية بالفيروس فإنه يتوجب أن يتم تلقيح معظم سكان الكرة الارضية بوقت واحد للقضاء على الفيروس نفسه وهذا الأمر حاليا موضع شك وخاصة مع خبر إعدام حيوانات المنك في الدنمارك فنحن لا نعرف بعد عدد العوائل المستضيفة له من غير البشر ومدى انتشاره فيها وفي هذه الحالة فكرة القضاء على الفيروس مثلما فعلنا سابقاً مع شلل الأطفال تبدو مستحيلة.
٣- لا توجد خطة متماسكة رياضياً ومنطقياً لمحاربة الفيروس ما نشهده على الساحة العالمية مجرد تخبط وضياع تام ولم تنجح دولة واحدة في فهم آليات انتشاره ووقف زحفه لذلك فشلت الدول في السيطرة عليه حتى تلك الدول المتقدمة علمياً، كل ما نراه في الاختلافات السياسية الداخلية والخارجية حوله يعبر عن هذا الضياع، البشر يتجادلون دائماً بصوت عالي فقط عندما لا يعرفون الجواب فالحقائق العلمية تُخرس الجميع لذلك مادام ضجيج كورونا عالياً فهم إذن لا يعرفون حوله الكثير.
اقرأ أيضاً: التسامح الشعبي مع العنف _ أيهم محمود
مازالت معلوماتنا عن الفيروس وانتقاله وعوائله شحيحة جداً وغير كافية لاتخاذ قرار سليم لذلك يجب علينا التريث قبل تصديق أولئك المتحمسين لإطلاق التصريحات القوية، هذا الفيروس محنة تحتاج لكثير من الصبر والقبول والهدوء حتى تتمكن البشرية من فهم آليات عمله وسبل مقاومته أو تتمكن أجسادنا من النجاة منه كما فعلت مع بقية الممرضات عبر ملايين السنين، لست ضد العلم بل ضد استخدامه السيئ كأداة لفرض الوصاية السحرية على عقول البشر وتحقيق المكاسب المعنوية الشخصية عبر نشر الذعر والخوف بينهم.
لم أتحدث في غير اختصاصي بل تحدثت في مواضيع عامة ورياضية لا علاقة لها بالتفاصيل الاختصاصية الدقيقة، لقد مر عام على اكتشاف كورونا وعلى وعود الذين ادعوا معرفة طرق مقاومته ولم يزد في العالم سوى التخبط والضياع، كورونا يحتاج لمزيد من الأسئلة العلمية المتماسكة التي يجب طرحها بجرأة بدلا من الاستكانة إلى تلك الثقة الزائفة لدى البعض الذي يقول أنه أصبح يمتلك الحقيقة وأن على العالم بأسره الانصياع له ولإرادته.
اقرأ أيضاً: الذئبة الحمامية.. كيف يعيش السوريون المرض في يومياتهم؟ – أيهم محمود