الرئيسيةرأي وتحليلسناك ساخر

جوائز الإعلام السوري: عن تكريم “قبنض” وجوائز أفضل الأسوأ

لا يمكن لكل الجوائز التي تمنح لغير مستحقيها أن تجعل منهم صحفيين أو إعلاميين أو مؤسسات إعلامية

كان لافتاً جداً أن اتحاد الصحفيين كرم النائب “محمد  قبنض” وهو الذي كان قد شبّه الإعلام السوري يوماً بالطبل والزمر أو  بمعنى أدق أنه مهم مثل الطبل والزمر.

سناك سوري – بلال سليطين

ربما جاء هذا التكريم لأن “قبنض” تكفل بإقامة مأدبة عشاء على شرف المهرجان. أو ربما لأن القائمين على الإعلام السوري ينظرون إلى الإعلام على أنه وُجِد لكي يطبل ويزمر للحكومة. وبالتالي فإنهم أعطوا تكريماً لـ “قبنض” عن أصدق تعبير عن واقع الإعلام السوري.

تكريم النائب المثير للجدل بات مفهوماً نسبياً أو استطعنا تحليل أسباب حصوله على التكريم. لكن ماذا عن باقي التكريمات.

فإحدى جوائز الإعلام المثيرة للجدل كانت أن تنال جريدة الثورة جائزة ثاني أفضل موقع إلكتروني سوري. فهذه والله لم أفهمها. حتى وإن قالوا لنا إنها حصلت على الجائزة من ناحية المحتوى الرقمي الخاص الذي تقدمه. فمجرد وصف موقع جريدة الثورة بأنه موقع إلكتروني يعد جريمة. والقول إن ماتقدمه هو محتوى رقمي أمر يستحق الكثير من النقاش. إننا نتحدث عن موقع بواجهة جامدة عبارة عن سلسلة عناوين تحت بعضها البعض تربك عين القارئ. والموقع يفتقر لأدنى مقومات المحتوى الرقمي “علمياً” وأنواعه “الصورة. الفيديو. المقاطع الصوتية”. ويتضمن فقط النص المُطعَّم بصور عفا عليها الزمن.

“ذاكرة الفزع في ليل نتنياهو.. وحق الرد بالسماء والاستحقاق”. “العشاء السحري في «وادي الذئاب»… وراية الاعتدال تحت قبعة أردوغان”. لا تستغرب عزيزي القارئ ما ورد في الجملتين السابقتين ولا تتتعذب في فك طلاسمهما. إنهما فقط عنوانان من عناوين صاحبة جائزة أفضل عامود رأي سياسي. أعذرك عزيزي القارئ إذا قمت وضربت رأسك بالعامود بعد قراءة هذه العناوين. فكيف إذا قرأت المضمون.

اقرأ أيضاًمحمد قبنض: سأكتب قصة حياتي وأمثّل .. والأزمة ستنتهي هذا العام

وعلى ذكر المضمون استوقفتني إحدى جوائز الإعلام السوري وقد كانت جائزة أفضل زاوية رأي. وعنوانها بلا مجاملات “الأثرياء الجدد”. وهي مكتوبة بعام 2018 وتتحدث عن موضوع كتب عنه على الأقل 500 مرة منذ بداية الأزمة السورية وحتى الآن على مواقع التواصل الاجتماعي وتم الحديث عنه في وسائل الإعلام مراراً وتكراراً. وهو ظهور طبقة جديدة من أصحاب الأموال والنفوذ على أكتاف الحرب. ونقيضها غياب رؤوس أموال أفقرهم الحرب وخسروا كل أموالهم. يفترض أن منح هكذا جائزة لابد وأن يكون على أصالة الفكرة وليس على إعادة انتاجها بعد 7 سنوات من تداولها المتكرر. أما اذا كان على أربع مقاطع تم تجميعها والربط بينهما في زاوية رأي فهذه كارثة وليست جائزة. علماً أن المادة التي عنوانها بلا مجاملات جاملت من يتحمل مسؤولية بروز هذه الطبقة من أمراء الحرب الذين أصبحوا من حاملي الثروات ولم تشر لهم بالنقد.

جائزة الاستقصاء كانت ملفتة أيضاً وقد ذهبت لتحقيق عن المخاتير. (هناك قاعدة في هذه البلاد الضعفاء دائماً كبش فداء). هذا التحقيق يكرس هذه القاعدة فهو يستهدف أضعف فئة في الفساد “المخاتير” ويترك الحيتان والفاسدين الحقيقيين من المدراء والوزراء وغيرهم ينظرون علينا. وهنا لا أقصد أنه علينا ألا نكتب عن المخاتير نهائياً. وإنما أقصد أن جائزة الاستقصاء في بلد ينخره الفساد كان يجب أن تكون لتحقيق عن فساد في الدولة ومؤسساتها عن مدير عن رئيس دائرة عن رشاوي عن قضايا كبرى. وليس عن مخاتير. فهذا يعني أنكم تريدون للتحقيقات الاستقصائية أن تكون عن هكذا فساد بسيط ولا تريدون استئصال الجذور. وتلك كارثة وجريمة.ناهيك عن معايير مهنية في التحقيق وأنصح كاتبته أن تقرأ دليل الصحافة الاستقصائية فهو مفيد جداً لها في التحقيقات القادمة.

اقرأ أيضاًاتهامات لمسؤول بالإعلام السوري بالفساد.. والأخير يرد: الأموال لمؤسسة الإعلان

وإلى واحدة من الجوائز المهمة في الإعلام وهي جائزة أفضل برنامج حواري سوري. وبحسب مافهمت فإن المقدمة نالت الجائزة عن حلقة الدستور التي قدمتها. وهنا لا بد من القول إن محتوى الحلقة وموضوعها كان جريئاً ومهماً. لكن المحاورة كانت غير مضطلعة بشكل جيد على الموضوع. غير عارفة بتفاصيل ملف الدستور واللجنة الدستورية والمقاربات التي تطرحها. بما يخولها لتكون محاورة لـ ست ضيوف. ولم توزع الوقت بشكل متوازن على ضيوفها. استمرت نسبياً باستخدام أسلوب المساعد جميل بالحوار. ناهيك عن كم تراكم الأخطاء في سجلها والذي كان لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار أثناء منحها للجائزة.

هذا غيض من فيض يمكن كتابته عن الجوائز. يرد منظموا المهرجان على المنتقدين بأن هؤلاء هم من تقدموا للمسابقة. وهذا الكلام مردود عليهم إن عدم تقدم الزملاء للمسابقة يظهر أن هناك مشكلة في الثقة. وإذا لم يكن لديكم مستوى من المتقدمين جيد فإن هذا لا يعني أنه يحق لأحد أن يمنح جوائز لمن لا يستحق. فلتلغى الجائزة من أساسها.

اقرأ أيضاً: بتهمة إثارة النعرات الطائفية..الحكم بسجن الإعلامي شادي حلوة

كما أنه كان من الأفضل أن يتم البحث والتنقيب وتحليل المحتوى الإعلامي بشكل واسع ومن ثم الاختيار ووضع ماتم اختياره أمام اللجنة لتختار الفائزين ولتدارك مشكلة عدم التقديم. وليس أن تحصر بأسماء بعينها ويقال للجنة تفضلوا اختاروا من بينهم. فيختارون أفضل الأسوأ. لكي لا تبقى هذه التكريمات وصمة عار في تاريخ إعلامنا. تخيلوا لو أن أحد ضيوف المهرجان اطلع على المحتوى الذي يقدمه من حصلوا على الجوائز ماذا كان سيقول عن إعلامنا وعن سوريا!!.

في الختام لابد من القول إنه لا يمكن لكل الجوائز التي تمنح لغير مستحقيها أن تجعل منهم صحفيين أو إعلاميين أو مؤسسات إعلامية. وللأسف الشديد مرة جديدة يخفق اتحاد الصحفيين في سوريا بالتحرر من نير السلطة والمجاملات وتمسيح الجوخ. وبأن يكون مهنياً يساهم في رفع مستوى الأداء الإعلامي بالبلد وينحاز للمهنية والمبادئ.

أبارك للمستحقين وهم قلة جداً وعساها جوائز تشجيعية لكم تحفزكم على المزيد من العطاء. للأسف إن هذه المهنة في سوريا تقاد إلى الحضيض بإرادة واعية ومنظمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى