الرئيسيةشباب ومجتمع

ماسة… الشابة السورية يتيمة الحَبيبَين

"ماسة" الفتاة المكلومة التي تسببت "النبضة القاتلة "بوفاة حبيبها الثاني

دونت “ماسة” في أجندةٍ على غلافها تقسيمات هندسية ملونة، وتحت تاريخ يتصادف مع أول أيام عيد الفطر المقبل ملاحظةً تضمنت:«نيتها وعزمها أن تلتقي بحبيبها في مقبرةِ بلدته بعد ست سنواتٍ على غربته».

سناك سوري – رنيم ددش

“النبضة القاتلة” التي أدت لدمارٍ هائل وخسائر في الأرواح في كلٍ من تركيا وسوريا، كانت سبباً بأن تحيا “ماسة” بدون وتينها “توفيق ” على حسب وصفها له في حديثها مع سناك سوري.

لم يتعدَّ آخر اتصالٍ هاتفي بين العاشقين “ماسة وتوفيق” الـ خمس وثلاثين ثانية. وبعدها أصبح هذا الاتصال بينهما هو آخر مكالمة في سجل حياة عاشقين فرقهما زلزال “6 شباط”.

كان “توفيق” في حي صلاح الدين بحلب لحظة وقوع زلزال السادس من شُباط، شهد الهزة الأولى الشديدة وتمكن من النزول والهرب من المنزل الذي يقطنه والتسمر أمام البناء.

ثوانٍ معدودة من هدوءِ طبقات الأرض قبل الهزةِ الثانية خدعت “توفيق” الذي كان قد عاد بسرعة ليجلُب معطفهُ على عجلٍ ويتدثر به. فقد كانت ليلة 6 شباط ماطرة وباردة.

لم ينجح “توفيق” في المرة الثانية بالوصول لآخر درج البناء للخروج مرةً أخرى حتى باغتتهُ الهزة الثانية وتلحفتهُ الحجارة والركام.

ماسة تلوح براية الحداد

بعد أن انطفأت أنفاسُ “توفيق” تطرفت “ماسة” في الحزن ولوَّحت برايةِ الحداد. داومت على إغراقِ وجهها بالدموع وواظبت على إقامة حفلٍ صاخبٍ من العويلِ والندبِ والنواح.

أخبرتنا أن إفراطها الهستيري بالحزن هذا ماكان إلا لأن حبيبها الثاني “توفيق ” هو من طبطب على جراح فقدها لحبيبها “الأول” و هو من أنقذ روحها من تهلُكةِ الاكتئاب .

لم يمر في حياة “ماسة” التي تبلغُ من العمر 24 سنة إلا حبيب واحد “توفيق”. لكنها أضافت لوالدها الذي توفي أثناء انتشار مرض كورونا منزلة “الحبيب الأول” لشدة تعلقها به.

توفي والد “ماسة ” الذي كان يناديها بـ”ياأميرتي” دون أن يَلقى وجه ابنته التي غادرت البلدة لإتمام الدراسة الجامعية في حلب. بعدها لم تتمكن من تجاوز الحزن إلا بمساعدة “توفيق ” فأجاد التخفيف عنها وتهدئة قلبها.

اقرأ أيضاً: “مموزين” العاشقين الذين قتلهما الحب وأصبحا رمزاً في سوريا
حكاية الحبيبين قبل النبضة القاتلة

تقول الفتاة التي قُلبت حياتها رأساً على عقب:«بعد أن التقينا أنا وتوفيق عام 2017 في جامعة حلب عدة مرات، أبدينا محبتنا لبعضنا وتبادلنا الإعجاب. بعدها عزم” توفيق” على خطبتي بشكل رسمي، عارضت أمي في بادئ الأمر لرغبتها بأن أتزوج أحد أقربائي. أما حبيبي “الأول” وافق بكلِ صدرٍ رحب على حبيبي “الثاني ” فكننا اتفقنا على تأجيل الأمر بالإجماع».

بعد أن تخرج” توفيق “من الجامعة قرر أن يقصد أحد بلدان الجوار للاستقرار بشكل مؤقت، على أن يعدل من وضعه المادي ويعود بعد ذلك إلى سورية .

تضيفُ “ماسة” لـ سناك سوري :«6 سنوات في غربته كان فيهم قادراً على أن يُفيض المزيد من الحب في قلبي. لم أعرف الخشية والشك من حبه، ولم أنم يوماً وعلى طرف مدمعي زعلٌ من خصام. وتيقنت أني لم أفقد أبي الفقيد بعد حنو ولهفة توفيق».

قبل نحو يوم على وقوع الزلزال عاد “توفيق” إلى سوريا وخطط لأن يلتقي بشريكته وأهله للترتيب لإقامة حفل الخطوبة. والتقدم لـ “ماسة” بشكل رسمي على أن يكون موعد الحفل في 2023/3/3.

الفرحة التي كانت على الأبواب تحولت إلى فاجعة ولم يبق لماسة حبيب أول ولا ثان. لم يبق لها إلا صورة لسوارٍ وضعها “توفيق” في معصمه وكتب عليها “ماسة”.  ولم يبق لها إلا قلادة من الذهب أرسل نقودها لها “توفيق” لتشتريها قبل مجيئه.

“ماسة” التي خُدِش صوتها لشدة البكاء والصراخ على “توفيق” تتحضر لزيارة قبر حبيبها في مقبرة بلدته أول أيام عيد الفطر .

وتخطط لشراء وطباعة صورته على لوحة خشبية لتضعها فوق شاهد قبره، علّ الترتيب لهذا الموعد يبرد قلبها. فهي التي لم تره منذ 6 سنوات وهي التي ماتوقفت عن ترداد «ماشفتو ماشفتو، لمارجع مالحقت شوفو، ولاشفتو بالتشييع، ولاقدرنا نلتقي. بدي شوفو وهو ميت وبالقبر معليه».

*الوتين- شريان في القلب
اقرأ أيضاً:بعد وفاة طالبتها.. معلمة تبدأ مبادرة لتوعية الطلاب بخصوص الانتحار

زر الذهاب إلى الأعلى