كانت أهمية مؤونة الشنكليش فيما مضى تعادل أهمية مؤونة المكدوس. قبل أن يطيح الغلاء بكلا النوعين المحببين في مائدة الإفطار. لدى كثير من العوائل السورية خصوصاً في محافظتي حمص وحماة الأكثر شهرة بصناعته.
سناك سوري _ ناديا المير وحلا منصور
نديم الكأس، وصديق الطلاب في سكنهم الجامعي، والمادة التي كان البعض يتأفف من وجودها بشكل دائم على إفطار كل يوم. بات اليوم حلماً بعيد المنال بعد وصول سعر الكيلو الواحد منه لأكثر من 80 ألف ليرة.
الشراء بالقرص
لم يكن منزل “علا مصطفى”٣٢ عاماً الممرضة بأحد المشافي الحكومية في حماة. يخلو من الشنكليش، سواء بتحضيره ضمن منزلهم أو شراء كميات منه وتخزينها.
تشير السيدة لسناك سوري أنهم وقبل عامين كانوا يحضرون كميات تكفيهم لمدة عام كامل، أما الآن ونتيجة الأسعار المرتفعة الحالية. فإنهم عاجزون عن تجهيزه و شرائه واقتصر على حاجتهم له وشراء قرص او اثنين من السوبر ماركت.
بدورها أجبرت الظروف الاقتصادية الراهنة عائلة “عبير” من مدينة “حمص” تقليل كميّة مؤونة الشنكليش. وصناعته منزلياً لكونه أقل كلفة من الشراء. وتضيف: «نحن عيلة من 6 أشخاص، وكلنا منحب الشنكليش. ومناكله بعدة طرق، اليوم صرنا نلجأ لحلول بديلة أرخص». وذلك من خلال شراء قريشة مسحوبة الدسم، وهي أقل ثمناً من القريشة كاملة الدسم.
بالإماكن تناول الشنكليش مع زيت الزيتون، أو مع الزبدة العربية. أو إضافة البصل والبندورة إليه. كذلك إضافته للبيض المقلي.
الهدية الغالية
مايزال الشنكليش هدية جميلة لكثير من الأشخاص في سوريا. فـ”منى” 54 عاماً التي تنحدر من طرطوس ومنذ زواجها قبل سنين طويلة وسكنها في حمص. فإن أخوتها دائماً يوصونها أن تحضر لهم الطبق المحبب.
ارتفاع التكاليف
تتراوح كلفة تحضير كيلو واحد من الشنكليش بين 30 إلى 35 ألف ليرة. كما يقول “قاسم”، صاحب محل لبيع الألبان والأجبان بريف “حماة”. ويضيف لـ”سناك سوري”، أن سعر الكيلو من القريشة بين 25 إلى 30 ألف. وبحال أضيفت إليها بهارات الفلفل الأحمر والشمرا وحبة البركة ترتفع 5000 ليرة لكل كيلو. لافتاً أنه لتحضير 5 كيلو من المادة نحتاج لمبلغ بين 150 إلى 175 ألف ليرة.
ويبلغ سعر كيلو القريشة أو السوركة الجاهزة للأكل بين 40 إلى 45 ألف ليرة. بينما يتراوح سعر كيلو الشنكليش بين 50 وحتى 80 ألف ليرة. بحسب سعر اللبن وجودته وكمية الدسم فيه.
أما العام الفائت، فلم تكن كلفة صناعة كيلو الشنكليش تتجاوز الـ10 آلاف ليرة. وكان يباع بسعر حده الأعلى 18 ألف ليرة في حماة.
يبلغ سعر كيلو القريشة أو السوركة الجاهزة للأكل بين 40 إلى 45 ألف ليرة. بينما يتراوح سعر كيلو الشنكليش بين 50 وحتى 80 ألف ليرة.
طريقة صناعة الشنكليش
يشرح “محمد اليوسف”( 58 ) عاماً لسناك سوري صاحب معمل ألبان وأجبان في مدينة “حمص” منذ أكثر من عشرين عاماً. طريقة صناعته التي تبدأ بوضع اللبن في الخضاضات المخصصة ويتم فيها فصل الزبدة عن اللبن مسحوب الدسم، والمستخدم كمادة أساسية لصنع القريشة، ويضاف له الملح ويُغلى جيداً، ليصبح ما يسمى بقريشة اللبن.
«نترك قريشة اللبن لتبرد، ومن ثمّ تصفّى بواسطة قماشة قطنية، ليذهب منها الماء، وتبقى القريشة التي تُكبس. لمدة تتراوح بين 24 إلى 48 ساعة لضمان خلّوها من الماء». يواصل “اليوسف” حديثه لسناك سوري حول تحضير الشنكليش.
ويلفت البائع في الخطوة اللاحقة تُضاف المُطيّبات إلى القريشة، وهي حسب الرغبة تتنوع بين فليفلة حمراء، وشمرا، وحبّة سوداء. لتكوّر فيما بعد ويضاف له الزعتر البري.
وفي هذه الحالة يؤكل قبل تعريضه للشمس، واسمه “سوركي”، أما الشنكليش فهو ناتج تعريض القريشة لحرارة الشمس. لمدة تصل إلى يومين في حال كانت الحرارة عالية. ثم يتم حفظه في مرطبانات بعيداً عن الضوء. وغالباً يبقى شهرين حتى يلين ويتشكل العفن خارجه، ويصبح جاهزاً للأكل.
حركة المبيع العامة
بعد أن كان الشنكليش واحد من المواد الأساسية الموجودة في كل منزل تقريباً، يتحسر “اليوسف” على ما آلت إليه أحوال محبيه الآن.
ويتابع «اليوم الناس تشتري الشنكليش بالقرص أو القرصين، لعدم قدرتها على دفع ثمن الكيلو الذي وصل إلى 75 ألف. والناس بدها تاكل بالنهاية»، الرأي الذي شاركه به “أبو علاء” عندما تحدث عن شراء الناس لكميات قليلة جداً مقارنة بما سبق.
ويمتاز الشنكليش برائحة نفّاذة جداً، تجعل كُثر ينفرون منه، فهو ذلك النوع من الطعام الذي لا حلول وسط معه. إما أن تحبه وتدمنه أو تبتعد عنه دون أن تتذوقه بسبب الرائحة.
