“بسرعة دكتور بدي لحق الباص، شو مرضي”، “تشخيصك اكتئاب من الدرجة التانية ولازم تاخدي أدوية رح اكتبلك ياها”، “ماشي دكتور وبحكم المونة وكونك صديق ياريت تبعتلي ياها عالواتس لأن مستعجلة بدي لحق”.
سناك سوري-مكتئبة مع وقف التنفيذ
“ألو، زوجتي شو قلك الدكتور طمنيني”، “مافي شي اكتئاب يالله بدي سكر مستعجلة بدي لحق شوف صراف شغال قبل ما يجي الباص”.
“بعد 40 سنة بسوريا، قال إيه؟، الدكتور بيخبرني إنو عندي اكتئاب”، اكتئاب يعني بكاء وحدة عزلة، وأنا لا أمتلك ترف تلك الأشياء، العزلة تعني الابتعاد عن العمل، وهذا الأخير هنا بالكاد يمنحك ثمن الخبز، فلا مدخرات تساعدك على عيش اكتئابك “وفق الأصول”.
الوحدة تعني أن تفضل البقاء وحيداً، تخيلوا في تلك اللحظة أن يتصل بي صاحب أحد الأعمال المتعددة التي أمارسها. ليطلب مهمة ما وأخبره “ماتآخذني مضطرة كون وحيدة”، لن يكترث صاحب العمل بي وبكآبتي كثيراً. “ومارح يعرض عليي فكرة السفر لتغيير الجو”. بالكاد سيلجأ لأحد جديد ينجز أعماله وأنا سأخسر أحد الأمور التي تمنحني بعض المال المتقطع بين الفترة والأخرى.
البكاء يعني أني أملك متسعاً من الوقت للإنزواء في ركن ما والبكاء فيه، “يوووه على هالحكي”. مو ناقص غير قول لمديري بالمؤسسة الحكومية حيث أعمل (هذا العمل الأساسي، وما تبقى أعمال إضافية). “بدك تعذرني حابة ابكي اليوم ومارح داوم”.
أتخيل أن أقول لمديري في العمل (مابقا اذكر رقمه ما تآخذوني)، أن تلافيف مخي لم تعد تعمل، ويقول لي بلهجته التهكمية القاسية: “ليش قاطعين الكهربا عنك كمان؟”. أتخيل كذلك أن يتزامن مجيء الكهرباء مع عمل ضروري يحتاج وجودها وعليّ القيام به في المنزل. هل تفهم الكهرباء أني مكتئبة ولا أود أن أعمل الآن فتطيل فترة مكوثها؟.
ماذا لو منحت نفسي ترف الاكتئاب حقاً وحصلت على إجازة طويلة طويلة. فماذا أقول لاطفالي حين يريدون نزهة أو خبزاً أو طعاماً؟.
ماذا يعني الاكتئاب في هذه البلاد، هل حقاً يؤثر بنا، نحن الذين نمارس عدة أعمال بتقسيم وقت بالكاد يكفي لها دون منحنا دقيقة واحدة لأنفسنا. فنسألها: “هل نحن مكتئبون حقاً”. “ما بعرف ما عندي جواب، ما تآخذوني مستعجلة لازم سلم المادة دغري”.
ملاحظة: ما تخافوا مارح انتحر، لأن مستعجلة ما عندي وقت عندي حكومة بدي اشتغل لخليها تعيش من الضرايب يلي بتاخدها من جيبي.
