الرئيسيةسناك ساخن

في ذكرى إسقاط الطائرة الروسية .. كيف انعكست علاقات “موسكو” و”أنقرة” على الملف السوري؟

“أردوغان” اعتذر من “روسيا” التي اتهمته بشراكة الإرهابيين!

سناك سوري _ محمد العمر 

شكّل يوم 24 تشرين الثاني 2015 تحولاً بارزاً في مسار الحرب السورية، حين أسقطت القوات التركية طائرة حربية روسية من طراز “سوخوي 24″، وقد شهدنا أمس الذكرى الرابعة لهذه الحادثة التي تبعها سلسلة أحداث يمكن وصفها بغير المتوقعة أو لا تاخد صاحب إلا بعد “علقة”.

حيث أثارت الحادثة رد فعل غاضب من الجانب الروسي الذي اتخذ مجموعة من الإجراءات ضد “تركيا”، فيما كان الجانبان يقدمان روايتين مختلفتين لما حدث، فقد قالت وزارة الدفاع التركية حينها أن الطائرة الروسية اخترقت المجال الجوي التركي وتجاهلت التحذيرات التي وجهتها لها القوات الجوية التركية.

في المقابل قال الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إن الطائرة أسقطت أثناء تحليقها في الأجواء السورية على بعد 4 كم من الحدود مع “تركيا” واصفاً ما جرى بأنه «طعنة في الظهر من شركاء الإرهابيين» في إشارة إلى الحكومة التركية.

أسفرت الحادثة أيضاً عن وقوع أحد الطيارين الروس في قبضة الفصائل المدعومة تركياً بريف “اللاذقية” الشمالي فيما خسر الطيار الآخر حياته كما أظهر مقطع مصور بثته الفصائل على وسائل التواصل الاجتماعي.

أظهرت “موسكو” غضباً حاداً تجاه “أنقرة” وطالبت باعتذار رسمي رفضت الحكومة التركية في البداية تقديمه للروس، فيما طالت الاتهامات الروسية الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” وعائلته حول تورطهم بأعمال تجارية تتعلق بشراء النفط السوري من تنظيم “داعش” في فترة استيلاء التنظيم على حقول النفط.

حاول الرئيس التركي تقديم نفسه بصورة الزعيم القوي الذي يواجه “روسيا” الحاضرة بقوة في الملف السوري، رافضاً تقديم أي اعتذار عن الحادثة ومصراً على الرواية التركية بأن الطائرة الروسية اخترقت المجال الجوي التركي، كما هدّد “أردوغان” بإسقاط أي طائرة ستخترق الأجواء التركية.

فيما كانت الحكومة الروسية قد فرضت إجراءات عقابية على “تركيا” رداً على الحادثة، فأوقفت جميع الرحلات السياحية المتوجهة من “روسيا” إلى “تركيا”، كما أوقفت مشروعاً لمد خط أنابيب الغاز الروسي عبر البحر الأسود، وعززت بالمقابل وجودها العسكري في “سوريا” باستقدام منصات دفاع جوي لحماية طائراتها من أي هجوم محتمل.

وصلت حالة التوتر إلى ذروتها بين الطرفين وسط ترقّب دولي وتحذيرات من اندلاع أي مواجهة عسكرية قد تؤدي إلى حرب دولية لاسيما وأن “تركيا” دولة عضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، حيث كانت تلك أول حادثة إسقاط طائرة روسية من قِبل إحدى دول “الناتو” منذ الخمسينيات.

اقرأ أيضاً:لقاء بوتين- أردوغان يخرج باتفاق لافت حول الجزيرة السورية “لا عدوان اليوم” ..أبرز أحداث اليوم

اكتفى الجانب الروسي بالإجراءات التي اتخذها ولم يبادر إلى الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة، في حين كانت الحكومة التركية لا تعيش أفضل أيامها بالتزامن مع محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد وسوء العلاقات مع “الولايات المتحدة”.

في شباط 2016 اتهمت الحكومة التركية طائرة حربية روسية باختراق مجالها الجوي لكنها اكتفت بالتحذير من تكرار الحادثة دون أن تقدم على إسقاطها، بينما لم يدم العناد التركي طويلاً خاصة مع حاجة “تركيا” لتقوية موقفها دولياً بعد أن تدهورت علاقاتها مع القطبين الدوليين.

بحلول حزيران 2016 وجه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” رسالة إلى نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” اعتذر خلالها عن حادثة إسقاط الطائرة وعبّر خلالها عن أسفه لسقوط ضحايا من القوات الروسية وطلب لقاء الرئيس الروسي.

في تلك اللحظة بدأت ملامح التغير في العلاقة بين البلدين تتوضح وانعكس ذلك على الوضع السوري، إذ أدى تحسن العلاقات بين البلدين والتوافق على التعاون في “سوريا” إلى إطلاق مسار “أستانا” للحوار السوري برعاية روسية تركية في كانون الثاني 2017.

ودفع تحالف الدولتين مع الحكومة من جهة والمعارضة من جهة أخرى، إلى إجراء مفاوضات مباشرة بين السوريين وخلق فرصة أخرى للحوار بعد فشل النسخ المتتالية لمؤتمرات “جنيف” بالخروج بنتائج إيجابية ملموسة، ورغم أن مسار “أستانا” لم يكن سهلاً أيضاً نتيجة عمق الخلاف بين الحكومة السورية والمعارضة إلا أنه نجح في فتح قنوات الحوار والخروج بنتائج لاسيما إطلاق “اللجنة الدستورية”.

من جانب آخر لعبت التفاهمات الروسية التركية دوراً في تجنب التصعيد في “إدلب” في أيلول 2018 حين اتفق الجانبان على وقف لإطلاق النار وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، ورغم أن ذلك الاتفاق لم يطبّق بشكل كامل على الأرض إلا أنه أرسى نوعاً من التهدئة الميدانية استمرت نسبياً إلى الآن.

كما ساهم التوافق الروسي التركي مؤخراً في الحد من العدوان التركي على الأراضي السورية في منطقة الجزيرة، بعد أن اتفق الجانبان في “سوتشي” على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة في المناطق الحدودية، ورغم عدم التزام “تركيا” بالتهدئة بشكل فعلي، إلا أن الاتفاق خفّف من حدة التوغل التركي الذي كان يهدف للسيطرة على معظم مناطق الشمال الشرقي.
إلا أن الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية وتحديد أسماء أعضائها يعد أبرز اتفاق على صعيد الحل السياسي في سوريا بين الدولتين اللتين دعمتا من خلال هذا الاتفاق مسار جنيف بالتعاون مع الأمم المتحدة.
انعكست علاقات البلدين نسبياً على علاقة سوريا مع تركيا تحت الطاولة أو بعيداً عن الواجهة السياسية، فكانت اللقاءات الأمنية السورية التركية برعاية روسية، ويرى كثيرون أن هذه اللقاءات الأمنية كانت رغبة أمنية تركية وأن أجهزة الأمن التركية ترغب في علاقة أقوى مع نظيرتها السورية أكثر من رغبة السياسيين في البلدين.
بعيداً عن سوريا فإن روسيا التي عززت دفاعاتها الجوية في سوريا بعد إسقاط طائرتها من قبل الأتراك، باعت تركيا بعد تحسن العلاقات بين البلدين منظومة الدفاع الجوي الروسي اس 400 وهو ما اعتبر تطوراً استثنائياً، فمن غير المعتاد أن تشتري دولة عضو في الناتو صواريخ “روسية” الأمر الذي أثار حتى حفيظة الأميركان العلنية.
تحول الأتراك والروس بعد حادثة الطائرة إلى صديقيين حميمين ووجدا قواسم مشتركة كبيرة في الملف السوري، وأنتجا تفاهمات حافظت على مصالحهما ونفوذهما في الصراع السوري، فتجاوزت روسيا تسبُّب تركيا بخسارة طيار وطائرة، وتنازلت تركيا عن تعنتها في سبيل مصالحها.

اقرأ أيضاً:ماذا قدمت ” أستانا” في 10جولات ماضية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى