الرئيسيةشباب ومجتمع

فارس وابنه غالب صعب.. يخبزان بالمجان لجيرانهم وأهل مدينتهم

فارس وغالب صعب يوثّقان بحطبهم أن التكافل أقوى من الأزمات

يكفي أن يحضر الأهالي كمية من الطحين ليعودوا بأرغفة ساخنة يعدها “فارس صعب” وابنه “غالب” مجاناً، فالرجل وابنه لم ترهبهما أصوات القذائف والرصاص، وتابعا عملهما حتى خلال الاشتباكات في السويداء قبل شهرين، ليخبزا على الحطب ويوفّرا الخبز لجيرانهم ولكل من احتاجه.

سناك سوري-رهان حبيب

يتحدث فارس عن الأيام العصيبة عند بدء الاشتباكات وتوقف الأفران، حيث وجد نفسه وجيرانه بلا خبز، لم يتردد حينها في جمع الحطب واستخدام صاج صغير ليخبز عدداً من الأرغفة بما توفر لديه من كرتون وخشب.

يقول فارس لـ”سناك سوري” الذي زاره في مكان عمله، إنه يعمل مع ابنه في خبز المناقيش داخل “كولبة” صغيرة استأجراها من المجلس البلدي بجانب حديقة الوزير قرب المتحف قبل سقوط النظام، هناك يلبّيان طلبات الزبائن في الفترة المسائية، وخلال فترة الاشتباكات انقطعا عن العمل عدة أيام بسبب الخطر، لكن مع انقطاع الطحين وتوقف الأفران، فكّر فارس بإعداد الخبز لأسرته وجيرانه.

ويضيف: «خبزت ما لدي من الطحين وطلبت من الجيران أن يحضروا طحينهم، وبالفعل خبزنا بجوار منزلي رغم ظروف القصف والخطر، لكن المهم أننا لم نفتقد رغيف الخبز طوال أيام المعركة».

استمرت المشكلة بعد توقف الاشتباكات، حيث بقيت معظم الأفران متوقفة ولم يبقَ سوى فرنٍ واحد ينتج كميات محدودة للمدينة، فظهرت معاناة الأهالي بشكل أكبر. عندها أعلن ابنه غالب استعداده لتلبية طلبات الأهالي مجاناً، بحيث يقدّم الخبز لكل من يحضر 2 كيلو من الطحين.

2 كيلو طحين لكل أسرة بالمجان

غالب صعب (22 عاماً، خريج معهد الرسم) قال: «في الأول من آب الماضي أطلقت مبادرة الخبز بالمجان، وبدأنا بخبز 2 كيلو من الطحين لكل أسرة دون أي مقابل، في محاولة لتخفيف الأزمة خاصة عن كبار السن ومن لا يستطيع الوقوف لساعات طويلة أمام الفرن، عدنا إلى العمل في الكولبة وتلقينا طلبات كثيرة، كنا نتمنى أن نؤمّن الطحين، لكن الظروف منعتنا، فاعتمدنا على ما يقدمه الأهالي ضمن إمكانياتهم المحدودة».

تحمّل فارس وابنه ساعات عمل طويلة في مكان غير مهيأ، كونه جزءاً من حديقة عامة بأرضية غير ممهدة ومعدات متواضعة، إضافة إلى مشقة جمع الحطب. يوضح غالب: «أعمل في الصباح في أحد مولات المدينة، وفي المساء مع والدي. أكثر ما يرضينا أننا لم نرفض طلب أحد من أهلنا، حتى من لم يكن يملك الطحين؛ كنا نحاول تلبية حاجته بما يتوفر لدينا».

حتى اليوم، يواصلان عملهما فيما الأزمة مستمرة، إذ ما يزال الوقوف في طابور الفرن يحتاج ساعات طويلة، ويلجأ الكثيرون إليهما كخيار بديل.

ويطمح فارس وغالب لتطوير عملهما، فالكولبة تحتاج إلى تحسين الأرضية وصبها بالإسمنت، إضافة إلى مظلة مناسبة، على أمل أن يجدوا جهة تقرضهما المبلغ اللازم ليستمر المشروع الذي تعتاش منه الأسرة.

المبادرة لاقت تقديراً كبيراً من الأهالي، حيث ساعدهم كثيرون بالحطب أو الكرتون، فيما عبّر طبيب الأسنان كنان أبو رايد عن شكره عبر استقبال غالب في عيادته وتقديم المعاينة له بالمجان، كما تلقت العائلة اتصالات شكر ودعم من جهات مختلفة، مؤكدين أن تعاون المجتمع وتوفير وسائل مساعدة مثل سيارة لنقل الحطب، سيمكن فارس وغالب من مواصلة مبادرتهم بشكل دائم، خاصة في ظل استمرار الأزمة الطارئة التي تعيشها المحافظة.

زر الذهاب إلى الأعلى