الرئيسيةرأي وتحليل

الحاجات الأساسية تهدد بانهيار الإجراءات الاحترازية…. المال أو الانسان؟

كورونا.. تراخي الإجراءات الاحترازية .. خطر يهدد حياة المواطن وسلامة الدولة

سناك سوري – بلال سليطين

يشهد العالم اليوم تحدٍ حقيقي يسببه فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية منه، فقد وضعت الدول وبالطبع المواطنين أمام تهديدين الأول على الإنسان والثاني على الاقتصاد الذي يؤثر على الإنسان.

فإغلاق المنشآت والمحال وتعليق الأعمال أدى لانعكاسات اقتصادية ومعيشية على المواطنين في العالم والذين تعطلت أعمالهم وتوقفت مصادر دخلهم، ما استدعا تدخل هذه الدول لمساعدة المواطنين ووضع خطة اقتصادية واضحة ومعلنة ورصد الميزانيات وووإلخ، كما أن هناك دول أصلاً لديها منظومة رعاية اجتماعية قوية ومتينة ومنظمة وهي تدخلت على الفور للدعم المالي للفئات المتضررة فمثلاً هناك دول لايحتاج المواطن (كبار السن) للخروج من المنزل لتأمين احتياجاته وإنما تصله إلى بيته حفاظاً على سلامته.
هذه الإجراءات الاقتصادية المتعبة في العديد من دول العالم ساهمت في الحفاظ على التزام الناس في منازلهم من أجل سلامتهم، ناهيكم عن القيمة العليا التي تمثلها حياة الإنسان، بالنسبة للدولة والإنسان نفسه، وهذا لايمنع الاستثناءات لكن الحالة العامة تقول أن حياة الإنسان هي أغلى من كل شيء آخر.

اقرأ أيضاً: مقابر جماعية ومئات آلاف الضحايا بكورونا.. استرونا وخليكون بالبيت

في سوريا نواجه اليوم نفس المشكلة، حيث اتخذت الدولة السورية إجراءات احترازية استثنائية واستباقية ساهمت إلى حد كبير في استيعاب خطر انتشار وباء كورونا الذي يهدد العالم ولم يحدث في سوريا كما حصل في دول عظمى مثل أميركا وفرنسا وحتى الصين، وبالتالي حققت الدولة نجاحاً كبيراً في الحفاظ على حياة الناس وتجنيبهم خطر الإصابة بالفيروس من خلال الإبقاء على أكبر نسبة ممكنة منهم في منازلهم.
لكن المشكلة في سوريا اليوم أن الناس باتت تعيش صراعاً حقيقياً خصوصاً العمال المياومون بين الحفاظ على سلامتهم وتأمين احتياجاتهم، فإذا كانت الحياة هي أسمى قيمة انسانية على الإطلاق، فإن الطعام والشراب هما أول احتياج في هرم ماسلو لحاجات الإنسان الذي لا يمكنه أن يعيش من دون تأمينهم.

تأمين الاحتياجات الأساسية من طعام وشراب بات هاجساً حقيقياً لدى المواطنين وهو يتسبب بتراجع التزامهم تدريجياً بالإجراءات الاحترازية في وقت مازال الخطر فيه حاضراً بسوريا، فنحن لم نتجنب الكارثة بعد، وأي تراخي من الممكن أن يؤدي لتدمير كل النجاح الذي تم تحقيقه باستيعاب الانتشار فنحن نتحدث اليوم عن 29 إصابة مسجلة فقط، وانهيار الإجراءات من الممكن أن يجعلها في غضون 10 أيام 2900 إصابة ولنا في تجارب عالمية مثل أميركا إيطاليا فرنسا تراخت في التعامل مع الفيروس كيف أدى ذلك إلى انتشاره ومئات آلاف الإصابات وعشرات آلاف الضحايا.

اقرأ أيضاً: علي.. شاب سوري شفي من كورونا يوجه رسالة للسوريين

في الأثناء يتم الحديث عن خيار مناعة القطيع (أي أن يترك الفيروس ينتشر ويصاب الناس به ويشفون منه ويصبح لديهم مناعة)، وهذا إجراء غير وارد في سوريا، فنحن نتحدث عن منظومة صحية تمتلك 1000 سرير مخصص للمصابين بالفيروس، وهذا يعني أنه اذا اصيب 1200 شخص مثلاً فإن الـ 200 شخص ليس لهم منفسة وبالتالي سيموتون فكيف اذا أصيب 10000 آلاف واحتاجوا منافس، سنكون أمام خسائر بشرية لا تقدر بثمن خصوصاً أن الأمر لا يتوقف على المنافس وإنما يمتد للأدوية والعزل وشروطه .. إلخ.
إن هذا الواقع يفرض علينا العودة للإجراءات الاحترازية وإدارتها بما يضمن بقاء أكبر عدد ممكن من الناس في منازلهم، وأن يلتزم من يخرجون من هذه المنازل بالإجراءات الاحترازية كافة ويراعوا كل معايير السلامة، وأي خرق بمعايير السلامة سيهدد حياة الشخص المستهتر وحياة أسرته، لذلك فإن خوفنا هنا يحمينا من خلال دفعه لنا لاتخاذ الإجراءات الاحترازية وتنبيه من لا يتخذها أو على الأقل إبعاده عنا ومنعه من التعامل معنا (لا حرج في ذلك، فالحياة أغلى من المجاملات).
حسب منحى تصاعد الإصابات في معظم دول العالم نستطيع القول أن سوريا لم تنجُ بعد وأن الخطر يتربص بها بشدة، وإمكانية الانتشار ماتزال واردة جداً وقرار الحكومة تمديد الإجراءات إلى 2 أيار يعكس تقديرها للواقع وحساسيته، وبالتالي فإن علينا الحفاظ على بقاء الناس في منازلهم من خلال تشجيعهم على ذلك.
تشجيع الناس يحتاج محفزات، فلا يمكننا القول لمواطن لا يستطيع تأمين قوت أسرته ابقَ في المنزل ولا تخرج، لابد من تأمين هذه الاحتياجات له، وهذا يتطلب اليوم قبل الغد تقديم تعويضات مالية للناس تحافظ على ثباتهم في منازلهم، والاستفادة من كل المصادر المتاحة في توفير التمويل اللازم لتنفيذ ذلك.

اقرأ أيضاً: كورونا ألغى حفلات عيد الأم والمعلم وخسائر كبيرة لمنشآت سياحية

إن أهم مورد حالياً يمكن توفيره عن طريق وزارة الأوقاف والمتمثل بأموال الزكاة على اعتبار أننا مقبلون على شهر رمضان وفي هذا الشهر يكون هناك حافز كبير لدى الناس للتبرع، إضافة للتأمينات الاجتماعية، الجمعيات والمجتمع المدني، والحكومة، إضافة لوضع خطة اقتصادية واضحة المعالم من شأنها التنشيط ضمن قواعد السلامة.
بلا شك إن إحصاء المستحقين للدعم سيكون أكبر مشكلة نواجهها، وهذا يدفعنا للتذكير بأهمية الإدارة المحلية ودورها في هذه الظروف، فالمجالس المحلية كان من الممكن أن تلعب دورين في هذا الاتجاه أن تؤسس صناديق دعم في كل مجلس يتاح للمتبرعين المنح من خلاله وتقوم هي بتوزيع أموال هذا الصندوق على المتضررين، وأن تحصي بيانات المياومين والمتضررين من الإجراءات الاحترازية، وبتقديري الشخصي رغم كل المشكلات التي تعانيها المجالس المحلية منها من تشكيلها أو ووصلها للسلطة إلى التغول على سلطاتها إلا أنها ماتزال قادرة على لعب دور، يضاف إلى ذلك ضرورة إعادة النظر بمفهوم التأمين وتغيير العمل به ليكون حقيقياً وشاملاً ويضمن إشراك كل عامل فيه.
إننا أمام خيارين مؤلمين أن نحافظ على حياة الإنسان وسلامته، أو أن يخاطر هذه الإنسان بسلامته وسلامة عائلته لتأمين المال لشراء احتياجات عائلته!

اقرأ أيضاً: كورونا… ضرائب وإيجارات وتكاليف مالية مرهقة على أكتاف المتعطلين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى