هل واقع السوريين اليوم يساعدهم على القيام بواجب الضيف الذي اعتمده الأجداد؟
سناك سوري – عبد العظيم العبد الله
يستذكر السبعيني “نواف عمّي” من أهالي “القامشلي” يوم اضطر قبل خمسين عاماً من اليوم لزيارة قرية “قلعة الهادي الغربية” الريفية طالباً المساعدة من كبير القرية في خطبة أحد بناتها، إلا أن الأخير أبى إلا أن يستضيفه ثلاثة أيام في منزله قبل أن يعلم ما هو طلبه والأمر الذي جاء من أجله.
قضاء ثلاثة أيام في منزل المضيف هي عادة من عادات أبناء الجزيرة السورية في الماضي والتي تحمل اسم عادة “الأيام الثلاثة” يتم خلالها الاحتفاء بالضيف وتقديم الطعام والشراب و النوم وكل أشكال الضيافة وبعدها يمكن للضيف عرض حاجته لدى أهل القرية ومن ثم مناقشة قرار الموافقة أو الرفض، حسب حديث “عمّي” مع سناك سوري، وأضاف: «مهمتنا نجحت وتحقق الزواج».
عادة “الأيام الثلاثة” تحولت لذكرى لدى كبار السن من أبناء الجزيرة لكن عادة إكرام الضيف واستقباله مستمرة وهي واجب وأي تقصير فيه عار على أهل المنزل، وهنا يقول “صالح الحاج محمود” من أهالي بلدة “الرميلان”: «عادة إكرام الضيف كانت وباقية في مناطقنا، خاصة في منازل الشيوخ والوجهاء، أي تقصير في ذلك يعد عاراً، لكن بالنسبة للماضي البعيد وزيارة الضيف، يكون مطلوباً منه البقاء 3 أيام وفي اليوم الرابع يحكي لكبير القرية طلبه، أهم شيء أن تكون الزيارة لمنزل كبير القرية حتى لو لم يكن الطلب عنده، هذا الأمر واجب اجتماعي، الزائر يعرف منزله من خلال عدة إشارات أهمها أن تشعل النيران أمام بيته، أو وجود دلة القهوة مع عدتها أمام الربعة أو المنزل، هناك دلالة أخرى أن يتجه الضيف لوسط القرية، ويقف دون حركة، فيأتي من يدله لمكان كبير القرية».
الباحث التاريخي “عمر اسماعيل” وفي حديثه عن هذا التقليد القديم لـ”سناك سوري” قال إن «البادية من خلال هذه العادة قبل سنين بعيدة، كانت عامرة بالحركة والزوار، حيث كان يمكن للضيف أيضاً البقاء في منزل آخر غير كبير القرية، والمضيف قد يكون فقيراً، لكنه يقوم بذات الواجبات، من كرم الاستقبال والضيافة، حتى لو استعان بجاره للمساعدة، المهم ألا يغير الضيف مكان إقامته إلا بعد 3 أيام، لأن ذلك الأمر يعتبر إهانة للمضيف».
“اسماعيل” يؤكد أن «الضيف مهما يكون وضعه الاجتماعي، يرحب به ترحيب الشيوخ، و يقام له استقبال كبير، على الفور تقدم له القهوة العربية، لرمزيتها وأهميتها، ثم تذبح الذبائح فوراً، لكن بالمقابل على الضيف أن يكون ملتزماً بكل آداب وطقوس الزيارة، وعندما يطلب حاجته حتى لو كانت مزعجة ولم تنفذ، فإنه يودع بكل رحابة صدر واحترام».
ما رأيكم أنتم هل ما تزال الظروف الحالية التي تمر بها الأسر السورية قادرة على إعادة إحياء هذا التقليد؟
اقرأ أيضاً:“زواج الحيار”.. عُرفٌ عشائري دمر حياة آلاف النساء وانتهك حقوقهن