الرئيسيةرأي وتحليل

فقاعة دبي – أيهم محمود

“دبي الحلم” ماذا لو حدث الكابوس؟

سناك سوري-أيهم محمود

انقسام الأسبوع الماضي كان حول مسبار الأمل، هل ستنقذ الرحلة إلى المريخ شعوب المنطقة من قدرها؟، وهل تعلّم السوريون درسهم من الحرب الأخيرة، أم هم مستعدون لتكرار أسبابها وتكرار نتائجها، يمتد تاريخ السوريين لأكثر من ٧٠٠٠ آلاف عام فهل فهموا دروس التاريخ؟.

دبي الحلم، حلم الفراشات الجميلة المسحورة بالضوء، تقترب وتقترب إلى أن تصبح أجنحتها ملامسةً للهب النار، لا تستطيع الفراشات الصراخ لتنقذ بقية أفراد جنسها، لذلك تحترق بصمت وتموت بصمت، دون أن يتحول موتها المأساوي إلى درسٍ ينقذ النوع وينقذ رفاق الرحلات المتتالية إلى الحلم المميت، هكذا هي دبي وهكذا هي أحلام السوريين بها.

ليس الأمر حكماً عاطفياً شخصياً لذلك لم أستمر في الجدل مع معجبيها وآثرت العودة إلى البيانات الرسمية للدولة نفسها، كل المعلومات الإحصائية الواردة في هذا النص مستقاة من موقع البوابة الرسمية لحكومة الإمارات العربية المتحدة، وقبل الخوض في تفاصيلها لنذكر تاريخ المدن السورية القديمة التي نشاهد آثارها الآن فقد كانت من قبل مدناً مزدهرة امتد نفوذها أحياناً إلى مناطق شاسعة، قبل أن تذوي وتندثر لأسباب بيئية، أو لتغير خرائط وطرق التجارة، أو نتيجةً لتزايد تناقضاتها التاريخية وانهيارها من الداخل، أو لأنها ببساطة كانت جميلة جداً لكنها لم تستطع كسر أضراس من يحاول افتراسها، فهل تملك دبي الحلم الذي حاول بعض السوريين تقليده قبل انفجار الأزمة حقاً مقومات البقاء؟.

اقرأ أيضاً: أمّة الماضي يَقتُلها وتَقتُلنا- أيهم محمود

ورد في إحصائيات الموقع الرسمي لدولة الامارات:

“وفقاً للمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، بلغ العدد الإجمالي لسكان دولة الإمارات من مواطنين ووافدين: مقيمين9,304,277  نسمة عام 2017 مقارنة بـ 9,121,167 نسمة عام 2016. وللعلم فإن عدد الذكور يفوق عدد الإناث.

نسبة الذكور: 6,415,942 (2017) مقارنة بـ 6,298,294  (2016)، ونسبة الإناث: 2,888,335 (2017)  مقارنة بـ 2,822,873 (2016).

يوجد حوالي أكثر من 200 جنسية تقيم وتعمل في دولة الإمارات. كما إن عدد الوافدين والمقيمين في دولة الإمارات يتجاوز عدد سكانها من المواطنين، وتعتبر الجالية الهندية من أكبر المجتمعات الوافدة المقيمة في الدولة، يليها الجالية الباكستانية، والبنغالية، وغيرها من الجنسيات الآسيوية، والأوروبية، والأفريقية.

العدد الإجمالي للسكان من المواطنين (وفقاً لتقدير عام 2010): 947,997، الذكور:479,109، الإناث :468,888.

عدد السكان من الوافدين المقيمين في الدولة (وفقاً لتقدير عام 2010): 7,316,073، الذكور من المقيمين:5,682,711، الإناث من المقيمات:1,633,362”.

اقرأ أيضاً: القضاء على الشهامة – أيهم محمود

هذه المعلومات البسيطة تشير بوضوح إلى عدة نقاط أولها الفجوة الهائلة بين عدد الذكور والإناث والتي تشير إلى مجتمع عمل لا روح فيه، الأمر الثاني هو نسبة الوافدين إلى نسبة عدد السكان أصحاب البلاد، النسبة الأولى تشير إلى وجود مؤقت للنسبة الثانية، أيّ اضطراب اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي بسيط في دولة الإمارات يحمل مخاطر هائلة تتعلق بنزيف خبرات صاعق يحول معظم المدن إلى مساحات فارغة لا حياة فيها أو يجعل القوة والسيطرة في أيدي الوافدين بسبب تفوقهم عددياً على سكان البلاد الأصليين.

بعض السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي ولأسباب مختلفة تتراوح بين الموقف السياسي وبين الخيبة من الحالة السورية الراهنة، بالغوا في إظهار عظمة مسبار الأمل الذي تعاونت على إنجازه عدة جامعات عالمية إضافة إلى دولة الإمارات، هذا أمر خطير، ليس لأسباب وطنية بل لأن إخوتنا في هذا البلد مازالوا مستعدين للاحتراق بأوهام مختلفة كما صورة الفراشات في بداية النص وبلا أي أمل في التعلم من دروس الاحتراق السوري الذي عنوانه الرئيسي الركون إلى الدعايات والتصورات الخاطئة دون الاعتماد على بيانات حقيقية ودراسة دقيقة للوقائع التي حاولت جهات سورية مختلفة تغطيتها وإخفاءها.

إن كان العراق لم يتعافّ حتى الآن من نزيف الخبرات وأصبح يستقدم خبرات خارجية والسوريون يعرفون هذه الحقيقة جيداً، لأن قسماً منهم يعمل فيه، سوريا ينتظرها مصير مشابه إن طالت الحرب أكثر من اللازم وهذا هو السبب الأساسي للمماطلات الدولية في إنهائها فهم يريدون تدمير شعب وتدمير حضارة.

اقرأ أيضاً: دعوة لتدريس الشطرنج كمادة إلزامية بالمدارس – أيهم محمود

سوريا التي لم تعجب مؤخراً فراشاتنا المنجذبة إلى الضوء المميت لفكرة دبي مازالت حتى في وجعها وخرابها تستطيع إنتاج الخبرات وهذا ما نحاول الحفاظ عليه حتى في ظل نزيفهم الهائل نحو كل بقاع الأرض، دبي تواجه مشاكل هائلة مع اقتراب عصر نضوب النفط وعدم قدرة البيئة الجغرافية على استيعاب هذه الطفرة الهائلة في تزايدها السكاني، دبي خلية عسل تم تصميمها بعناية وهندسة دقيقة لتجميع المال من كل دول العالم ثم جنيه بضربات متلاحقة كما يفعل الإنسان مع مجتمع النحل.

صمدت سوريا عبر التاريخ بسبب ذات مأساتها الحالية: “تنوعها واختلافها”، سقطت في الماضي مدن سورية كثيرة لأنها لم تستطع التكيف مع التغيرات السياسية والاقتصادية والبيئة لكن التنوع البيئي والسكاني سمح دائما بصعود قوى جديدة من بين الخراب والانطلاق مرةً أخرى، أتحدث بالتأكيد هنا عن سوريا الطبيعية لا سوريا سايكس-بيكو.

إن بقي حلم بناء الحجر لا البشر مرافقاً للسوريين فهذا يعني إعادة إنتاج الأزمة مرات ومرات، قد يطول عذاب السوريين إلى أن يفيقوا من أوهام دبي التي نرى براعمها في بعض المشاريع العقارية في سوريا، لا يمكن فهم حركة الدول إن حصرنا رؤيتنا له في مساحات زمنية صغيرة، نحن السوريين لا عذر لنا في هذه النقطة فلدينا تاريخ مكتوب يتجاوز آلاف السنوات، لا رحمة لمن لا يقرأ، ولا رحمة حتماً لمن يرفض القراءة عمداً.

اقرأ أيضاً: الهجوم السياسي من بوابة الجنس – أيهم محمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى