الرئيسيةيوميات مواطن

القمل.. الشعرة التي قصمت ظهر البعير

أوقفتُ البحث عن المستقبل وبتّ أبحث عن قملة في رأس طفلتي

أنا السورية الخارجة من كل هذا الجحيم، والتي تخوض كل يوم ألف معركة حرفياً، هزمتني “قملة” لا يتجاوز طولها المليمترات القليلة جداً. والتي حين رأيتها في شعر رأس طفلتي الصغيرة شعرت بأن نهاية العالم قد حلّت بالفعل ولا سبيل سوى للانتحار.

سناك سوري-تعاني من الرهاب

أعاني من رهاب القمل، لكني لم أكن أعتقد أن تجربتي معه ستكون كارثية لهذه الدرجة، للدرجة التي تدفعني للبكاء ومحاولة إخفاء دموعي عن طفلتي. التي لا همّ لها سوى “ياماما لا تقصيلي شعري”. بعد سماعها نصائح المقربين بضرورة قصه.

تقول المعلمة إن موجة قمل قوية تجتاح المدارس حالياً، ولا يستطيعون التصرف إزاءها إلا بمساعدة من الأهل. لا سبيل لعلاج هذا الكائن الطفيلي الجديد في حياتنا سوى بالصبر الذي خبّرناه جيداً وحفظناه غيباً وبصمناه حدّ الحلم به ليلاً.

فقدت التركيز بالكامل لم أعد قادرة على التركيز حتى في عملي، أنتظر طفلتي لتصل من المدرسة ونبدأ بتطبيق الشامبو الخاص بعلاج الطفيلي. القادم إلينا من بين المصطفين لنيل العلم بنظام 3 في المقعد الواحد لقلة المقاعد في المدرسة.

مقالات ذات صلة

ينتهي الشامبو لتبدأ عملية التمشيط، واكتشاف عشرات الطفيليات الصغيرة شبه المتهالكة، ولماذا على الشامبو أن يكون فعالاً جداً وسط حياتنا المغشوشة.

تنتهي لتبدأ رحلة البحث عن البيوض وقتلها ثم سحبها من الشعر، تتأوه طفلتي وتشتكي وجع رقبتها، ألاطفها وأدعوها للصبر بينما تحترق فقراتي حرفياً. ولا أجرؤ حتى على البوح لها. ولا حتى إخبارها أني أموت من التفكير بأنه من الممكن أن يكون انتقل إلى رأسي.

أنتهي منها لأبدأ تطبيق الخطوات ذاتها مع رأسي، وكأن مافيه من قملٍ داخلي لا يكفيه، لا أجد شيئاً لكني أشعر بشيء مريب. يقتلني الشك لكني لا أملك إجابة واضحة، أستعين بشقيقتي تخبرني بأنه لا يوجد فيه قمل، لكني مرتابة لا أصدق لا أستطيع أن أصدق.

يا إلهي لماذا علينا أن نعاني حتى من القمل، لماذا عليّ أن أعيش هذه التجربة لوحدي كما عشت كل ابتلاء آخر في هذه الحياة. أنا فعلاً أريد أن أنهار أحتاج هذا الترف، دعوني وشأني أريد أن أموت.

تتقاذفني تلك الأفكار ليلاً قبل النوم، ثم أستفيق منها على صوت داخلي يقول لي أحضري المصباح وابحثي في شعر طفلتك عن تلك الطفيليات. واهزميها كأي عدو خارجي أو داخلي تواجهينه كل يوم في هذه البلاد. وادرك أن هزيمتها لن تكون بالشعارات وشحذ الهمم بل بالعمل حقاً.

أستجيب للنداء، أجثو على ركبتي بالقرب من سريرها، أشغل المصباح فلا اعتماد على الكهرباء وأبدأ البحث، لقد تخليت عن بحثي عن المستقبل وبت أبحث عن قملة. القملة التي قصمت ظهر البعير، البعير الذي هو أنا.

اقرأ أيضاً: بغياب المياه الساخنة.. انتشار القمل بين الطلاب ببعض المدارس

زر الذهاب إلى الأعلى