الرئيسيةتقاريرشباب ومجتمع

محمد جحا .. طبيب أمضى يومين بلا نوم لإنقاذ مصابي الزلزال

جحا: لم أتصل بعائلتي إلا بعد يومين .. والصور المأساوية لا تُنسى

لم يدرك “محمد جحا” الطبيب المقيم في مشفى ‘‘تشرين الجامعي’’ بمدينة ‘‘اللاذقية’’ مع زملائه هول الكارثة التي خلَّفها الزلزال المدمِّر الذي وقع فجر 6 شباط. إلاَّ بعد مضي ما يقارب 48 ساعة أمضاها الطاقم الطبي المستنفر بلا نومٍ أو راحة مطلقاً.

سناك سوري-حسان إبراهيم

يروي الطبيب ‘‘محمد جحا’’ لـ سناك سوري تجربته مع الكارثة قائلاً: «استفقنا، مذهولين من قوة الاهتزاز الذي أصاب البناء المخصص لسكن الأطباء المقيمين، والذي يقع تحديداً مقابل المشفى، أذكر حجم الارتباك الذي أصابنا حينها، ولم يكن لأحد منا تصوُّر حجم الدمار الذي وقع في الخارج»

وأضاف “جحا” «بعد مرور ما يقارب 30 دقيقة جاءنا نداء إدارة المشفى كي نتواجد فيه بأقصى سرعة ممكنة وهذا ما فعله بدورهم زملاؤنا الذين كانوا قد أوقفوا تسجيلهم، وهم بطبيعة الحال غير متواجدين معنا. الجميع كان بحالة صدمة جراء كثافة الحالات الإسعافية التي بدأت تصل تباعاً، ولم نكن معتادين من قبل على معاينة معظمها، أقلُّ ما يمكن وصف المشهد حينها بأنَّه كارثي ومأساوي جداً»

يصف الطبيب ‘”جحا” واقع العمل بقوله: «الجميع كان يعمل بطاقته القصوى، حجم العمل كان ضخماً خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى من وقوع الكارثة خاصَّة مع وصول المصابين دفعة واحدة، ولم يكن لدينا ولو دقائق قليلة  كي نتناول وجبة طعام حتى، فتحت أربع غرف للعمليات الجراحية المعقَّدة وثلاثة للعمليات الباردة “البسيطة”. الطبيب في تلك اللحظات لا يمكنه التفكير بما يجري خارجاً؛ لأنَّ همَّه الأكبر حينها هو إنقاذ من يصل على قيد الحياة وعدم السماح لقسوة مشاهد الإصابات والوفيات أن تفقده تركيزه بعمله، من جهتي لم أتصل بعائلتي المقيمة في ‘‘حمص’’ إلاَّ بعد مضي 48 ساعة وهذا حال زملائي كذلك».

اقرأ أيضاً:انتهاء عمليات الإنقاذ بحماة.. واستمرارها في حلب اللاذقية إدلب

تخُّصص الطبيب ‘‘جحا’’ بالجراحة العصبية حتّم عليه الاحتكاك بالحالات ومعالجة المصابين الوافدين لقسم الإسعاف مع بقية الكوادر. وقد استذكر ما عاينه من حالات صعبة أثناء عمله قائلاً: «تبقى صور الأطفال المصابين الذين أُسعفوا إلينا هي الأقسى، خاصَّة حينما يصلنا 3 أو 4 منهم دفعةً واحدة دون مُرافقٍ معهم جراء فقدان عائلاتهم، كانت تلك لحظات قاسية جداً، ما زالت تلك الصور حاضرة أمام عيني، عدا عن الإصابات البليغة والتي لم نكن معتادين من قبل على التعامل معها مثل حالات الأذية الهرسية التي تتطلب جهداً كبيراً بعملية إسعافها من حيث تعدد العمليات الجراحية السريعة التي تستلزمها وتأمين الشوارد والسوائل الوريدية لها بغية عدم دخولها بمرحلة القصور الكلوي المؤدي لاحقاً للوفاة. فضلاً عن حالات بتر الأطراف التي كانت هي الأخرى كثيرة وصادمة وتحتاج جهداً كبيراً بعملية إسعافها».

الجميع كان بحالة ذهول وشرود سواء المصابين، أم مرافقيهم، حالة من الفراغ الذهني ألمَّت بالجميع غير مصدِّقين لما جرى بحسب وصف “جحا’’ لمشاهداته، مضيفاً: «أحياناً تصبح صور الضحايا أقلَّ تأثيراً من صور الناجين الذين فقدوا عائلاتهم كاملةً، وتعرَّضوا لإصابات مؤثِّرة أصبحوا معاقين بسببها، أستذكر تلك الشابة العشرينية التي كانت ترفض الحياة بعدما فقدت زوجها وطفليها، وقد أصيبت بشلل في أطرافها السفلية نتيجة كسور أصابت عمودها الفقري، وصوت ندائها المتكرر برفض الحياة بعد ما أصابها، وذاك الطفل الذي فقد والديه وتمَّت إحالته إلينا من مشفى آخر لاحقاً لمعالجة إصابته البليغة، هي من الصور المأساوية التي لن أنساها مطلقاً. صور أخرى تعطي نوعاً من الارتياح النفسي ربما، كصورة الشاب الذي تمَّ إنقاذه مع والدته بعد مرور خمسة أيام على وقوع الزلزال والتي أشرفت عليها عن قرب وسلامة وضعه الصحي بشكلٍ عام. اليوم، وبعد مرور أكثر من أسبوع على الكارثة فإنَّ هذا الخليط من الصور والأحداث سيبقى بذاكرتي لا محالة».

الطبيب ‘‘جحا’’ وجّه رسالة عتب قال فيها أن الكوادر الطبية قامت بأداء واجبها الإنساني والمهني، ولم تسمع كلمة شكر من المسؤولين، داعياً من جهة أخرى الإعلاميين لأداء مهامهم بشكل عقلاني، حيث قال أن من غير المعقول إجراء اللقاءات الصحفية بين الممرات وفي غرف الإسعاف إذ أن كل دقيقة لها ثمنها في إنقاذ حياة مصاب ربما.

اقرأ أيضاً:راح شقا العمر.. لميس تُلقي نظرة الوداع على منزلها

زر الذهاب إلى الأعلى