“في رحاب الجزيرة”.. البرنامج التلفزيوني الذي فرض “حالة الطوارئ” في الحسكة!

أهالي “الجزيرة” كانوا ينتظرون أن يشاهدوا قراهم على التلفاز بفارغ الصبر.. اليوم ربما لم يعودوا يكترثون بالأمر بعد أن تصدرت عناوين الحرب لديهم الأخبار العالمية!
سناك سوري – عبد العظيم عبد الله
كانت قرى الجزيرة السورية بشكل خاص في حالة استنفار عند موعد بث برنامج “في رحاب الجزيرة التلفزيوني” بولادته نهاية الثمانينيات، حتّى أن الفلاح “صالح المحمود” اعتبر موعده بمثابة الإعلان عن حالة طوارئ.
“صالح” يتحدّث عن تفاصيل تتعلق بذلك البرنامج من خلال حديثه مع سناك سوري قائلاً: «في الريف قديماً لم تكن التلفزيونات عند كل الأسر، كنا نجتمع وقت برنامج في “رحاب الجزيرة” في منزل المختار، قبل ربع ساعة، لنتابعه باهتمام من نساء وكبار وصغار وشباب، ما كنا نصدق أنو قرانا ومناطقنا وأراضينا تطلع على التلفزيون، والحلو أغلب الحلقات كانت عن الأرض الزراعية والفلاحة والمحاصيل، أغنية الشارة لليوم يغنيها كبار وشباب، ما فارقتهم، زعلنا كتير لما خسرنا أهم برنامج لـ “الحسكة”».
ربما لم يعد أهالي المنطقة ينتظرون أن يشاهدوا مناطقهم على التلفاز اليوم، فأخبار الحرب والمعارك حلت مكان حكايا الأرض والتراث، والمدينة السورية أخذت شهرة عالمية، ليس جراء خصوبة أرضها وسحر تراثها، إنما بعدد ضحاياها وأخبار حروبها.
برنامج “في رحاب الجزيرة” التلفزيوني كما الأرض التي خرج منها مرّ بمراحل كثيرة، حيث تحمّل الكادر القادم من “دمشق” جهداً كبيراً في سبيل نقل الصورة من أرض”الحسكة”، عن تلك المراحل والتفاصيل تحدّث الإعلامي “حسام دولي” لـ سناك سوري قائلاً: «بدأتُ المباشرة بالبرنامج عام 1989 أسميته “في رحاب الجزيرة” وكتبتُ أغنية الشارة منها: “في رحاب الجزيرة..أرض الخضرة والمية..فيكي الحنطة والقمح..والآبار النفطيّة..وتلالك تخفي أسرار..آثار الإنسانية”، لحنها “عبد اللطيف مزعل”، وغناها “كرم كرم ” شقيق الفنان “الياس كرم”، أما أسرة البرنامج فتألفت من: “أحمد الحسين، بدر الشلال، يونس خلف”، و التقديم لـ “أمية اسطواني”».
يضيف: «كانت خطوة مهمة جداً بهذا البرنامج، به كان قرار الانفصال عن مركز “دير الزور”، أسرة العمل بكافة كوادرها كانت تختار مجموعة المواد التي شملت: الجوانب الاقتصادية والخدمية والفنية، مع الغناء والدبكات الفلكلورية وفقرة عن هموم المواطنين»، مؤكداً أن البرنامج لاقى صدى طيباً عند أبناء “الحسكة” وباقي المحافظات كونه البرنامج الوحيد عن المحافظة، وحتى اليوم يحفظون أغنية الشارة ويرقصون عليها في الأعراس، لافتاً إلى أن كل حلقة من البرنامج كانت تغطي منطقة من المحافظة: “القامشلي، رأس العين، المالكية، الشدادي” وغيرها».
الإعلامي “فاضل الحمّاد” مدير المركز الإذاعي والتلفزيوني بالحسكة قال إن «الرسالة التلفزيونية للبرنامج ولعدّة سنوات كانت مقتصرة على وجود بعثة تلفزيونية تأتي من “دمشق”، تقيم بالمحافظة عدّة أيّام، تجري خلالها استطلاعات وبعدها تعود إلى “دمشق”، وتتم إنجاز الرسالة من هناك، وتبثه على القناة الأولى، بمدة زمنية 30 دقيقة كرسالة أسبوعيّة، عام 2002 تمّ تخصيص مقر دائم للمركز، لذلك كانت الرسالة تنجز في مركز “الحسكة” وتسلم إلى “دمشق” عن طريق محطة “كوكب” بواسطة الخط الميكروي، وفي عام 2004 تم ربط المركز بمحطة كوكب ميكروياً، وأصبح المركز متصلاً بـ”دمشق” مباشرة، لتكون خطوة نوعية باتجاه حجم المشاركة مع البرامج المركزية بـ”دمشق”،وإمكانية البث المباشر من استديو “الحسكة”، بتاريخ 6 تموز 2007 كانت الانطلاقة الأولى للبحث المحلي في محافظتنا».
“في رحاب الجزيرة..أرض الخضرة والمية..والآبار النفطية”..هذه الكلمات باتت أجمل أغنية يرددها أبناء الجزيرة في أفراحهم وأعراسهم وسهراته، ورغم أن البرنامج توقف عام 2012 وهو العام الثاني للحرب في “سوريا”، إلا أن أهالي المنطقة لم يتوقفوا عن سرد ذكرياته وغناء شارته، ربما حنيناً له وللفترة الذهبية من حياتهم التي وثقها البرنامج.
اقرأ أيضاً:“نوروز” سوريا هذا العام ليس كسابقيه … كيف احتفلت الجزيرة السورية؟