الرئيسيةتنمويرأي وتحليل

اللاجئون كشرط تنموي – مازن بلال

الاكتفاء الذاتي المحلي 3.. مازن بلال

سناك سوري-مازن بلال

تضع الدول إطارا تنمويا عاما يتبع غالبا المسار الدولي لتحقيق النمو، وفي الحالات الطبيعية فإن البنك الدولي يفرض شروطه لتمويل عمليات التنمية، ويبحث عن معدلات نمو لا تحقق بالضرورة ارتقاء في الاقتصاد أو المستوى الاجتماعي، إنما تخلق شكلا من التكامل مع السوق الدولية، وتدفع الدولة للدخول بدائرة التجارة العالمية، فالتنمية إجمالا مصممة للدول المتعثرة أو تلك البعيدة عن دائرة المنظمات الدولية، وصعود هذا المصطلح كان واضحا في تسعينيات القرن الماضي، وذلك بعد انهيار النموذج السوفييتي، وبالتأكيد فإن مسائل التنمية أبعد من هذا الحدث لأنها تعود أساسا لمحاولات نمذجة الاقتصاد وفق شكل يخدم السوق الدولي.

يقدم الوصف السابق الواقع الذي يمكن أن نبني عليه مسألة الاكتفاء الذاتي المحلي، حيث تبدو الخيارات محدودة والاستحقاقات أكبر من ممكنات تدخل الدولة، وفي مثل هذا الواقع فإن عملية التوازن مع شروط المؤسسات الدولية تبدو مستحيلة دون رسم مسار يستند بقوة إلى المجتمع بالدرجة الأولى، فالتجربة السورية اليوم يمكنها أن تقدم مقياسها الخاص في ظل عدم القدرة على فك الحصار، والدفع نحو التخلص من نتائج الحرب، فمسألة الاكتفاء الذاتي المحلي تبدو إطارا وطنيا ومحليا في آن.

على المستوى العام لا بد من مواجهة النقص الحاد بالطاقة على سبيل المثال، ولا بد أيضا من دفع المناطق “المنكوبة” للعودة إلى الحياة الطبيعية، وعلى المستوى المحلي فإن المجتمعات المحلية هي وحدها من سيقوم بهذه المواجهة من خلال علاقات انتاجية مختلفة.

اقرأ أيضاً: الاكتفاء الذاتي المحلي 2… ثنائية الاكتفاء والتنمية

إن التنمية التي يتطلبها الاكتفاء الذاتي المحلي تحتاج بالدرجة الأولى لإدراك أن تشظي المجتمع السوري ما بين لاجئ ونازح أو مقيم في الداخل، لا يلغي نوعية العلاقة بين هذه الأطراف، فالشتات السوري يتحول في كثير من الأحيان إلى فائض قيمة إذا تم الاعتراف بالحالة الاعتبارية للمواطن على اختلاف مكان تواجده، فالسوريون في الداخل لا يحتاجون فقط إلى حالات التكافل الموجود حاليا عبر التحويلات المالية، بل أيضا إلى تغيير في السلوك المتعلق بالجغرافية السورية لأنها للجميع وليس حكرا على من بقي في الوطن.

ضمن هذا المنطق علينا النظر إلى مسائل التنمية وبناء الاكتفاء الذاتي، فأي عملية لا تأخذ بعين الاعتبار الممكنات الموجودة في الخارج والداخل بشكل مترابط لا يمكنها القيام بتطور ملحوظ، وتنظيم العلاقة بين الشتات والمجتمعات المحلية هي الأساس لاكتفاء ذاتي قادر على بناء تنمية وطنية، وهذا التحول في الموقف ما بين الداخل والخارج ضروري لأنه يسقط الكثير من الشروط المفروضة على دفع عملية البناء، ويحول عملية التكافل إلى مستوى أرقى يتضمن سلوكيات جديدة ليس غرضها عودة اللاجئين فقط بل انخراطهم في التنمية وهم في مناطق اللجوء.

اقرأ أيضاً: الاكتفاء الذاتي المحلي (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى