الرئيسيةتقاريرعلمهم بمحبة

الوصول إلى مدارس “المتفوقين”.. الحلم الذي يدفع للمزيد من التميز الدراسي

ماذا تعرف عن مدارس المتفوقين.. وفيما لو اتيحت ذات الظروف لباقي الطلاب هل كانوا ليتفوقوا؟!

سناك سوري – رهان حبيب

ينتظر “علاء” معلمته على باب المدرسة ليسألها عن تنسيبه إلى مدرسة المتفوقين الذي فصلته علامتان فقط عن التسجيل فيها، ويعبر لها عن حزنه الشديد وأسرته لأنه لم يكن أحد المسجلين فيها.

“علاء” ابن الصف السادس في محافظة “السويداء”، لم يحصل على علامة القبول في مقابلة السبر المطلوبة مع أن معدله يخوله التسجيل في المدرسة.

تشرح مدرسة الطالب “عبير زهر الدين” الموقف في حديثها لـ”سناك سوري”: «انتظرني عدة مرات، ليسألني عن الطريقة التي تكفل له الانتساب للمدرسة، ونصحته أن لديه فرصة في عام قادم ليحصل على علامات متقدمة، تمكنه من الانتساب كما يتمنى، حديث طالبي المُجِّد أعتبره أحد المحفزات التي تؤكد أهمية مدرسة المتفوقين بالنسبة لطلابنا، ولماذا تحولت المدرسة إلى حلم محفز لعمل أكثر لهذا الطالب وغيره».

إطلاق تسمية التفوق على مدرستين تخصصت بقبول الطلاب المتفوقين، تجربة أطلقت منذ قرابة عقد ونصف في المحافظة، بات فيها للطالب المتفوق مدرسته الخاصة، كنوع من التكريم والتحفيز بحسب ما يفسره المجتمع، وللتربية والتعليم أسباب ودواعي، وللإرشاد النفسي رؤية أخرى نحاول مناقشتها من خلال أسئلة حاولنا طرحها على اختصاصيين وكوادر تعليمية تمارس عملها في هذه المدارس.

أرقام لها معنى

سجلت مدرسة المتفوقين الأولى في “السويداء” نسبة نجاح كاملة بين المسجلين فيها الذين تفوق منهم 57 طالباً، سجل منهم 50 بالسنة الطبية التحضيرية والباقي للهندسة المدنية.

زياد شيا

نسبة طبيعية 100% برأي مدير المدرسة “زياد شيا” الذي يرى أن العبرة في التفوق وليس في النجاح مضيفاً في حديثه لـ”سناك سوري”: «طلاب مدارس المتفوقين يحصدون النسبة الأكبر في السنة التحضيرية للعلوم الطبية، ولدينا أسماء لمعت كانت على مقاعد هذه المدرسة، وهنا تكون مدارس المتفوقين حققت غايتها من حيث رعاية الفروق الفردية بين الطلاب وتجميع المتفوقين كعامل تحفيز وتطوير لطاقاتهم المتقدمة ورعايتها».

الطالب المتفوق محفز للمعلم

تستقبل مدارس المتفوقين 120 طالباً كل عام في المدرستين للمرحلة الإعدادية والثانوية لطلاب حصلوا على 90 بالمئة من العلامة التامة، بعد عملية سبر دقيقة تقوم بها المدرسة.

وفق رؤية “شيا” فإن رعاية المتفوقين ليست بتخصيص أو تمييز هذه المدرسة بكوادر تدريسية على حساب المدارس الأخرى، لأن توزيع الملاك يتم وفق حاجة المدارس، لكن الانضمام للكوادر التدريسية لمدارس المتفوقين يرتبط بقدرة المعلم، فإن امتلك القدرة على مجاراة مجموعة النخبة من الطلاب، فإنه تجاوز امتحاناً أخطر من امتحان قبول الطالب لهذه المدرسة.

يضيف: «المعلم الكفؤ يستمر، لأنه قادر على تقديم الأفضل لطلابه وقادر على الإجابة على أسئلتهم، لفارق بسيط أن الوقت المخصص لاستدراك الطالب الضعيف في غير مدارس يستثمر في شعب المتفوقين بالإثراء للموضوع والمناقشة، ولنتخيل مدرساً أمام 30 طالب ممن تقترب مستويات علاماتهم من العلامة التامة، يتنافسون على جزء من العلامة ونادرا ما تجد بينهم طاقات أقل من هذا المستوى، فهل ستكون أفكار الدرس عابرة على هذا الكم من نخبة الطلاب؟».

“وضاح شقير” مدرس الرياضيات في مدارس المتفوقين يؤكد أن الفكرة المقدمة لا تستهلك الكثير من الوقت بالعرض كون الطالب متابع، ولديه تحضير سابق يختلف عن غير مدارس، لذا الشرح مرة واحدة ووقت المناقشة أطول لأفكار إضافية جديدة، يضيف: «غالبا ما أضطر لشرح أفكار للعاشر ترتبط بمناهج الحادي عشر والبكالوريا هنا الطلاب المتفوقون يدرسون ذات المناهج لكن حالة التفاعل الطلابي أعلى بشهادة معظم مدرسي هذه المدارس».

اقرأ أيضاً: سوريا: ثانوية ريفية تحقق نسبة نجاح 100% بينما تغرق مدارس الريف بالأزمات

التفوق سيف ذو حدين

رغم أهمية توافر المستوى المتقدم لمدارس المتفوقين لكن هناك رؤية ينقلها بعض الموجهين تقول إن حصر الكفاءات من طلبة ومدرسين شكل رافعة للطلاب والمدرسين الذين انتسبوا لهذه المدارس لكنه في ذات الوقت حرم المدارس الأخرى من طلاب كان تفوقهم محفز للطالب الجيد والمتوسط.

يقول موجه متقاعد حديثا معلقاً على هذه المدارس: «لا ننكر نجاح مدارس المتفوقين لكن ما المانع من جعل كل المدارس بيئة خصبة للتفوق تبدأ من الكوادر التدريسية والإدارية إلى الطالب وهو محط الاهتمام».

في الوقت الذي يؤكد به “منذر الشوفي” وهو مدرس مادة الجغرافيا في مدارس المتفوقين أن منطق التميز مكافأة للطالب لكن في مجال التعليم لا مبرر له فدعم العملية التعليمية والمعلم مطلوب لتكون كل مدرسة بغض النظر عن الموقع الجغرافي مؤهلة لتخريج طلاب متفوقين.

امتحان المتفوقين على قدر أهل العزم

على ذات المقلب فإن أسئلة الامتحان تجاري التفوق الذي يقتضي امتحاناً عالي المستوى، لنسجل ثاني الفوارق بينها وبين المدارس الأخرى، من حيث صعوبة الأسئلة ودقتها.

تقول “لينا مقلد” طالبة حادي عشر علمي في مدرسة المتفوقين: «نتلقى المناهج بطريقة جيدة جداً فيها جهد مميز من أساتذتنا لكننا في ذات الوقت كطلاب نجتاز امتحانات عميقة، ومعقدة لأننا متفوقون وعليه من الطبيعي أن نتعرض لاختبارات قوية تدعم المستوى المتقدم الذي وصل إليه الطالب، أتصور أنه الدافع المحفز الأكبر في هذه المدارس التي أعتقد أنها حققت حالة تميز ونجاح من خلال تجربتي من الصف السابع ولتاريخه».

هل حقاً تفوقت مدارس المتفوقين؟

سمير البني

ترى جمعية “خطوة للإرشاد الأسري والنفسي” أن هناك طلاباً يستحقون التفوق وتقديم الدعم اللازم لهم، ولكن مدارس المتفوقين أحيانا لا تلبى طموحاتهم لأنها لا تتميز عن باقي المدارس إلا بحصص الإثراء والامكانيات.

يقول “سمير البني” المرشد النفسي ورئيس الجمعية لـ”سناك سوري” إن «هناك طلاب متفوقون أكثر في المدارس الأخرى تفوقوا بشكل صحي دون الدخول في ماراتون السباق للتفوق، وغالباً الأوائل في المحافظة من القرى البعيدة تبعاً لاهتمام الأهل والطالب نفسه، ولا يوجد فرق كبير بين نتائج مدارس المتفوقين وبين المدارس العادية إلا بالاهتمام من قبل التربية وتقديم كل الامكانيات لها والاهتمام بها واختيار بعض المدرسين الكفء ليكونوا فيها».

يضيف: «عدد المدارس قليل بالنسبة للمتفوقين على مستوى المحافظة، وكثير من الطلاب يحرموا من الذهاب اليها بسبب سكنهم في الريف البعيد ما يمنعهم من الدوام اليومي فيها، بالتالي فقد وجدت مدارس لكن لم تتوافر فرص ولوجها لكل المتفوقين».

هذا الرأي تقاربه آراء أخرى لعدد من المهتمين تتساءل عن سبب جمع النخب في مدرستين في الوقت الذي أفرغت به المدارس من المتفوقين، وهذا الفعل مؤثر على مستوى المدرسة بشكل عام.

اقرأ أيضاً:  “دروس المتابعة” تقضي على عملية التعلم.. حشو صباحي ومسائي وتلقين ببغائي

ابني في مدرسة المتفوقين

يكفي بعض الامهات أن يقلن “ابني مسجل بمدرسة المتفوقين” فقد أصبح الموضوع بالنسبة لشريحة لايستهان بها وسيلة للمفاخرة بين العائلات التي انشغل بعضها عن التعليم بقضايا المظاهر.

هذا خطر كبير على مفهوم مدارس المتفوقين بحد ذاته وعلى الأسرة والطالب، يقول المرشد النفسي “سمير البني” إن بعض الطلاب يشعرون بالتمييز في المجتمع وبين رفاقهم بالانتساب للمدرسة، مضيفاً أن التفوق يلبي طموحاتهم ويحققها ما يشعرهم بالفخر والسعادة والارتياح وبعضهم يخلق عندهم روح التحدي وإثبات الذات وهو ما يجعله في سباق يرهق نفسه بالمنافسة، والغيرة من قبل زملائهم، هذه بعض أثار التنافس بين الطلاب أصبحت ظاهرة للتمييز بين الطلاب في المدارس وبين طبقات المجتمع، يضيف: «لا أنكر أننا تعاملنا مع بعض طلاب شعروا كأنهم في عالم آخر».

سؤال مفتوح

كان لافتاً أن استمرار التفوق في الفرع العلمي ضمن مدارس المتفوقين بعكس الفرع الأدبي الذي سجل معدلات أدنى، لكن حالة السباق الماراتوني بين الطلاب تبقى مثار جدل بين من يفضل عدم جمع النخب وبين من يرى في التعليم بعد ركنه الأول عدالة وتكافؤ الفرص في الحصول على مدرسة ومدرس كفؤ وإدارة مؤهلة.

مع أي الخيارين أنتم أعزائنا القراء؟ مدارس المتفوقين، أم توزيع المتفوقين على المدارس؟

اقرأ أيضاً: سوريا: مدرسون كتبوا الدروس على دفاتر التلاميذ عندما لم يكن هناك “سبورة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى