الفروة.. لباس الراعي الذي أورثه لشيخ القبيلة
الفروة تراث الجزيرة السورية.. ترتديها وتتنقل بمدفأة كاملة.. الرعيان أول من اكتشفها وصنعها
سناك سوري-عبد العظيم العبد الله
لا يستطيع الراعي “غسان حسين” التخلي عن فروته طوال فصل الشتاء، تلازمه خلال ساعات عمله في البرية مع مهنته التي يشتغل بها وحيداً في قريته بريف اليعربية بمحافظة “الحسكة”، فالبرد القارس في تلك البرية لا يهزمه سوى الفرو.
“حسين” اختار مهنة أحبها ويمارسها منذ 16 عاماً، تلك الأعوام هي أيضاً عمر الفروة التي يرتديها، يضيف لـ”سناك سوري”: «نخرج قبل طلوع الشمس للمراعي في البرية، نسير مسافات بعيدة، تحت البرد القارس والمطر، كذلك الأمر في المساء عند العودة، لذا أنا وكل راعي نحتاج لفروة، يجب أن يكون صوفها مضاعفاً، ليكون الدفء مضاعفاً، الفروة جزء مهم بحياتي طوال فصل الشتاء، أنام معها وأكل وأشرب وأخرج لكل مكان وأنا أرتديها».
تعمل أسر عديدة في الجزيرة السورية بصناعة الفروة التي تتواجد في غالبية منازل المنطقة، فهي تعوض عن مدفأة كاملة، وفق ما ذكره “محمد سعيد” أحد أقدم الأشخاص الذين يعملون في صناعة الفروة بمدينة “القامشلي”، والذي توارث مهنة صناعتها من والده وقبله جده.
يضيف “سعيد” 49 عاماً: «أول من ارتدى الفروة كان الراعي، فمن شدة البرد، قام بابتكارها وصنعها منذ زمن بعيد، بعد ذلك انتقل ارتداء الفروة إلى شيخ العشيرة، الذي كانت تتميز فروته بإضافة قطعة قماش خارجية والفرو يصبح بطانة داخلية».
اقرأ أيضاً: الراعي دبلوماسي ناجح.. متمرس جداً في سياسة القطيع!
مع مرور الزمن، بات الرعيان يتوجهون إلى الخياط لحياكة الفروة بطريقة متقنة أكثر، كما يقول “سعيد”، مضيفاً لـ”سناك سوري”: «ينزع الصوف من الدابة (الغنم أو الماعز) تنظف وتقص وتنشف بشكل جيد بعد نزع الصوف عن الجلد، ثن يتم تفصيل القماش، وبعدها مرحلة التخريج (عبارة عن خيوط مربوطة مع بعضها لتكون سميكة)، ومن ثم يتم قص البطانة الداخلية للفروة، ثم يتم كوي القماش، وبعدها تتم الخياطة مع الصوف أو الجلد، طبعاً تستغرق العملية 3 ساعات، وتكون جاهزة بشكل كامل، كلها نوع واحد، لكن لها موديلات متعددة وعلى الأغلب لها مقاسات معينة خاصة بالطول فقط المقاس الأول الطول 125 متر، والثاني 130 متر، والثالث الطول 135 متر، والرابع 140 متر، وأخر المقاسات الطول 145 متر».
حتى الفروة التي تعتبر أحد أهم أركان التراث السوري في الجزيرة السورية واكبت التطورات، وأصبح هناك نوع جديد يعرف بالفروة الصناعية التي تصنع من الأقمشة من دون استخدام فراء الحيوانات، كما يقول “سعيد”، ويضيف: «سُميت بالفروة كونها تصنع من الصوف والفرو، أو تسمى بالكردي “الكرك” نسبة إلى الحيوانات التي تقوم بتدفئة مولودها».
“الكرك الإيزيدي” أحد أهم أنواع الفروة، الذي يكتسب شهرة واسعة، كونه يتميز بجمالية يمنحه إياها اللون الأبيض، ويصنع من جلد الخروف حصراً، يضيف “سعيد”: «تنحصر أنواع القماش المستخدمة في صناعة الفروة بالأقمشة، الهندية، الانكليزية، الايطالية، وتصل إلينا من خلال تجار حلب ودمشق بشكل خاص، طبعاً الفروة لها نوعان: الأول عبارة عن قماش وصوف، والثاني الحوراني قماش وجلد».
يذكر أن الاسم الأول الذي حملته الفروة كان “الكرك” ومن ثم وضع أبناء المنطقة لها تسميات عدة، منها الفروة، الحوراني، العباية وغيرها من التسميات.
اقرأ أيضاً: الأفران الحجرية.. حين ترث فرن والدك وجدك وتملأ المكان خبزاً