تنامى الحراك المدني في درعا منذ اندلاع الحرب في البلاد. وتنامت معه الجهود الحثيثة للعب دور تنموي مدني وسياسي لتغطية الحاجات الانسانية المتزايدة . فطالب بمحاسبة الحكم القائم وضرورة تطبيق العدالة الانتقالية عبر صياغة عقد اجتماعي جديد يرسخ قيم المواطنة من خلال خلق تصورات لحكم رشيد تكون مؤسسات المجتمع المدني جزءاً أساسياً في صياغته .
سناك سوري – شاهر جوهر
كما والأهم من ذلك. ساهمت مؤسسات الحراك المدني هذه في رفد المجالس المحلية وهيئات المعارضة التمثيلية في درعا بالخبرة. وذلك من خلال إقامة عدة دورات تدريبية وتنموية للأعضاء في تلك الأجهزة. فضلاً عن تقديم الدعم المادي والتعاون والتنسيق في كثير من المراحل مع مجلس المحافظة والمجالس المحلية الفرعية في تقديم الخدمات للأهالي.
لكن و بالرغم من تلك الخدمات التي حققتها هذه المؤسسات. فإنها قد شذّت عن القاعدة العامة لنشأة وتشكيل المؤسسات المدنية القائمة على المقومات الأساسية لتشكيلها. حيث لاتزال العضوية في غالبيتها تستند إلى ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﻭﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻮﻻﺀﺍﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ. ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﺸﻴﺮﺓ والقبيلة.
فنتيجة الأوضاع الانسانية السيئة التي خلفتها الحرب وما لحق بالجميع جراءها من ويلات التشرد والجوع والضياع التعليمي والثقافي. تحتم على تلك المنظمات أن تتحول من ميدان للتنافس الثقافي والفكري الى ساحة للصراع النفعي. إذ نشطت تلك المنظمات في القرى الواقعة خارج سيطرة الحكومة. وأخذت تعمل في مجال الاغاثة والصحة والتعليم والإيواء. وشيئاً فشيئاً ومع إمتداد الأزمة وتعمقها. أخذت تسعى للجانب الربحي الشخصي. وبات يتم اختراقها من قبل أجهزة المخابرات العربية والعالمية. وذلك بحكم الفوضى الدائرة في البلاد في حالة تذكرنا بالمنظمات غير الحكومية التي انتشرت في العراق إبان الاحتلال الامريكي لها عام 2003 .
اقرأ أيضأً: درعا: هجوم على عناصر شرطة مكلفين بحراسة مركز امتحاني
يأخذ التدخل شكلاً أساسياً يتمثل في تلقي منظمات المجتمع المدني أموالاً من الخارج. فمعظم مشاريع هذه المنظمات هي ممولة خارجياً. والجهة الممولة هي التي تفرض أجندتها على مؤسسات المجتمع المدني ولا تراعي احتياجات منطقتنا من حيث أهمية المواضيع الواجب تمويلها أو أولويتها. على العكس تماماً فمعظم عناوين التمويل الأجنبي هي خارج العرف والعادة التي يحياها المجتمع .
في العموم نشأت في درعا منذ بداية العام 2012 وحتى اليوم عشرات المنظمات المدنية . البعض منها يغطي الداخل من خلال ممارسة عمله من الخارج . والبعض الآخر تم تشكيله في الداخل من قبل نشطاء مدنيين . ورغم ذلك ليس هناك مسح دقيق لعدد المؤسسات المدنية في درعا اليوم . فكل يوم قد تتشكل من قبل ناشطين منظمة جديدة أو تزول أخرى لأسباب ذاتية محلية قد تتعلق بالبيئة الأمنية والعسكرية أو بضعف التمويل أو قلة الخبرة .
و من خلال المتابعة والرصد تم توثيق عمل 88 منظمة حراك مدني تبنت برامج مختلفة تلائم الواقع الاجتماعي الجديد من خلال دعم الاحتياجات الانسانية للمنكوبين في درعا وخارجها أحياناً .
أخذت المنظمات في درعا أشكالاً مختلفة يمكن إدراجها ضمن مجموعتين أساسيتين من حيث طبيعة ومجال العمل ونطاق العضوية فيها . والتي هي في غالبيتها تتفاوت في التصنيف ضمن هذين المجموعتين عبر عدة برامج أهمها :
اقرأ أيضاً: درعا… الغلاء يدفع السكان لشراء لحوم مجهولة المصدر
– برامج الدعم النفسي: لإعادة تأهيل الاطفال نفسياً لمرحلة ما بعد الحرب وخلق برامج وقدرات تعليمية وتكوين مدارس للأطفال في المناطق المحاصرة والمنكوبة وترميم البنى التحتية التعليمية. مثال ما تقوم به منظمة ( غصن زيتون ومنظمة بسمة للارتقاء والدعم النفسي).
– برامج الإغاثة : لدعم النازحين والمتضررين في الداخل وفي مخيمات اللجوء من صحة وغذاء وتعليم وغيرها . (منظمة” أورانتيس” إحدى أهم المنظمات العاملة ليس في درعا فقط إنما في الجنوب السوري ككل ).
– برامج الإعلام والنشر : وينحصر مجال عملها في رصد ومتابعة الأعمال العسكرية والمدنية في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة وتسليط الضوء عليها إعلامياً . ( مؤسسة نبأ الاعلامية – مؤسسة شاهد ).
– الحركات الاجتماعية وشبكات الحملات : هي الروابط الشعبية والحرة التي تضم أناساً تجمعهم تجارب مشتركة مثل التجمعات و الإتحادات النسائية وغيرها.
– النقابات : وهي منظمات متخصصة تضم فئات معينة من الأشخاص المشتركين بنفس المهنة مثل (نقابة المعلمين ونقابة المحامين الاحرار).
اقرأ أيضأً: درعا: فوج الإطفاء ينقذ كلباً حوصر 5 أيام في قبو بناء سكني
– الجمعيات الأهلية الخيرية : تقدم مساعدات خيرية من صدقات وتبرعات وهبات وهي تتأسس على البعد الديني ولها برامج دينية واضحة وليس لها طموح سياسي.
– ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ الثقافية : تتمثل أساساً في مراكز الفكر والبحث والاحصاء وهذه المراكز أطر نخبوية متقدمة في البحث (مركز جولان للدراسات والابحاث).
جدير بالذكر أنه تنامى بشكل مضطرد مؤخراً الحديث عن دور المجتمع المدني في مسارات الحل السياسي. وضرورة توحيد عمل هذه المنظمات. لهذا السبب سارعت المنظمات المدنية في درعا للدخول في تشاركية مدنية وسياسية مع المنظمات الأخرى العاملة على الأرض في شكل اتحادات مدنية لتنظيم عملها وتحقيق أهدافها في المناطق الخارجة عن سلطة النظام.