رحيل رياض الترك .. ابن العم الذي غادر الشيوعية بحثاً عن الديمقراطية
اعتقل 18 عاماً .. تحالف مع الإخوان لمحاربة السلطة وقضى في باريس
رحل يوم أمس الاثنين الأول من كانون الثاني 2024 المعارض السوري البارز “رياض الترك” عن عمر يناهز 93 عاماً.
سناك سوري _ دمشق
وولد “الترك” في “حمص” عام 1930 لكنه فارق الحياة في “باريس” بعيداً عن بلده التي غادرها إبان الحرب التي اندلعت عام 2011. رغم دعمه للاحتجاجات المناهضة للسلطات السورية.
الطفل الذي نشأ في دار للأيتام درس في كلية الحقوق وانطلق منها في حقل السياسة. ولم يتجاوز الثانية والعشرين من العمر حين اعتقل للمرة الأولى في عهد “أديب الشيشكلي” لمدة طالت 5 أشهر تعرض إثرها للتعذيب.
لكن هذه التجربة لم تردعه عن مواصلة العمل السياسي. فقد انتمى منذ 1950 للحزب الشيوعي السوري. وعاش حياة النضال السري في أزمنه عدة كان فيها الحزب ممنوعاً من النشاط العلني.
المعارض الأحمر كان عرضة للاعتقال مرة أخرى عام 1960 جراء معارضته للوحدة السورية المصرية. وانتقد بشدة ما جاء به الرئيس “جمال عبد الناصر” من أساليب قمعية وأجهزة أمنية إلى “سوريا”.
وبينما استلم حزب “البعث” زمام السلطة عام 1963 فإن “الترك” كان في مقدمة معارضيه. بينما كان أمين عام الحزب الشيوعي “خالد بكداش” ينضم لـ”الجبهة الوطنية التقدمية” التي قادها “البعث” عام 1972. الأمر الذي عارضه “الترك” ودفعه لشق صفوف الحزب وتشكيل جناح عرف باسم “الحزب الشيوعي السوري -المكتب السياسي”.
مع اندلاع المواجهات المسلحة بين جماعة “الإخوان المسلمين” والحكومة السورية في العام 1980. أعرب “الترك” وحزبه عن معارضتهم لطريقة إدارة السلطة للصراع ومعارضتهم لها. ما أدى لاعتقاله مجدداً. حيث أمضى 18 عاماً في السجن لم تنتهٍ قبل أيار 1998.
حمل “الترك” إثر تلك التجربة لقب “مانديلا سوريا” لكنه ظل يفضل لقب “ابن العم” الذي يناديه به المقربون منه. وظلّ مصرّاً على معارضة السلطة بعد خروجه من السجن. فيما أدت تصريحاته ومحاضراته في منتديات المجتمع المدني مع ظهور “ربيع دمشق” إلى إعادة اعتقاله مرة أخرى عام 2001. وقضت محكمة أمن الدولة العليا بسجنة لعامين ونصف بتهمة معاداة الدستور وإثارة الفتن.
إلا أن “الترك” وتحت وطأة ظروفه الصحية خرج من السجن في تشرين الثاني 2002. بينما راح يسجّل اسمه كأبرز الموقعين على إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي عام 2005. وهو العام الذي شهد تبدلاً جوهرياً في أفكار “الترك” الذي فضّل الانعتاق من الشيوعية من أجل الديمقراطية. وتنحى عن منصبه كأمين عام للحزب الشيوعي المكتب السياسي. إذ تبدّل اسمه إلى حزب “الشعب الديمقراطي”.
وكما كان متوقعاً فقد كان “الترك” أبرز مؤيدي التظاهرات المعارضة عام 2011. إلا أن رهانه عليها خاب مجدداً حيث عاد بعد 9 سنوات ليقول في تصريح تلفزيوني أن المعارضة السورية فشلت في تحقيق أهدافها.
يعتبر كثير من المعارضين السوريين الراحل “رياض الترك” أيقونة في العمل السياسي المعارض في “سوريا”. بينما يأخذ عليه آخرون تبديل توجّهه من اليسار الشيوعي إلى ليبرالية ديمقراطية. وقبوله بالتحالف مع “الإخوان المسلمين” في إعلان “دمشق” للتغيير الديمقراطي. وتسببه بشكل أو بآخر بشق صفوف الحزب الشيوعي السوري. وفشل رهاناته على “إسقاط” السلطة ورفض الحوار معها.