قبل الانتخابات تمتلئ الساحات بالصور والشعارات، ماذا بعد ذلك؟ كيف يمكن محاسبة النائب عن وعوده.. استبيان حول أداء مجلس الشعب أجراه “سناك سوري” وهذه هي النتيجة!
سناك سوري – سناء علي
ثلاث سنوات مرت على الدور التشريعي الثاني لمجلس الشعب الحالي، وبقيت سنة واحدة، ما يعني أنه يمكن للمواطن تقييم عمل النواب ومقارنته بوعودهم التي تعهدوا بها أمام الشعب خلال حملاتهم الانتخابية.
لا شك أن التقييم لن يكون موضوعياً بنسبة كبيرة، لأنه سينظر للنتائج بخواتيمها، وهي غير جيدة بطبيعة الحال، لأسباب يطول شرحها، ولكن السبب الأكبر لعدم إمكانية إجراء ذلك التقييم يعود لعدم القدرة على معرفة ما يدور في أروقة المجلس، وعدم حصول المواطن على معلومات دقيقة حول أداء النواب المفترض أنه انتخبهم، ما يجعل السؤال يعلو: هل التقصير في أداء النواب أم في إيصال صورة عن هذا الأداء إلى المواطن أم الاثنين معاً؟.
ولأن المواطن هو المعني الأول والأخير بتقييم عمل المجلس، قد توجه موقع “سناك سوري” إليه باستبيان من عدة أسئلة حول تقييم أداء المجلس، والتغطية الإعلامية للجلسات، وأفضل الوسائل الممكن اسخدامها لنقل أخبار المجلس إلى الشعب، ونتائج هذا الاستبيان ليست بالضرورة هي الأرقام النهائية علماً أنها شملت عدة محافظات لكنها تعطي مؤشرات تقريبية حول الواقع.
نتائج الاستبيان
40.2% من الذين شاركوا بالاستبيان انتخبوا ممثلين عنهم في المجلس في الانتخابات الأخيرة، فيما لم يشارك 59.8% ممن التقيناهم في تلك الانتخابات، بينما قال 61% أنهم لا يعرفون أسماء النواب في محافظاتهم، مقابل 39% يعرفون أسماء ممثليهم في المجلس.
وحول متابعة أخبار المجلس وما يدور في أروقته، فقد جاءت النسبة متفاوتة بشكل كبير لصالح أولئك الذين لا يتابعون المجلس بواقع 70%، مقابل 30% فقط أكدوا أنهم من المتابعين لما يدور داخل البرلمان، في حين تساوت تقريباً النسبة بين من يهتمون بالاطلاع على أداء نواب مناطقهم في هذا الدور التشريعي تحديداً بـ 48.8%، وبين غير المهتمين بذلك أبداً بـ 51.2%.
وفي سؤال عن سبب المتابعة أو عدمها، عبر معظم الذين قالوا بأنهم لايتابعون أخبار المجلس، عن يأسهم من تحسن أدائه، وعدم قدرته على التأثير في قرارات الحكومة وابتعاده عن هموم الشعب وتحوله لتابع للسلطة التنفيذية، بينما انتقد آخرون العملية الانتخابية برمتها، باعتبار أن أسماء النواب تم تعيينها مسبقاً وليس انتخابها، في حين شكّل غياب جلسات المجلس عن البث عبر وسائل الإعلام المختلفة سبباً لإحجام البعض عن المتابعة، إذ أن الجلسات لا تنقل على القنوات التلفزيونية، ولا أحد يعرف ما يدور فيها، وتكتفي وسائل الإعلام ببث ملخص عن الجلسة، فيما لا يمكن التأكد من المعلومات القليلة التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: سوريا: النواب النساء ضعف الحضور في الإعلام أم في المجلس؟
أما من أجاب بـ “نعم” فقد كان عمل بعضهم يتطلب ذلك، وخاصة في مجال الصحافة، في حين قال البعض إنه مهتم بمعرفة أداء الأعضاء، إضافة لارتباط عمل المجلس بالشأن العام وبالحياة اليومية للمواطن، وخاصة الخدمات العامة والرواتب، ولأنه رأس السلطة التشريعية بصرف النظر عن أداء النواب، بينما جاءت إجابة واحدة فقط تشير لثقة صاحبها بالمجلس.
وفيما يخص تقييم أداء المجلس، رأى 61% من المشاركين أنه سيء، فيما ذهب 32.9% إلى أنه ليس بإمكانه أن يفعل أكثر مما يقوم به حالياً، في حين اعتبر 6.1% أن العمل جيد، وجاءت معظم الآراء لتحمل المجلس نفسه مسؤولية التقصير بواقع 89%، مقابل 11% من المشاركين حملوا مسؤولية التقصير لوسائل الإعلام المكلفة بتغطية نشاط المجلس.
ضرورة بث الجلسات
وفي سؤال عن أفضل الوسائل التي تتيح معرفة معلومات دقيقة عما يجري في الجلسات، اختار 46.3% بث الجلسات على القنوات التفلزيونية، مقابل 23.2% ذهبوا باتجاه إنشاء قناة خاصة للمجلس على موقع “اليوتيوب” وبث جلساته عليها، في حين رأي 12.2% أن المتابعة عبر “الفيسبوك” هي الأفضل.
ورأى آخرون أن الأمر يحتاج جميع هذه الوسائل مع بعضها، مع ضرورة تواصل النواب مع الناخبين بشكل دائم عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، مع مطالبة وسائل الإعلام بتخصيص برامج وزوايا دائمة تتيح فرصة التواصل بين النواب والمواطنين، بينما اعتبرت أكثر من إجابة أن مشاهدة آثار العمل على أرض الواقع هو الوسيلة الأفضل.
إذاً يبدو أن التغطية الإعلامية الحالية لأعمال المجلس غير كافية، حيث تكتفي قنوات التلفزيون الرسمية بملخص بسيط بزمن محدود، يتحدث بشكل عام عن موضوع الجلسة، وإجمال عام لمعظم المداخلات، مع بعض المقابلات السريعة، وكذلك تفعل الصحافة المكتوبة الرسمية نفس الشي، حيث “غالباً” ما يتم تبني تقرير وكالة “سانا” الذي يأتي بنفس الإطار العام.
بينما تختلف تغطية بعض الصحف الخاصة مثل “الوطن” عن سابقاتها بذكر بعض المداخلات المهمة بأسماء أصحابها، وهو الأمر الذي اشتكى النواب أنفسهم منه في إحدى الجلسات التي خصصوها للواقع الإعلامي الخاص بالمجلس، معتبرين أن أداءهم جيد، وأن التقصير هو في نقل هذا الأداء للمواطن.
وحول مراقبة أداء النواب، اعتبر 72% أن المواطن يجب أن يراقب أداء مرشحه الذي انتخبه، فيما أشار 28% لعدم مسؤوليته عن ذلك، مقابل 82.9% اعتبروا أن مسؤولية النائب تقتضي بالوصول للمواطن أسوة بما كان يفعله أثناء الحملات الانتخابية، في حين رأى 17.1% أنه غير مسؤول عن هذا الأمر.
من المفيد هنا الإشارة لتجربة بعض النواب الذين حولوا صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى منبر إعلامي، يطلع من خلاله المواطنون على مداخلات النائب ومطالباته، إضافة للحديث عن أداء المجلس بشكل عام، ولعل أبرز هؤلاء كانت تجربة النائب “نبيل صالح” على صفحته الشخصية في الفيسبوك الذي نشر من خلالها العديد من كواليس الجلسات، وتحدث عن مشاريع القوانين التي تتم مناقشتها، إضافة لمداخلاته، والمضايقات التي تعرض لها، وآخرها كان باتهامه بانتهاك خصوصية المجلس من خلال تجربته تلك.
اقرأ أيضاً: نائب سوري يهاجم مشروع قانون لوزارة الأوقاف برعاية حكومة خميس العلمانية
الأمر الذي يدعو للتساؤل هو تبني الإعلام الخاص بالمجلس لتغطية وسائل الإعلام الحكومية للجلسات، والذي قد يكون مفهوم نوعاً ما، أن تسوق تغطيتها بما يخدم الحكومة، بما يساهم في الإبقاء على النظرة السلبية تجاه المجلس بكونه خاضع للسلطة التنفيذية، بدلاً من العكس بحسب الدستور، حيث تنقل الصفحة الرسمية الخاصة بالمجلس على الفيسبوك مقاطع من تغطية القنوات الرسمية، فضلاً عن تأخرها الكبير في نشر أخبار المجلس حتى الروتينية منها، كما حصل في خبر إعادة انتخاب المجلس الذي تناقلته عدة صفحات، دون أن يظهر عليها، إلا إذا كانت تعتبر أنه خبر غير مهم ولا حاجة لتخصيصه بمنشور على الأقل.
موقع المجلس لا يروي الظمأ
لا يختلف الأمر عند الحديث عن الموقع الالكتروني للمجلس والذي لا يروي ظمأ من يتصفحونه بقصد الاطلاع على تفاصيل الجلسات، على قلة هؤلاء، إذا بلغت نسبة المتابعين للموقع وصفحات المجلس على وسائل التواصل الاجتماعي 28% فقط، مقابل 72% لا تفعل ذلك في الاستبيان ذاته.
وفي ختام الاستبيان أجاب 72% أنهم مهتمون بالاطلاع على تقارير توضح مالذي يفعله النواب المحليون (نواب محافظاتهم ومناطقهم)، وهو مؤشر مهم جداً لناحية اهتمامهم بالتأثير القريب وبمحلياتهم بشكل أساسي، على اعتبار أن النواب معنيون بالدرجة الأولى بالمناطق التي انتخبوا عنها، إضافة لعنايتهم بالجانب الوطني ككل.
يبدو واضحاً سوء العلاقة بين المجلس والشعب، لكن من الضروري الغوص في التفاصيل ودراسة أسباب السوء بشكل معمق من أجل استعادة المؤسسة التشريعية لدورها وحضورها ومعرفة نقاط ضعفها وقوتها، فالصورة السلبية للمجلس عند الناس مؤشر خطير جداً، وهي أبعد من عمل المجلس بعد الانتخابات لتصل إلى آلية وصول النواب إلى مقاعد البرلمان.
اقرأ أيضاً: مجلس الشعب يصحو في آخر أيامه و ينتفض ضد الحكومة !