الرئيسيةرأي وتحليل

منظور تنموي… الإصلاح الاقتصادي – مازن بلال

عن الإصلاح الاقتصادي وارتباطه بقناعة القاعدة البشرية

سناك سوري – مازن بلال

كان من الصعب على سورية الدخول في السياقات الدولية التي تبلورت في منتصف التسعينيات، فالاقتصاد والمجتمع السوريين ليسا موجهين فقط، بل يخضعان لاعتبارات مرتبطة ببنية الدولة الحديثة، وأكثر من ذلك فهما يشكلان قاعدة لمفهوم سياسي عميق تبلور على مستوى التاريخ السوري الحديث، سواء عبر التجارب السياسية المختلفة، أو من خلال الصراعات الإقليمية التي حكمت شرقي المتوسط عموما.

عمليا فإن سورية التي بدت مترددة في اعتماد نماذج اقتصادية فرضتها نهاية الحرب البارد، بدأت منذ عام 2001 في اعتماد مرونة اقتصادية أدت إلى تغيير النمط الاقتصادي وحتى الاجتماعي، وبغض النظر عن الآراء في عملية “الإصلاح الاقتصادي” التي ظهرت في تلك المرحلة، ولكنها حملت أمرين أساسيين:

  •  مفهوم “الأمن الاجتماعي” الذي كان يظهر في التصريحات يؤشر على أن الشكل الاقتصادي لم يتبلور تماماً، وهو ما أدى لاحقا إلى ظهور مفاهيم اقتصادية غائمة مثل “اقتصاد السوق الاجتماعي”، فما كان يحدث هو محاولات تحول اقتصادي ولكنها لا تريد تبديل هوية الدولة.

المفارقة التي شكلها الإصلاح الاقتصادي هو تقديمه لتشريعات وقوانين أدت لنمو واضح، لكنها منفصلة عن عمليات التنمية التي اتخذت شكلا تقنيا من خلال مؤسسات الدولة بالدرجة الأولى، فظهرت التنمية وكأنها “اختصاص” منفصل لا يملك علاقة مع التشكيل الاقتصادي الناشئ في سورية.

  • الأمر الثاني أن الذراع القوي للدولة (القطاع العام) أصبح يمنح الاستثمارات الخاصة امتيازات، ويتراجع في عملية الإنتاج المباشر، فهو لم يتقلص على مستوى الحجم الإداري، لكنه فقد موقعه داخل العملية التنموية بشكل عام.

في عمليات الإصلاح الاقتصادي بقيت الدولة موجها أساسيا من خلال الخطط العامة كان آخرها الخطة الخمسية العاشرة، واستمر أيضا نمو الرأسمال الخاص عبر الشركات القابضة أو غيرها، وإذا كان هذا الأمر يبدو عاديا في ظل “الإصلاح الاقتصادي”، لكنه انفصل بشكل واضح عن مسائل “الأمن الاجتماعي” التي كانت تعني مواكبة التنمية الاجتماعية لعمليات النمو الاقتصادي.

اقرأ أيضاً الجمال التنموي!!! – مازن بلال

طوال العقد الأول من القرن الحالي كانت سورية تدخل مسارا تتطور فيه رؤية التنمية؛ عبر شكل تقني داخل المؤسسات الحكومية ومن خلال مشاريع دولية شاركت فيها منظمات غير حكومية أيضا، وتزامن هذا الأمر مع تراكم رأسمال القطاع الخاص بشكل واضح، بينما لم تظهر هيئات المجتمع بوضوح داخل هذه العملية، فالمحاولات التنموية عانت من فراغ حقيقي نتيجة عدم ظهور أي تحول على المستوى الاجتماعي.

اقرأ أيضاً التعثر واستنزاف الجغرافية – مازن بلال

تتطلب التنمية أكثر من مسألة الجهد التقني الذي تقدمه الهيئات المحلية أو حتى الدولية، فهو يحتاج لتشكيلات اجتماعية منسجمة مع هذا المفهوم ومع الرؤية التي يقدمها، فبدون قاعدة بشرية مقتنعة بأن مصالحها مرتبطة بتنمية مواردها المحلية، فإن كافة الآليات ستؤدي في النهاية إلى تكريس شكل اقتصادي جديد فقط، بينما يبقى المجتمع يدور في فلك الاستقطابات المالية الكبرى.

اقرأ أيضاً منظور للتنمية (1)- مازن بلال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى