
لن تكفي الحوالة التي حصلت عليها “سامية” 52 عاماً قبل قليل من ابنها في ألمانيا، سوى أسبوعين بالحد الأعلى، فشركة الحوالات بحمص احتسبت لها المئة دولار بـ950 ألف ليرة فقط، وقيمة الحوالة 300 يورو أي نحو 310 دولار.
سناك سوري-خاص
“سامية” مضطرة لدفع 800 ألف ليرة من الحوالة لإيجار المنزل، وما تبقى عليها أن تعيش فيه مع زوجها، تقول لـ”سناك سوري”، إن ابنها معتاد على إرسال 300 يورو شهرياً، في السابق كانت تحصل على مبلغ نحو 4 ملايين و700 ألف ليرة، واليوم لا تصل الحوالة لأكثر من 3 ملايين ليرة بالحد الأعلى.
السيدة التي تصوم شهر رمضان بخلاف زوجها نتيجة المرض، أضافت لـ”سناك سوري”، أن سعر الدواء لم ينخفض كذلك إيجار المنزل والمواصلات التي ارتفعت ومثلها أسطوانة الغاز والخبز، ما سيفرض عليها تقنيناً خلال الشهر الفضيل، لم تعتده سابقاً، تضيف السيدة: «الله يكون بعون الناس بيضل وضعنا أفضل من كتار».
لم تجد “حلا” 35 عاماً ممرضة في إحدى المشافي الحكومية، سوى الزيت والزعتر لتتناوله على السحور، ومع ذلك تقول إن الصيام ليس بدافع الشراهة أو تناول أطايب الطعام، وهي مؤمنة تماماً ومقتنعة بما تملك، معربة عن أملها في القادم.
“حلا” أم لطفلين تعيش بريف اللاذقية، لم تحصل على راتبها منذ 15 كانون الثاني الفائت، وزوجها شبه عاطل عن العمل، فهو غير موظف يعتمد على العمل الحر بشماعات الليمون والحمضيات، التي توقفت حالياً من دون وجود أي مواسم زراعية لمتابعة العمل بها.
شوربة العدس مع قليل من الهندباء والخبيزة، هذا ما جهزته “حلا” على مائدة الإفطار، إضافة لبعض الخضراوات الورقية مثل البصل الأخضر، تقول: «الله يديمها نعمة».
يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام، بظل أزمة معيشية اشتدت على عموم السوريين، بالتزامن مع انخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء وتحكّم شركات الحوالات بالسعر الذي انخفض لأكثر من 30% خسرها السوريون المستفيدون من حوالات أبنائهم وأقاربهم.

خسارة اجتماع العائلة
منذ الصباح الباكر عايدت “لميس” 45 عاماً والداها معتذرة منهما بأنها لن تستطيع أداء الطقوس المعتادة هذا العام، ولن تتشارك وإياهما الإفطار الأول في رمضان كما درجت العادة، متذرعة بأجور المواصلات رغم أنها تبعد عنهما مسافة 20 كم فقط.
توضح “لميس”: «عائلتي مؤلفة من زوج وطفلين، نحتاج أجور مواصلات للوصول إلى قريتنا في حرف الهوا بريف اللاذقية، إلى 23500 ليرة لكل واحد فينا، أي 94 ألف ليرة أجور مواصلات فقط، ولا أستطيع الذهاب بيد فارغة لذا قررت التخلي عن الفكرة».
وتسبب ارتفاع أجور المواصلات لعدة أضعاف بأعباء كبيرة على الأهالي، سواء على الموظفين أو الطلاب، وكما يبدو فإنها تؤثر على العلاقات الاجتماعية والطقوس المتعارف عليها في الأعياد والمناسبات.
الجمل بليرة وما في ليرة!
وأعلنت العديد من المحال التجارية عن عروض بمناسبة الشهر الفضيل، وفي جولة لـ”سناك سوري” على أسواق اللاذقية مثلاً، فإن سعر كيلو لحم العجل يتراوح بين 90 إلى 115 ألف ليرة، والخروف 130 ألف ليرة، والدجاج الحي 27 ألف ليرة، كيلو الأرز بين 9 إلى 13 ألف ليرة، والسكر 8000 ليرة.
والبندورة بين 3000 إلى 4500 ليرة، والبطاطا بين 2500 إلى 5000 ليرة، والموز الصومالي 13 ألف ليرة، والتفاح 11 ألف ليرة، ومع ذلك ورغم انخفاض الأسعار بشكل كبير مقارنة برمضان الفائت إلا أن القدرة الشرائية تراجعت كثيراً، تحقيقاً لمبدأ “الجمل بليرة ومافي ليرة”.